على بن راشد المطاعني
قطاع الإنشاءات والمقاولات من أهم القطاعات الاقتصادية في أي دولة، فهو يعزّز التنمية العمرانية في البلاد ليواكب النمو السكاني والاقتصادي بمنشآت تستوعب هذا النمو وتمتص أضخم الأسعار الناتجة عن قلة المساكن على اختلافها، بل إذا تحرك هذا القطاع تنشط المجالات الأخرى وتدور عجلة العمل وتنشط الأسواق والعكس صحيح، إلا أن هذه الحقائق الواضحة لم تصل بعد إلى أسماع المسؤولين في بلدية مسقط على ما يبدو أو أنها وصلت لكن لا حياة لمن تنادي...
فهل تحتاج إباحات البناء إلى فترات تصل إلى أربعة أشهر على أقل تقدير لكي تنجز وتسلم للمواطن أو المقاول أو مكتب الهندسة، وألا يعد طول الانتظار لاباحة البناء تعطيلًا للتنمية العمرانية في محافطة مسقط فضلا عن انعكاسات ذلك على الجميع في ارتفاع الكلفة والإيجارات وندرة السكن وبطء النمو وانكماش الاقتصاد.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام من تخدم هذه الإجراءات المعقدة والمواعيد البعيدة بهذا الروتيني الذي يعيق التطور الذي ننشده؟، الأمر الذي يجب أن تلتفت له بلدية مسقط، وتوجد له حلولًا عملية تختزل فترات إباحات البناء إلى أقل فترة ممكنة، حيث لا تختلف هذه المهام التي تقوم بها بلدية مسقط عن مهام أي بلدية في مختلف أجهزة البلديات في العالم إلا في تطويل فترة الإنجاز.
..نحن لا نمانع التدقيق على الخرائط ومدى توافقها مع الأنظمة المعمارية وملاءمتها مع القياسات الهندسية المعتمدة وغيرها من إجراءات تتخذها البلدية لضمان مبان صالحة للاستخدام الآدمي، ولكن لا يجب أن تطول فترة الانتظار شهورا، وما يترتب على ذلك من تجميد الأعمال.
ونشاطر بلدية مسقط ما تعانيه أمام مشكلة قلة المهندسين لديها وانتقال بعضهم للقطاع الخاص للإغراءات المادية، ولكن يجب على البلدية ألا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التحديات، وإنما عليها إيجاد حلول من خلال إسناد أعمال إباحات البناء وإجازة الخرائط إلى شركات هندسية معتمدة ومراقبة، وفتح باب التنافس للعمل في هذا الجانب وفق اشتراطات وإجراءات دقيقة تتوافق مع متطلبات العمل البلدي المطلوبة، وتوفير الضمانات للأعمال الهندسية المعتمدة في الدولة، بدلا من الحالة التي يعيشها قطاع المقاولات في محافظة مسقط وسط صمت الجميع عن التأخيرات رغم المناشدات والمطالبات بتسريع وتيرة العمل في هذا المجال.
بالطبع تبذل البلدية جهودا كبيرة في تخليص الإباحات وإجازتها وتعديلها وفق إجراءاتها ومنظومة العمل بها، وندرك أن هناك سلسلة خطوات متوالية يجب اتباعها، وأقساما يجب أن تمر عليها الإباحات كخطوات مبدئية قبل الوصول إلى الهدف المنشود في النهاية وهو صدور الإباحة من القسم المعماري المعني بتدقيق ومراجعة كافة المعاملات والخرائط المقدمة بواسطة المكاتب الاستشارية للحصول على إباحة البناء، ثم القسم الإنشائي الذي يراجع الأوراق والمعاملات المحولة من القسم المعماري، ثم إلى قسم التسجيل والمحفوظات المختص باستلام وتسليم الطلبات المتعلقة بإصدار إباحات البناء وتسجيلها وتنظيم مقابلات مهندسي المكاتب الاستشارية بالمختصين بالإدارة، وأخيرًا نصل إلى مرحلة إدارة إباحات البناء، إلا أن كل هذه الخطوات يمكن دمجها وتقصير فتراتها خاصة مع التوجه الإلكتروني الجديد، وبالتالي اختصار الوقت والجهد إلى أقل مما هو عليه الآن.
نأمل أن توجد البلدية حلولا عملية لمشكلة تأخير إصدار إباحات البناء لكي تمضي التنمية العمرانية في هذه المحافظة الجميلة بخطى أسرع تتواكب مع النمو السكاني والاقتصادي الذي تشهده، وتكمل معروفها في إسداء هذه الخدمة.