تمكين المرأة ينقذ العالم من براثن الفقر

مؤشر الخميس ٢٤/أغسطس/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص

مسقط –
يؤكد رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونج كيم أن صعوبة حصول المؤسسات الصغيرة التي تديرها النساء على التمويل اللازم، يشكل أحد أكبر المعوقات التي تحد النمو في بعض الدول.

وقال كيم في تدوينة نشرها على موقع البنك الدولي: «في عالم الأعمال، ما زالت مشاركة المرأة وتأثيرها لا ترقى إلى هذا المستوى، وذلك على حساب الجميع»، معتبراً أن أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو ضعف إمكانية الحصول على التمويل. «فعلى الصعيد العالمي، تمثل الكيانات المملوكة للنساء أكثر من 30 % من الشركات المسجلة رسميا. ولكن في البلدان النامية، فإن 70 % من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تملكها النساء إما أنها لا تستطيع الوصول إلى المؤسسات المالية أو لا تستطيع الحصول على رأس المال الذي تحتاجه».

مفارقات عدةويضيف: «في حين أن 65 % من الرجال كان لديهم حساب مصرفي عام 2014، فإن 58 % فقط من النساء لديهن حساب بفارق 7 نقاط مئوية. أما في البلدان النامية، فإن الفجوة بين الجنسين تزيد عن ذلك 9 نقاط مئوية، ومع ذلك، تتوافر الشواهد التي تثبت أن دعم المشاركة الاقتصادية للمرأة يحقق أرباحا هائلة للأسرة والمجتمع والاقتصاد. فإذا توفرت للمرأة الفرص نفسها التي يتمتع بها الرجل في أسواق العمل، فإن اقتصاد بعض البلدان يمكن أن ينمو بنسبة تصل إلى 34 %. ويمكن أن يكون هناك عدد أكبر بكثير من منشآت الأعمال المملوكة للنساء، مع إيجاد المزيد من فرص العمل. وسنستطيع بلوغ هدفنا المتمثل في إنهاء الفقر المدقع بوتيرة أسرع».
ويبين رئيس مجموعة البنك الدولي أن العالم بحاجة إلى تضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المتعددة الأطراف -بما في ذلك مجموعة البنك الدولي- لسد الفجوة بين الجنسين في التمويل وتسريع النمو الاقتصادي المستدام، مشيداً بإطلاق مبادرة تمنح من بليون دولار لتمويل منشآت الأعمال المملوكة للنساء في البلدان النامية، والذي تم خلال اجتماع قمة العشرين في ألمانيا.
وتشكل مبادرة تمويل رائدات الأعمال (We-Fi) أداة عالمية رئيسية لزيادة فرص الحصول على رأس المال. وسوف تستثمر في المشاريع والبرامج التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء حول العالم. وفي الوقت نفسه ستتيح الشبكة لنا العمل مع الحكومات لتحسين القوانين واللوائح التي تعيق رائدات الأعمال، وسوف تستفيد من العمل مع الشركاء من القطاعين العام والخاص.

دور التكنولوجيا

ويقول كيم: «تساعدنا التكنولوجيا الجديدة في التغلب على مشكلة قديمة تواجهها العديد من النساء، وهي تقديم الضمانات. إذ تستند الضمانات عموما إلى الأصول العقارية، لكن يصعب بوجه خاص على النساء توفيرها لأنهن في كثير من الأحيان لا تُسجل أسماءهن على سندات ملكية الأصول. ونعمل مع شركة أنت فينانشيال Ant Financial في الصين على أول برنامج لتمويل المرأة على شبكة الإنترنت يبحث في بيانات معاملات المرأة وبيانات سلوكها لتقييم جدارتها الائتمانية بدلا من المطالبة بالأوراق المالية والأصول -كالمباني أو المخزونات- كضمانات للقروض».

