علي بن راشد المطاعني
أصبح الحديث اليوم عن الإعلام المتخصص والاقتصادي على وجه التحديد ضرورة مهمة للارتقاء بالإعلام في أي دولة، وتقديم مادة إعلامية متخصصة سترغم المتلقي على تفضيل تلك القناة على أخرى وفي هذا فليتنافس المتنافسون.
هذه القاعدة تنسحب أيضا على الأطفال إذ نجدهم والريموت في أيديهم يبحثون عن قناة تلفزيونية تقدم لهم تلك المادة المتفردة، والتي لا نظير لها في القنوات الأخرى وهكذا دواليك.
ومصداقا لذلك قول المولى عز وجل في سورة الرعد الآية 17 {فأما الزبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}.
هذه فلسفة الإعلام المتخصص الذي يجب أن يكون قاعدة تنسحب على الجميع، الأمر الذي يجب أن نعيه في إستراتيجيتنا الإعلامية وخططنا المستقبلية، ونسخر له من الإمكانات ما يساعد في تنفيذ هذا النموذج الجديد.
هذا المتخصص أدركته قبلا المؤسسات الإعلامية الكبرى في العالم ، كالـ»بي بي سي»، و»سي إن إن» و»وكالة رويترز» وغيرها، وهيأت له من الإمكانات والمقومات ما يسهم في بناء هذا الجانب بشكل معمق، وأوجدت له المتخصصين في العديد من المجالات، ليضفي قيمة عالية وجرعة معتبرة من الثقافة يتجرعها المتلقي في جلسة واحدة بالهناء والشفاء وفي جميع ضروب المعارف سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية ورياضية... إلخ.
وهناك نماذج من الإعلام المتخصص في المجال الاقتصادي مثل برنامج رؤية اقتصادية الذي يكمل خمسة عشر عاما نتيجة نجاحه بإدارة الزميل عبد الله الشعيلي والبرنامج الإذاعي الملتقي الاقتصادي الذي يقدمه أحمد كشوب وغيرها من البرامج المتخصصة التي أصبحت تتابع من قبل المشاهدين والمستمعين، لذا فان تعزيز التخصصية في مجال الإعلام هو السبيل لكي تجد قنواتنا من يتابعها وتقدم مادة نوعية.
بالطبع الإعلام المتخصص يحتاج الإمكانات والكوادر المتخصصة التي تتعمق في مجالات العمل الإعلامي على اختلافها، إذا كانت المرحلة الفائتة كانت مرحلة تأسيسية عامة هدفت إلى تهيئة العديد من الجوانب الهادفة إلى بناء الوطن وترسيخ مؤسساته وشرح أبعاد التنمية في البلاد وغيرها من الجوانب التي أسهم الإعلام العُماني بشكل كبير في بلورة مفاهيمها، فقد حان الوقت للالتفات للإعلام المتخصص كأحد الخيارات للنهوض بالإعلام العماني سواء من خلال إنشاء قنوات متخصصة أو تعزيز البرامج المتخصصة في كل المجالات.
وعلى الجانب الآخر إذا كان الإعلام التنموي الذي ينطلق من الوزارات شابه القصور في التقديم والعرض والتخصص وركّز في أغلبه على الجوانب التوعوية والإنجازات بدون التعمق في إظهار دلالات العمل التنموي بقوالب إعلامية شيقة، فالوقت لم يفت على هذه الجهات لكي ترفد الإعلام المتخصص بعد أن تكونت لدى المسؤولين فيها قناعات بأهمية الإعلام المتخصص ودوره في بلورة اتجاهات إيجابية عن المسارات التنموية والاقتصادية.
الأمر الذي يتطلب تركيزا يرتقى بهذا الإعلام في المرحلة القادمة من جميع الجهات المعنية، وليس إلغاؤه أو القفز عليه بدواع غير واقعية تأخذنا إلى مسارات أخرى قد لا نصل إليها أيضًا أو نبتعد عن الأهداف التي يهدف إليها إعلامنا.
إن الإعلام العُماني يمر بمرحلة مفصلية دقيقة يواجه عبرها العديد من التحديات والصعوبات في المواءمة بين المستجدات والمتغيرات المجتمعية المتباينة والثوابت التي يجب أن نحافظ عليها كقيمة تعزز من مكانة إعلامنا محليا وإقليميا ودوليا.
نحن وواقعيا أمام متطلبات ملحة بشأن تطوير الإعلام التنموي من جانب الجهات الحكومية ليكون بمثابة النواة للإعلام المتخصص الذي نصبو إليه ليعكس بعض الجوانب المضيئة بشكل متطور ومتخصص وواقعي.