مسقط - يوسف بن محمد البلوشي
لم يكن اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال عادياً هذا العام، ففي اليوم الذي احتفل به العالم الأسبوع الفائت، أصدرت منظمة الأغذية العالمية (فاو) تقريراً شكّل صدمة للمعنيين بحماية الأحداث، إذ أظهر وجود 168 مليون طفل عامل في العالم من بينهم 98 مليوناً (أو نحو 60 %) يعملون في الزراعة، وذلك مع غياب تشريعات صارمة ومطبقة تمنع تشغيل الأطفال، غير أن السلطنة تعمل بحزم لمكافحة هذه الظاهرة من خلال تشريعات وإجراءات عدة.
وتؤكد وزارة القوى العاملة في تقرير لها خصت به «الشبيبة» أن قانون العمل العُماني تضمّن مادتين حول «تشغيل الأحداث»: «يحظر تشغيل الأحداث من الجنسين أو السماح لهم بالدخول في أماكن العمل قبل بلوغ سن الخامسة عشر. ويجوز بقرار من الوزير رفع هذا السن في بعض الصناعات والأعمال التي تقتضي ذلك».
ويوضح التقرير أنه «لا يجوز تشغيل الأحداث الذين تقل سنهم عن ثماني عشرة سنة فيما بين الساعة السادسة مساءً والسادسة صباحاً ولا تشغيلهم تشغيلاً فعلياً مدة تزيد على ست ساعات في اليوم الواحد. ولا يجوز إبقاؤهم في مكان العمل أكثر من سبع ساعات متصلة ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر للراحة وتناول الطعام لا تقل في مجموعها عن ساعة وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغلون أكثر من أربع ساعات متصلة».
وأشار التقرير إلى أن تشغيل الأطفال (Child labor) بحسب تعريف منظمة العمل الدولية «هو العمل الذي يضع أعباءً ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، وهو العمل الذي يستغل عمل الأطفال كأيدٍ عاملة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغيّر حياته ومستقبله».
وأضاف التقرير أن ظاهرة تشغيل الأطفال تترك آثاراً سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالاً عديدة أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسدياً ونفسياً للقيام بها، علماً أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرّمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال ومنها «تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أو أن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي».
وأوضح التقرير أن منظمة العمل الدولية أصدرت العديد من الاتفاقيات التي تعالج شؤون العمل المختلفة منها الاتفاقيات الثمان التي تمثل المعايير الأساسية لحقوق الإنسان في العمل، كانت آخرها الاتفاقيتان رقم 138 لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، ورقم 182 لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، اللتان تعتبران من الاتفاقيات الثمان المشار إليها أعلاه وأهم الاتفاقيات التي أقرتها مؤتمرات العمل الدولية في مجال عمل الأطفال وأحدثها، إذ تعتبر الأحكام التي وردت فيها معايير أساسية لحقوق الإنسان في العمل تلتزم بها الدول المنضمة إليها وتتم مساءلتها عن الإخلال في الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها بموجبها، كما تلتزم الدول الأخرى أدبياً بأحكامها رغم عدم مصادقتها عليها؛ وذلك بحكم عضويتها في هذه المنظمة والتزامها بدستورها وإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الذي صدر عنها.
وكانت منظمة الفاو أعلنت أن ما يزيد أزمة تشغيل الأطفال هو أن 100 مليون طفل وشاب حول العالم يعيشون بالكوارث كل عام بينما يعيش 230 مليون طفل في مناطق متأثرة بالنزاعات المسلحة. وعند بدء أزمة ما، تتقلص قدرة الأسر على توفير ما يكفي من الطعام والتعليم والحماية لأطفالها، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة انتشار وحدّة عمل الأطفال، بما في ذلك الأشكال الأكثر سوءاً لهذه الظاهرة مثل عبودية الديَن للأطفال.
وتضيف المنظمة: «في الأزمات يحتاج الأطفال الذين ينفصلون عن عائلاتهم إلى العمل. وربما تُخرِج الأسر أطفالها من المدرسة وتُدخِلهم إلى سوق العمل. كما أن فشل مواسم الحصاد يزيد من احتمال اضطرار الأطفال إلى العمل لدعم أسرهم. وفي النزاعات فإن المخاطر المادية مثل الأسلحة والألغام الأرضية يمكن أن تجعل عمل الأطفال في الزراعة أكثر خطورة. وقد يتم إرسال الأطفال من مخيمات اللاجئين للعمل في الزراعة أو لجلب الماء أو الوقود مما يعرّضهم لخطر العنف والإساءة».
ولا تصنّف جميع مشاركات الأطفال في الأعمال على أنها عمل أطفال.
فبحسب المنظمة «في العديد من المجتمعات الريفية يساعد الأطفال في الأعمال المنزلية ويعتنون بالحيوانات ويقطفون الفاكهة والخضار. ولفترات قصيرة من الوقت وفي الظروف الآمنة فإن العمل الزراعي الخفيف يمكن أن يتيح للأطفال إمكانية الحصول على معرفة ومهارات قيّمة تفيدهم في المستقبل». وبحسب وزارة «القوى العاملة» «يعتبر تشغيل الأطفال في المشاريع التجارية التي تمتلكها أسرهم حالة خاصة يستثنيها القانون».