سمائل في شهر رمضان المبارك.. عادات وتقاليد راسخة تقاوم الزمن

مزاج الخميس ٠٨/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص

سمائل - صالح بن فايز الرواحي

ولاية سمائل كغيرها من ولايات السلطنة قد استعدت لاستقبال شهر الرحمة والمغفرة شهر رمضان المبارك، إذ يهتم المواطنون بالولاية قبيل أيام الشهر الفضيل بشراء الاحتياجات اللازمة من لحوم ومواد غذائية واستهلاكية بوعي وإدراك تام، واضعين نصب أعينهم عدم الإسراف في عملية الشراء كما عهده أبناء الولاية خلال السنوات الفائتة، ولكن هناك عادات جميلة ما زالت راسخة في أذهان أبناء هذه الولاية العريقة وقد توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل رغم دخول العولمة في حياة كل مواطن عُماني يعيش على تراب هذا الوطن الغالي إلا أن المواطن بولاية سمائل بقي صامداً في وجه التكنولوجيا والتقنيات الحديثة.

«الشبيبة» تجولت في ولاية سمائل، والتقت عدداً من الأهالي والشباب، الذين تحدّثوا عن الطقوس والأجواء الرمضانية، وكيف يقضون وقتهم في أيام وليالي شهر رمضان، ورصدت لكم ما يلي:

العرسية ليوم «الدرنة»

حمدان بن سعيد المحاربي أوضح أنّ قبيل الشهر الفضيل تستعد كل أسرة في سمائل بشراء احتياجات ومستلزمات الشهر المبارك من أغذية ومواد استهلاكية وتخزينها في منازلهم، وقبل حلول شهر رمضان المبارك تقوم كل أسرة بطبخ «العرسية» وتجتمع لتناولها وتسمى «الدرنة»، أي كل واحد يأكل حتى يشبع استعداداً لليوم الأول من غرة شهر رمضان المبارك، ومنهم مَن يطبخ أكلة «القبولي» وذلك بحسب رغبة كل أسرة.

وأضاف المحاربي قائلاً: أما العادة السائدة التي تعودت عليها الأسر السمائلية فهي اتفاق جميع الأسر في القرية أو «المحلة» على طبخ «العرسية» بحيث كل رب أسرة يأتي بشيء للمساهمة في الأكلة الشعبية، فيما تقوم نساء القرية بالمشاركة في طبخ العرسية، وعند الانتهاء من طبخها يُؤتى بها في المجلس العام «للمحلة» ويجتمع الأهالي ويتناولونها بصورة جماعية، فيما تجتمع النساء في منزل إحداهن ويتناولنها؛ وذلك بهدف زيادة تكاتف وترابط أبناء المجتمع، إلا أن هذه العادة بدأت تنقرض في العديد من قرى الولاية، وأصبح الناس يستعدون لاستقبال الشهر المبارك بشراء الكم الهائل من المواد الاستهلاكية.
وأردف حمدان المحاربي: ولعدم زيارة الأسر بعضها بعضاً والاكتفاء بعدم معرفة الجيران في المناطق المتحضرة في الولاية، أصبحت كل أسرة تقوم بطبخ الأكلة الشعبية في منزلها دون مشاركة الجيران في إعداد وجبة «الدرنة»، إلا أن هذه العادة تكون في القرى البعيدة عن مركز المدينة «المدرة».

الوجبات العُمانية

أما محمد بن عيسى الشامسي فقال: في أول أيام شهر رمضان تقوم كل أسرة بالإبداع في إعداد الوجبات العُمانية والتي عادة لا تختلف عن سائر المجتمع العُماني في محافظات ومناطق السلطنة والتي لا تخلو من «لقمة القاضي والحلويات والسمبوسة»، إضافة إلى صحن من الرطب أو التمر العُماني واللبن، وتبقى هذه العادة سائدة حتى آخر أيام شهر رمضان المبارك. بعد الإفطار والانتهاء من صلاة المغرب تتناول الأسرة وجبة العشاء ومنهم مَن يشرب «الشوربة، أو السخانة» قبل العشاء أو يتناول الأكلات العُمانية الأخرى وتؤجل وجبة العشاء إلى وقت آخر من الليل.

وحول أهم العادات والموروثات العُمانية في رمضان، يقول محمد الشامسي: هناك العديد من العادات العُمانية التي اختفت، منها: دوي المدفع عند رؤية هلال رمضان ووقت الإفطار؛ وذلك بسبب التطور وانتشار المساجد التي تتعالى أصوات مآذنها لإشعار الناس بوقت الصلاة، كما اختفت شخصية «المسحراتي» وهو الشخص الذي يطوف على البيوت ليوقظ الناس لتناول وجبة السحور وكان يردد عبارة «سحور سحور.. انهضوا تسحروا يا نايمين». وفي رمضان والحمد لله، يتسابق أصحاب الخير في إخراج الصدقات والتبرع لصالح الفقراء والمحتاجين؛ بهدف تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، والحفاظ على المودة والمحبة والتعارف، والعديد من أشباه هذه السمات الطيبة.

