بدية-ناصر المجرفي
تعد النخلة شجرة زراعية وصناعية في نفس الوقت فمنها الغذاء والدواء والتصنيع الغذائي ومنذ القدم فقد بذل المزارع العماني جهده في إيجاد أنواع مختلفة من النخيل ولكل منها وقت محدد واستخدام معين وخلال هذه الفترة التي تسمى بالقيظ بدأ موسم التبسيل في ولاية بدية حيث يقوم المزارع بتبسيل نخلة المبسلي ، وهي طريقة طبخ البسور لتستخدم محليا وكذلك للتصدير الخارجي حيث تلقى البسور العمانية إقبالا كبيرا في الخارج .
مفاهيم عن التبسيل.
دعونا أولاً نتعرف على بعض المفاهيم التي لها علاقة بعملية التبسيل فالمبسلي هو اسم النخلة التي يؤخذ منها ثمار البسر ، والبسر ثمار هذه النخلة التي تمر بعدة مراحل لتتحول إلى " الفاغور " ومفردها "بسرة" أما الفاغور :- هو الثمرة الناتجة من طبخ البسر والتي يستفاد منها بعد تجفيفها في عدة صناعات غذائية أو هي إنتاج عملية التبسيل ككـــل . والتركبة :- هي المكان الذي يتم فيه طبخ البسر والمسطاح :- المكان الذي يتم فيه تجفيف الفاغور ، والموراد هو حبل يوضع في أعلى نخلة المبسلي ويمد إلى أسفلها حتى يصبح كممر للعذق بما يحمله من ثمر وما يسمى عندنا بـ (العسقة) وماسك الموراد : هو الشخص الذي يقف أسفل النخلة متلقيا العسقة بعد مرورها في الموراد ، وذلك ليتم إنزال العسقة تلقائيا عليه حتى لا يتطاير البسر منها. أما الجدًّاد : هو الشخص الذي يقطع العسق وينزلها عن طريق الموراد.
عملية التبسيل .
لا تصلح عملية التبسيل إلى على هذا النوع وصنف آخر يسمى أبو نارنجة ، و يقوم المزراع هو وعائلته أو باستئجار عدد من الأشخاص للعمل معه وهؤلاء الأشخاص غير محدد لهم السن فهم لا يخضعون لقوانين العمل أو الجنس فهم يعملون رجالاً كانوا أو نساء صغارا أم كبارا يتجمعون من الصباح الباكر في موقع العمل ويتقسم العمل حسب المهمة المراد انجازها فمنهم جدادو النخيل ، وماسكو الموراد ويقوم بعض العمال بنقل الثمار إلى النسوة اللاتي يقمن بفصل ثمار البسر عن العذق (الشماريخ) بعدها يقوم الرجال بنقل البسر إلى التركبة ويتم طبخ البسر وتختلف المقاييس من تركبة إلى أخرى ويتم رمي البسر عليه وبعد ها يقوم أحدهم بخلطه وإضافة الماء بنسبة بسيطة ثم يتم إخراج البسر ويطلق عليه عندئذ الفاغور ويتم نقله إلى المسطاح لتتم عملية التجفيف الطبيعية تحت أشعة الشمس . بعد حوالي عدة أيام من نثره على الأرض ثم يقوم العمال بالتقاطه من على الأرض ليوضع فـي أكياس بلاستيكيــة ( الجواني ) وفي نفس هذه العملية يتم فصل الجيد منه من الفاسد ، وذلك حتى يكون صالحا للبيع . ويعبأ في شاحنات ليتم بيعه للمصنع المختص لهذا الغرض حتى يتم بعد ذلك تصديره للخارج .
لقاءات :
محمد بن سالم الحجري من ولاية بدية قال : الموسم جيد بالمقارنة مع المواسم السابقة والخير كثير مع تأثر النخلة بالدوباس لكن مازالت تحافظ على مستواها ، ووزارة الزراعة والثروة السمكية لها جهود واضحة للمحافظة على هذه النخلة من الآفات . والنخلة لها عناية خاصة فنحن نقوم بالعناية بها على مدار السنة وتكون طرق المحافظة في الأسمدة والحرث والنظافة والمياه. وعندما تعطي النخلة اهتماما فأنها تعطيك إنتاجا وفيرا ولله الحمد على ما وهبنا إياه وقامت الحكومة بتشجيعنا على التبسيل من خلال دعمها لنا فنحن نجد فائدة كثيرة فالمزارع يستفيد ماديا وفي الوقت نفسه يحافظ على مهن الآباء والأجداد .
عمل أسري.
ويقول حمد بن محمد الحجري : هناك اختلاف في عدد العاملين ولكن في معظم الأحيان العمل يأخذ طابع أسري حيث تجد الأسرة تتعاون في العمل ودور النساء بارز في العمل حيث يقمن بعملية التنقية للرطب بينما الصغار يتركز دورهم في عملية الرقاط .
ويضيف : إن التبسيل عادة عمانية قديمة وتعد بمثابة المناسبة الاجتماعية الهامة حيث تلتقي الأسرة لتعمل معا فهنا في موقع العمل ترى الرجال والنساء والكبار والصغار والعمل يتم وفق طريقة تعاونية تقوم على توزيع الأعمال على الجميع مما يسهل إتمام عملية التبسيل بسرعة وكفاءة كما أن التعاون في العمل وإشراك الصغار في عملية التبسيل له جانب ثقافي هام حيث يتم نقل الموروث الحضاري إلى الجيل الجديد حتى نحافظ على هذه الموروثات الهامة من الناحية الثقافية وحتى لا تتعرض للاندثار .
وعن التصدير يقول محمد بن ماجد الحجري : نصدر الانتاج الى دول الخليج العربية والهند والحكومة متعاونة مع المواطنين في عملية التصدير الى الخارج مشيرا الى ان عملية التبسيل تحتاج إلى إعداد وتحضير يستمران لفترة زمنية ليست بالقصيرة و الإنتاج من البسور يكون كمياته مناسبة فمنه للاستخدام وكمية أخرى للتصدير إلى الخارج حيث تحظى البسور العمانية بالإقبال الكبير من المستهلكين ولها سمعة جيدة وحقيقة نحن كعاملين في التبسيل نجد كل الدعم والاهتمام من وزارة الزراعة والثروة السمكية حيث نستفيد من التسهيلات المقدمة في هذا المجال الأمر الذي يشجعنا على الاستمرار في عملنا بالمهن الزراعية ليس فقط بسبب العائد المادي بل أن مثل هذه المهن تمثل جزء من الموروث الحضاري والتراثي لبلدنا عمان .