حديث ذكريات مع مواطنين عاصروا انبلاج فجر النهضة المباركة

بلادنا الأحد ٢٣/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
حديث ذكريات مع مواطنين عاصروا انبلاج فجر النهضة المباركة

أجرى اللقاء - صالح بن فايز الرواحي

في حديث ذكريات مع مواطنين عاصروا انبلاج فجر النهضة المباركة، قال المواطن علي بن حمد بن سيف الحضرمي من فلج المراغة بولاية سمائل: لقد شهدنا قبل عصر النهضة حياة صعبة ما اضطر معظم الأهالي السفر للخارج لطلب الرزق، في حين لم يكن عدد المنازل في قرية فلج المراغة التابعة لولاية سمائل يتعدى «18» منزلاً وليس فيها من طرق سوى تلك التي نسلكها عبر الجبال والأودية أو الطرق الوعرة، وإذا رغبنا في شراء احتياجاتنا من سوق سمائل فإننا نعقد النية للذهاب بعد صلاة الفجر مباشرة مشياً على الأقدام، والمواطن الذي يمتلك أموالاً كان لديه وسيلة نقل (جمل أو حمار) يركب عليه إلى السوق وتستغرق الرحلة حوالي (5) ساعات متواصلة حتى نصل إلى السوق والعودة كذلك نفس الزمن لنصل القرية بعد صلاة العشاء.

لقد كانت الحياة صعبة جداً ولا يوجد في السوق سوى الأرز والسكر والبهارات والقهوة ولا توجد فواكه كما نشهد اليوم إلا تلك الفواكه والخضروات القليلة التي تنتجها بعض مزارع المواطنين بالولاية، ولم نكن في ذلك الزمان نعرف فاكهة التفاح ولا البرتقال ولا المشمش ولا الكرز ولا غيرها من الفواكه المتوفرة الآن في الأسواق المحلية، وكان من النادر أن تجد مواطناً يمتلك شجرة برتقال أو نارنج (نوع من أنواع الليمون يعتبر شيئاً نادراً) وكنا نشتري تلك البضائع بثمن قليل يوازي المال الذي كان يتقاضاه المواطن آنذاك في ذلك الوقت.

الصحة ومنجزات النهضة

قبيل عصر النهضة لم تكن توجد خدمات صحية في الولاية بشكل عام، وقد افتتح زمن السلطان سعيد بن تيمور مستوصف صغير في حلة المرية بسفالة سمائل حيث كانت أبوابه مفتوحة من الصباح وحتى الظهر بعدها تغلق أبوابه ثم نقل المستوصف إلى حلة العجم وأصبح (مجمع الصحة العامة) إذ كان يؤدي خدماته الصحية، ولكن كنا نعاني صعوبة الوصول إليه وذلك لوعورة الطريق وعدم وجود وسيلة النقل المناسبة لنقل المريض، أما اليوم فقد امتدت يد النهضة المباركة إلى كل شبر من ولايات السلطنة وانتشرت مظلة الصحة في كل قرية من قرى الولاية تقدم خدماتها العلاجية بالمجان، وذلك بفضل مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-.

سجدت لله شكراً

لقد كنت موجوداً في القرية عندما تولى مولانا حضرة صاحب الجلالة -أبقاه الله- مقاليد الحكم في البلاد وسمعت النطق السامي، وأنا جالس في المزرعة «أجدّ» النخيل والمذياع أسفل النخلة موجه إلى قناة (بي بي سي) البريطانية ونزلت من النخلة وسجدت شكراً لله سبحانه وتعالى، فيما عمت الفرحة وأطلقت الأعيرة النارية، ودقت الطبول وتغنى المواطنون بالأهازيج الوطنية مستبشرين بالعهد الجديد وبخاصة عندما سمعوا النطق السامي بأنه (سوف يطل على عمان عهد جديد)، وقد لمسنا ذلك مباشرة، فقد افتتحت أول مدرسة بوادي بني رواحة باسم مدرسة عبدالله بن رواحة للبنين، ووصل عدد الطلاب بقرية فلج المراغة آنذاك إلى حوالي 17 طالباً يتم نقلهم بواسطة سيارة (بيد فورد) ذات الدفع الرباعي والسيارات اللاند روفر وغيرها من السيارات ذات الدفع الرباعي، وبدأ المواطنون يشعرون بأهمية العلم، وازداد توجه الحكومة في أهمية تعليم الشباب فازداد عدد الطلاب لتصبح المدرسة ذات كثافة طلابية، أما بالنسبة للفتاة فكانت محرومة من التعليم بسبب العادات والتقاليد التي تمنع الفتاة من الالتحاق بالمدارس، حتى اقتنع المواطنون بأهمية تعليم الفتاة، وافتتحت مدرسة بجانب مدرسة البنين تحت اسم مدرسة زينب بنت الرسول، وهكذا أصبح التعليم من المدرسة إلى رحاب جامعة السلطان قابوس. وهكذا توالت الإنجازات التنموية في الولاية بصورة عامة والقرية بصورة خاصة، إذ ربطت القرية بشبكة طرق حديثة وانتشر العمران والمباني الحديثة والمساجد والمجالس ذات الطراز المعماري الحديث الذي امتزج بماضي عمان وحاضرها التليد، وحظيت القرية بالعديد من مظاهر التقدم والنماء في عهد جلالته أبقاه الله.

عملت في الكويت وعمري 17 عاماً

وقد شارك في حديث الذكريات المواطن سليمان بن حمد بن ناصر الحضرمي الذي قال: قبل عصر النهضة سافرت إلى الكويت لطلب الرزق العام 1960 وعمري آنذاك 17 عاماً وقد عانيت الكثير من الصعوبات لعدم إعطائي جواز سفر لصغر سني حتى حصلت عليه، وبقيت في دولة الكويت أكثر من 6 سنوات ثم رجعت وعندما تولى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان مقاليد الحكم في البلاد، كنت موجوداً في القرية وشهدت زيارة جلالته -أبقاه الله- لولاية سمائل العام 1970 وكنت من المواطنين الذين اصطفوا على الشارع للترحيب بمقدم جلالته للولاية، ليبزغ فجر جديد على عمان وأصبح المواطن يعيش في رخاء.

الحياة قاسية قبل النهضة المباركة

وأضاف سليمان الحضرمي قائلاً: لقد عانى المواطن العماني قبيل عصر النهضة الكثير من الصعوبات القاسية جداً حيث تدهور الصحة والتعليم والطرق وعدم وجود الكهرباء وصعوبة الحصول على المياه، إذ كنت أقف على الشارع ومعي المريض من الصباح إلى المساء حتى تقف لنا سيارة تنقلنا مستشفى (طومس) بولاية مطرح، لعدم وجود سيارات سوى سيارة (البيد فورد) والتي نحصل عليها بصعوبة، وكذلك كنا نستخدم (الحمار) وسيلة لنقل المريض إلى المستوصف الصحي بسمائل ويصل المريض في حالة سيئة جداً لطول مسافة الطريق ووعورتها والوسيلة المستخدمة في نقله.
وقال سليمان الحضرمي: الثالث والعشرون من يوليو المجيد هو التقاء تاريخ عريق خالد سطره عظماء عمان على مر العصور بعزم قائد حكيم ورائد عظيم أراد لبلده أن يكون في السطر الأول من صفحة التاريخ الإنساني الناصعة البياض، بالتفاف شعب أبى إﻻ أن يقتفي آثار أجداده العظام.