الإفطار بالمسجد

وأفاد محمد الشامسي في حديثه: الإفطار في المسجد عادة تعوّد عليها أهالي الفيحاء، وهي قد لا تختلف عن العادات في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة، إذ يجتمع الأهالي قبل صلاة المغرب لتناول الإفطار على صحن واحد؛ وذلك لقرب موعد صلاة المغرب، وتبقى هذه العادة حتى آخر أيام شهر الفضيل بحيث كل واحد من أهالي القرية يأتي بإفطار للمصلين في المسجد.

زيارة الأهل والأقارب

محمد بن سليمان الهنائي قال: زيارة الأهل والأقارب خلال الشهر الفضيل عادة حسنة وسائدة في المجتمع العُماني بشكل عام، بخاصة في القرى والمناطق البعيدة عن مركز الولاية؛ بهدف زيادة الروابط الأسرية فيما بينها، إذ تقدِّم كل أسرة أثناء زيارتها للأسرة الأخرى بعض الأكلات العُمانية المحببة لديهم وهناك يتم التسامر وسرد الحكايات والقصص الرمضانية إذ تجتمع كل الأسرة لسماع الحكايات والقصص التي عادة ما تُدخل البهجة والسرور في نفوس الأطفال والكبار أيضاً، ولذا فإن الأطفال يتمنون شهر رمضان المبارك أن يأتي سريعاً ولا ينتهي.

مسابقات وألعاب شعبية

وتابع محمد الهنائي قائلاً: في الليل يقضي شباب ولاية سمائل شهر رمضان المبارك في المسابقات الثقافية والدينية والمحاضرات الدينية ومنهم مَن يقضيه في لعب كرة القدم، ويبقى معظم أهالي الولاية يقضون ليالي الشهر الفضيل في ممارسة الألعاب الشعبية التقليدية مثل لعبة «اللكد» ولعبة «الحواليس» التي تعتمد على الذكاء في نقل الحجارة من مكان إلى آخر، وهم يسردون قصص زمان المشوقة. محمود بن محمد الغاوي قال: نساء الولاية يقضين ليالي رمضان في زيارة بعضهن البعض وذلك بعد اتفاقهن على استضافة كل واحدة منهن نساء «المحلة» في منزلها طوال الشهر الفضيل، وتجلب كل أسرة ما لديها من أكلات رمضانية تؤكل بصورة جماعية مع ذكر الأحاديث المشوقة أثناء تناول القهوة. هذه العادة الجميلة انقرضت بسبب زحمة الفضائيات التي أصبحت تتنافس في عرض البرامج والمسلسلات التلفزيونية والمسابقات الأخرى واتجه الناس إلى مشاهدة التلفاز، وهناك الكثير من الآباء ما زالوا متواصلين مع بعضهم بعضاً في إحياء ليالي رمضان المبارك فيما هو مفيد في حياتهم.

رياضة المشي والجري

وأضاف محمود الغاوي قائلاً: تكثر الرياضة المشي خلال الشهر الفضيل إذ يعج سيح الراسيات وشارع منطقة طوي النصف بالعديد من الشباب والأسر لممارسة رياضة المشي لحرق الدهون التي تناولوها خلال الإفطار، وهناك الكثير من الشباب يمارسون رياضة الجري على الشارع المؤدي لسيح الراسيات وداخل ملعب النادي أو على أرصفة الشارع الداخلي بالولاية، وهذه العادة الرياضية محببة لدى الكثير من أبناء الولاية واضعين نصب أعينهم مقولة «الجسم السليم في العقل السليم»، وهذه العادة سائدة في كل أنحاء الولاية ولكن كثرة الدورات الرياضية المنتشرة في الولاية خلال الشهر المبارك أبعدت الكثير من الشباب عن زيادة التعبد لله سبحانه وتعالى وتلاوة القرآن الكريم وحفظه خلال هذا الشهر الفضيل.

وداع شهر رمضان

وأوضح محمود الغاوي يقول: وفي الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل يعتكف الكثير من شباب الولاية في المساجد بغية الاستشعار بروحانية ليلة القدر. ومن خلال «الهبطات» الثلاث التي تُقام في الولاية خلال المناسبات الدينية سابقاً وفي الوقت الحاضر «اثنتان» في قرية سرور وسفالة سمائل وسوق المواشي بالولاية، يشتري المواطنون ذبائح العيد وغيرها من مستلزمات العيد من مشاكيك وبهارات ومكسرات وحلويات و«خصفة الشوى»، في حين تكون ملابس العيد الرجالية والنسائية وملابس الأطفال قد انتهى تفصيلها، فيما تستعد المرأة العُمانية في الولاية في إعداد «تبزيرة» العيد التي تُستخدم في عملية دهن لحم الشوى لتعطي طعماً لذيذاً ورائحة طيبة، كما تستعد المرأة العُمانية لإعداد الحناء والإكسسوارات الذي تتزين بها خلال أيام العيد.