محمد محمود عثمان
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه الكثير من التحديات والمشكلات على الرغم من وجود أكثر من جهة تتحدث عن همومها ومشاكلها، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الدولة لمساندة هذه الكيانات الناشئة مع قيام بعض المؤسسات الكبرى مثل مؤسسة الزبير ومجموعة تاول وغرفة تجارة وصناعة عمان بتبني مبادرات جيدة تهتم بهذه الشركات وتساعدها مادياً وفنياً وإدارياً، حتى سجلت نجاحات مشهودة بعد أن وضعت قدمها على الطريق، إلا أن تضرر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من بعض القرارات الإدارية يجعلنا نسأل «بأي ذنب قتلت؟) أو ماذا تقول هي لو سئلت عن ذلك؟ خاصة أنها تحتاج إلى توحد كل هذه الجهود لحل مشاكل هذه المؤسسات حتى يمكن أن تصمد وتستمر وتواجه كل التحديات والصعوبات التي تقف في طريقها، إذ تعتبر هذه المشروعات إحدى أهم روافد التنمية الاقتصادية التي تسهم في تطوير الاقتصاد الوطني نظراً لتأثيرها في اقتصادات الدول النامية، باعتبارها تشكل الغالبية العظمى من المنشآت الحديثة التي تغذي الصناعات الثقيلة والخدمية، وإنْ تفاوتت نسبها وطبيعتها من بلد إلى آخر، بعد أن حدثت تحولات كبيرة في مجال الاستثمارات، وبدأ الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظراً للدخل الذي تقدمه للناتج القومي، إذ أثبتت معظم التجارب والـدراسات في بعض المجتمعات، والتي أبرزت أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومدى مساهمتها الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى قيامها بنشاط تصديري فاعل عبر الولوج للأسواق الإقليمية والدولية، بعد أن أصبحت قادرة على تقديم منتجات متميزة من حيث النوع والسعر والجودة، وبذلك تعد حجر الزاوية في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية نظراً لمردودها الاقتصادي الإيجابي على الاقتصاد الوطني ودورها الرائد في توفير فرص عمل جديدة ومتنوعة، وتحقيق زيادة متنامية في حجم الاستثمار. ولكن برغم كل ذلك، فإن هذه المشروعات لم تحقق المساهمة المتوقعة منها كقطاع اقتصادي فاعل إذ تعترضها جملة من المعوقات بداية من الموارد المالية والتمويل، وتتحمل هذه الشركات أعباء مادية فوق طاقتها، أقربها ما يتعلق بمأذونيات العمل التي ارتفعت بنسبة 50%، وما تلا ذلك من قيام وزارة القوى العاملة بحرمان هذه الشركات من الاستفادة من المأذونية بعد أن يغادر العامل الوافد بما يسمى «بدل مغادر»، إذا تتطلب التعليمات الجديدة أو قرارات الوزارة الموقرة، إعادة التقدم بطلب لمأذونية عمل جديدة وتسديد رسوم المأذونية 300 ريال مرة أخرى، حتى إذا تم إنهاء عقد العامل خلال فترة الاختبار التي لا تتجاوز مدة ثلاثة شهور، ولكن عندما يتم إنهاء عقد العامل خلال هذه الفترة طبقا للمادة 24 من قانون العمل رقم 35 لسنة 2003، فإن ذلك قد يقع بعد أسبوع أو أسبوعين فقط من فترة الاختبار، فتخسر الشركة قيمة هذه المأذونية كاملة بدون أن تستفيد منها خاصة أن التعليمات الآن تقضي بعدم رد نصف قيمة المأذونية - كما كان من قبل - عندما يغادر العامل،لأن الشركة التي يغادر منها 3 عمال أثناء فترة الاختبار تخسر نحو ألف ريال، ثم تعيد الكرة من جديد وتسدد نحو ألف ريال مرة أخرى مقابل المأذونيات الجديدة، فكيف بمؤسسة صغيرة أو متوسطة تتحمل هذه الأعباء، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى المساعدة والدعم.
إن تحصيل القوى العاملة رسوم المأذونية كاملة بدون أن تستفيد منها هذه الشركات أمر غريب، لأن تنظيم سوق العمل يتطلب إجراء المواءمات التي تضمن سير العمل بالقطاع الخاص بيسر وسلاسة ؟، لأن ذلك لا يستقيم مع العقل أو المنطق أو القانون، لأنه بأي حق أو سند من القانون تستحل القوى العاملة هذه المبالغ ؟ الأمر الذي يحتم ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لضمان حقوق هذه الشركات، حتى يمكن أن تستمر في أنشطتها الفاعلة في رفد الدخل القومي وتنويع مصادره، الذي ينادي به الجميع منذ سنوات طويلة، ولاسيما في الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعاني منها، في ظل استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية والتأثيرات السلبية على القطاع الخاص، لذلك ندعو كل من غرفة تجارة وصناعة عمان الممثل الرسمي للقطاع الخاص والمعبر عن آماله وتطلعاته ووزارة القوى العاملة لسرعة تصحيح ذلك، وتقنين وضع مأذونيات العمل، خاصة في حالة إنهاء عقد العامل خلال فترة الاختبار أو خلال الستة شهور الأولى، وذلك بسرعة استبدال المأذونية لعامل جديد بدلا من المغادر، بمجرد إثبات المغادرة، أو استرجاع كامل قيمة المأذونية التي لم يستفد منها، بعد انتهاء فترة الاختبار، وكذلك يمكن تحصيل رسوم المأذونية لمدة عام واحد فقط بدلا من عامين، حتى لا تتهم وزارة القوى العاملة بجباية الأموال من المؤسسات الصغيرة بدون وجه حق، لأن الشركات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى سرعة تدبير البديل لتسيير العمل بعيداً عن الإجراءات الطويلة أو الروتينية، لأن غياب عامل واحد يؤثر عليها، وعلى الأنشطة الاقتصادية التي تقوم بها، فضلاً عن أن توقف العمل بها يولد اليأس والإحباط في نفوس الشباب القائم على هذه الشركات ولا سيما مع وجود إجماع على أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها المنشود في التنمية الاقتصادية الوطنية، إذ تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني ومحركاً أساسياً في تنمية الاقتصاد.