ويوضح كيم أن هناك اختباراً للتكنولوجيا المالية وأثرها يتم في أثيوبيا، وذلك باستخدام اختبارات على أجهزة الكمبيوتر اللوحية تتيح التنبؤ باحتمالات سداد المقترضة القرض. إذا كان هذا النوع من الابتكار يمكن أن ينجح في أماكن مختلفة مثل الصين وأثيوبيا، فلا يوجد سبب يجعله يفشل مكان آخر. موضحا أن هناك توجهاً لتكرار التجربة ذلك في بلدان أخرى.
التعلم من التجاربوعن نتائج تجربة أثيوبيا يقول كيم: «وجدنا أن العديد من رائدات الأعمال عالقات في «الوسط المفقود»، إذ كانت القروض التي يحتجن إليها كبيرة جدا للتمويل الأصغر، لكنها صغيرة جدا للبنوك التقليدية. لذلك ساعدنا المقرضين في مجال التمويل الأصغر على التوسع، والبنوك التجارية على خفض حجم قروضها. واليوم، فإنها تمنح على نحو مستدام ما بين مليونين و4 ملايين دولار شهريا لرائدات الأعمال التي لم يكن لديها في السابق إمكانية الحصول على الائتمان. لقد نجحنا في تحقيق الدروس المستفادة في أثيوبيا إلى أندونيسيا، والعمل مع الحكومة لمساعدة رائدات الأعمال على الوصول إلى رأس المال لبدء النشاط التجاري أو التوسع فيه». مؤكداً أنه من الضروري إيجاد حل لمسألة الضمانات وتحديد حجم القروض لتلائم رائدات الأعمال على نحو أفضل، ولكن ذلك لا يكفي. وتواجه المرأة طائفة من التحديات، مثل الوصول إلى تنمية المهارات والشبكات المختلفة، والمعايير الثقافية المقيّدة، والافتقار إلى الوقت المخصص للأعمال التجارية.وعن الحلول الممكنة يقول: «من أجل التغلب على بعض هذه القيود، أطلقنا تدريبا على المبادرة الشخصية في توجو، وهو بلد منخفض الدخل، واختبرنا كم يساعد على بناء السمات التي تمكن شخص ما من التفاعل بفعالية مع الآخرين، مثل الانطلاق الذاتي والمثابرة. ووجدنا أن التدريب على المبادرة الشخصية ساعد على زيادة أرباح المنشآت التجارية المملوكة للنساء بنسبة تصل إلى 40 % أي أكثر بكثير من التدريب الإداري التقليدي، واستنادا إلى ما تعلمناه في توجو، نقوم الآن بتصميم مشاريع لتنمية المهارات في المكسيك وموريتانيا وموزامبيق وأثيوبيا».
ويؤكد رئيس مجموعة البنك الدولي هناك العديد من التحديات. ولكن هناك أيضا العديد من الحلول لسد الثغرات الاقتصادية. «كل يوم، نحن نتعلم المزيد عما يعمل على زيادة فرص الحصول على التمويل، وإعادة توزيع أعمال الرعاية، وتسريع التقدم نحو تعميم الخدمات المالية، وتدريب رائدات الأعمال، ومساعدتهن على النفاذ إلى أسواق ذات قيمة أعلى».ويختتم كيم قائلاً: «إن التمكين الاقتصادي للمرأة مسألة أخلاقية، ولكنها مسألة اقتصادية حيوية أيضا. ونحن نعلم أنه مع الوصول إلى رأس المال والأسواق، تبدأ النساء الأعمال التجارية، وتنمو، وينمو الاقتصاد بأكمله. فلا يمكن لأي بلد أو منظمة أو اقتصاد أن يصل إلى كامل إمكاناته ويواجه تحديات القرن الحادي والعشرين دون المشاركة الكاملة المتكافئة للمرأة والرجل. ومن شأن تحقيق تقدم أسرع على هذه الجبهة أن يرفع الكثير من الناس من براثن الفقر».