نمو مطاعم الحلال في اليابان

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٨/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٤٠ م
نمو مطاعم الحلال في اليابان

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

تتفاخر بعض المدن اليابانية ومنها مدينة كيوتو الثقافية في تقديم وجبات الحلال للزوار المسليمن والسياح القادمين من جميع دول العالم والشرق الأوسط، حيث يتم صنع تلك الوجبات بطريقة تناسب وأذواق هؤلاء الأشخاص وبمزيج من المأكولات اليابانية الحلال التي تتميز بنكهات شهية وصحية في آن واحد. عدد القادمين من دول الشرق الأوسط إلى اليابان وبالذات من المنطقة الخليجية في تزايد مستمر سواء من قبل رجال الاعمال أو الوفود الرسمية أو الطلبة أو غيرها من المجموعات الأخرى وخاصة السياحية منها. ولولا البعد الجغرافي وقلة وسائل النقل الجوي بين الطرفين لكان العدد القادم من مسلمي المنطقة أكبر بكثير من الرقم الحالي، ولكن اليابان عموما لا تخلو من المسلمين نتيجة لوجود أعداد كبيرة من المسلمين تعيش ليها من دول أخرى كاندونيسيا وماليزيا وغيرها من الدول المسلمة في القارة الاسيوية والافريقية أيضا.
ومطاعم الحلال اليوم لا تقتصر على المدن اليابانية التي تعيش فيها جالية كبيرة من المسلمين مثل كيوتو بل بدأت تلك المطاعم بالانتشار والازهار في العاصمة اليابانية "طوكيو" أملاً في إرضاء السياح المسلمين الذين يأتي أغلبيتهم من دول آسيوية. فمنذ أكثر من 10 سنوات تحولت "اليابان" لوجهة أساسية للسياح المسلمين، ولذلك فمن الطبيعي أن يبذل أصحاب المطاعم جهدهم لإرضاء مطالبهم التي تتمثل في تقديم أطباق مختلفة مصنوعة من المكونات الحلال المتنوع، إلا أن مدينة كيوتو السياحية شهدت زيادة أكبر في عدد المطاعم الحلال والصديقة للمسليمن فضلاً عن ارتفاع أعداد المترددين عليها خلال العقد الماضي. وتعد أطباق كيو كايسيكي من الأطعمة الأكثر رواجاً في كيوتو، والتي يعود تاريخها إلى 1000 عام مضت، كما إن معظم المطابخ في المدينة تستخدم المنتجات الموسمية الطازجة، بحيث تطهى هذه المكونات بدقة وبمهارة عالية لتلائم متذوقي الطعام من الزوار المسلمين على اختلاف طلباتهم. ولدعم توجهات هذه المطاعم وإبعادها عن أية شبهات أو غش بأطعمة غير مزكاة، فقد عمدت كل من جمعية كيوتو الإسلامية ومجلس كيوتو للشريعة والشؤؤن الحلال بالإشراف والرقابة على مناطق الجذب السياحي المنتشرة في كيوتو بما في ذلك الفنادق والمطاعم بهدف ضمان الحفاظ على المعايير الشرعية المطلوبة في كافة المطاعم المدرجة كوجهة للمأكولات الحلال، إضافة إلى هذه المنتجات الغذائية معاينة بإتقان من قبل خبراء المجلس ليتم اعتمادها وفقاً لكل فئة منها.
ولا شك أن أعداد القادمين من مسلمي دول مجلس التعاون الخليجي في ارتفاع مستمر، خاصة وأن بعض الفعاليات التي يتم اقامتها تساعد على هذا الأمر كتلك التي أقيمت في العام الماضي متمثلة في "فعاليات أيام مجلس التعاون الخليجي" التي استمرت لمدة ثلاثة، ناهيك عن زيارات بعض المجموعات الطلابية وغيرها، في الوقت الذي يعلم الجميع بأن اليابان تعد واحدة من أهم الشركاء التجاريين لمجلس التعاون الخليجي بحيث يزداد حجم التبادل التجاري بينهما عاما بعد عام ليبلغ نحو 180 مليار دولار حاليا تقريبا. وهذا ما يدفع الكثير من رجال الاعمال ورؤساء مجالس الادارات من المسلمين بالتوجة نحو طوكيو، ممثلين لشركات ومؤسسات تجارية وغيرها من السفر إلى اليابان على مدار العام، الأمر الذي يساعد على تواجد وانتشار مجموعة من المطاعم التي تقدم مأكولات الحلال سواء في العاصمة أو خارجها.
لقد أصبحت المؤسسات اليابانية لا تهتم اليوم فقط بمنتجات الحلال التي يقبل عليها الفرد المسلم، بل تعمل بأن تكون اليابان إحدى الدول المساهمة في ازدهار تجارة منتجات الحلال واستيرادها من دول الشرق الأوسط، والتي يتم انتاجها والعمل بها وفق الشريعة الاسلامية. فتجارة الحلال – كما هو معروف عنها- باتت اليوم تستهدف أسواقا جديدة في دول غير إسلامية خاصة الأوروبية منها نظرا لوجود جاليات إسلامية وبأعداد كبيرة بها تعطي فرصا أكبر للدول الإسلامية أن تكون هي المنشأ الرئيسي لهذه المنتجات باعتبار أنها الأقدر على تطبيق معايير وشروط المنتج الحلال. أما اليابان فانها تستوعب اليوم أعدادا كبيرة من المسلمين حيث يزيد عددهم اليوم عن 400 ألف مسلم يتنشرون على عدة مدن يابانية والذين يبحثون عن أغذية الحلال وغيرها من الخدمات الاخرى. ويرى الكثير من المتابعين بأن تتواصل تجارة المنتجات الحلال نموها بمعدلات لا تقل عن 5% سنويا في العالم لتصل إلى 6.4 تريلون دولار في عام 2020 مما يعني أن هناك فرصا استثمارية بنحو 2.9 تريليون دولار تنتظر الدخول في مجال المنتجات الحلال خلال الأعوام الثمانية القادمة والتي ستولد المزيد من فرص عمل في مختلف دول العالم. كما أن العالم الاسلامي يمكن أن يستفيد هو الآخر من التقنيات اليابانية في تعزيز المبادلات التجارية بين الدول الاسلامية واليابان في قضايا الحلال، الأمر الذي يعطي فرصا أكبر للدول الإسلامية بأن تكون هي المنشأ الرئيسي لهذه المنتجات، باعتبار أنها الأقدر على تطبيق معايير وشروط المنتج الحلال وفق الشريعة الاسلامية، فيما يمكن لليابان من جانب آخر الاستفادة من هذه الفرص التي تتيحها تجارة الحلال في الجوانب الثلاثة وهي منتجات الحلال من الأطعمة ومستحضرات التجميل، والأدوية الطبية، من خلال إيجاد شراكة حقيقية وتأسيس المنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستفادة من التقنيات اليابانية في ازدهار تجارة الحلال التي تتميز بمعايير عالية الجودة.