د.مجدي عبد ربه: الصعوبات أمور حتمية لابد أن يواجهها الإنسان

بلادنا الأربعاء ٣١/مايو/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص
د.مجدي عبد ربه:

الصعوبات أمور حتمية 

لابد أن يواجهها الإنسان

مسقط - بسمة بنت محمد المحروقية

إن الارتقاء والجودة تسهم وتدفع نحو التميز في العمل، فعندما نتحدث عن التميز، نعني به الجهد والأداء الفعال الذي يجعل المرء ينفرد ويظهر على الآخرين، ويتفوق عليهم في عمله وأدائه لواجباته الوظيفية والمهنية، لذا لا بد من تسليط الضوء على مثل هؤلاء الناجحين وظيفياً.
من هنا وقعت أعيننا على د.مجدي محمد مصطفى عبد ربه، الأستاذ في قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، اخترناه كنموذج يحتذى به في التفوق المهني والفكري، استقبل أسئلتنا عن حياته ومسيرته برحابة صدر.

النشأة
تحدث د.مجدي قائلاً: نشأت في مدينة القاهرة بمصر، في أسرة تتكون من سبعة أفراد. الوالد ويعمل مهندساً ميكانيكياً في أحد مصانع تصنيع القاطرات، أما الوالدة فقد كانت متفرغة تماماً للأسرة، وثلاثة من الإخوة وأخت واحدة. تعلمنا جميعاً تعليماً جامعياً وثلاثة منا حصلوا على الدكتوراه في تخصصات مختلفة.

التعليم
تلقى تعليمه الأساسي في مدارس حكومية ثم التحق بجامعة حلوان، كلية الخدمة الاجتماعية وتخرج فيها وكان ترتيبه الأول في السنة النهائية. عمل معيداً في كلية الخدمة الاجتماعية - جامعة القاهرة، وحصل على الماجستير من الجامعة نفسها، أما الدكتوراه فكانت بنظام الإشراف المشترك بين جامعة القاهرة، وجامعة نيفادا بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ درس هناك سنتين كاملتين.

الصعوبات والتحديات التي واجهها
أجاب قائلاً: أستطيع القول إنني واجهت عدداً قليلاً من التحديات في حياتي إلى الآن. أما الصعوبات، فأنظر إليها على أنها أمور حتمية لا بد أن يواجهها كل إنسان، وأعتبر أن تخطي الصعاب هو أحد مهام الإنسان في الحياة، ولذلك لا أذكر عددها ولا أوقاتها. ومن المهم أن أذكر هنا التحديات، لأنها تواجه كل إنسان منا.
التحدي الأول هو الاختيار بين السير في الطريق الموصل إلى الله وغيره من الطرق. وكان هذا تحدياً صعباً لأنني نشأت في أسرة تحترم الحرية الشخصية، وكانت ركناً ركيناً فيها، وتخيرت السير في طريق الله وأنا في مرحلة المراهقة والشباب في وقت كانت الطرق مفتوحة لكل الخيارات.
التحدي الثاني وهو الاختيار بين الاستمرار في طريق الرياضة أو الدراسة، فقد لعبت كرة القدم في صغري في أكثر من نادٍ من أندية الدرجة الأولى، وكان يمكن أن أكون مدرباً أو إدارياً الآن في أحد هذه الأندية، وبعد الثانوية العامة قررت الاستمرار في الدراسة مع عدم ترك الرياضة التي ما أزال أمارسها إلى اليوم.
أما التحدي الثالث فهو التفوق في الدراسة، فبعد أن أخذت قراري في التحديين السابقين، قررت ألا أكون في مؤخرة الركب، بل في مقدمته. وختمت دراستي للبكالوريوس بالترتيب الأول على الدفعة. ثم استمررت في تفوقي الدراسي في الماجستير والدكتوراه أيضاً.
وكان قراري بعدم البقاء في الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهائي من الدكتوراه هو التحدي الرابع، فقد كانت لدي عدة فرص للبقاء والاستمرار هناك، وكانت مغريات البقاء هناك كثيرة، ولكني أخذت القرار بالعودة بدون تردد بعد أن درست ظروفي الشخصية والأسرية والعائلية.
أما التحدي الخامس فهو استكمال حفظ القرآن الكريم، وأنا أحفظ منه سوراً كثيرة، ولكني أريد حفظه كله، وأسأل الله التوفيق وإن شاء الله سأتمه في أقرب وقت.
والتحدي الأخير لن ينتهي إلا بلقاء الله، إنه تحدي الارتقاء الإنساني. فكلنا ننتمي إلى هذا الجنس البشري بما فيه من إيجابيات وسلبيات. والله خلقنا لنرتقي فوق مستوى بشريتنا، لنرتقي فوق مستوى الحقد والضغينة والحسد والعدوان... وقال سبحانه: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: 7-10]. وخاب وخسر من خرج من الدنيا ولم يزكِ نفسه قبل لقاء ربه. إنه تحدي الجد والاجتهاد في العمل والأسرة والشارع والمجتمع، إنه تحدي البعد عن الشر وفعل الخيرات في كل مجال من مجالات الحياة، وهو مجال قال فيه الله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].

الأعمال التي قام بها
بعد تخرجه عمل في العديد من الأماكن، فعمل أولاً مختصاً اجتماعياً في جامعة الأزهر لمدة سنة تقريباً، ثم معيداً بكلية الخدمة الاجتماعية-جامعة القاهرة، فمدرساً مساعداً، فأستاذاً مساعداً في جامعة القاهرة، وخلال عمله بجامعة القاهرة درس منتدباً في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة، وكلية التربية بجامعة الأزهر في القاهرة وفي أسيوط.
ثم عمل أستاذاً مساعداً بجامعة الإمارات العربية، ثم رقي أستاذاً مشاركاً بجامعة القاهرة.
شارك في برنامج دراسي تدريبي صيفي بين هيئة الأونروا التابعة للأمم المتحدة وإحدى الجامعات الأمريكية، وطُبق هذا البرنامج في الأردن ولبنان وسوريا. وأخيراً، انتقل للعمل بجامعة السلطان قابوس أستاذاً مساعداً.
أنتج نحو 20 بحثاً محكماً، وشارك في تأليف أكثر من 10 كتب منشورة منها كتاب منشور باللغة الإنجليزية، وشارك في أكثر من 100 عمل تطوعي، معظمها في سلطنة عمان، كما شارك في مشاريع بحثية بعضها ممول في مصر، واليمن، والإمارات وسلطنة عمان. وخلال هذه الرحلة تعامل مع هيئات عديدة محلية وأجنبية منها: الصندوق الاجتماعي للتنمية، وهيئة كير، وكاريتاس مصر، والهلال الأحمر، وجمعية الاجتماعيين في مصر والإمارات وسلطنة عمان، وهيئة الأونروا التابعة للأمم المتحدة، وهيئة اليونيسيف.

طريقة التدريس
في ختام حديثه أخبرنا د.مجدي عن طريقته في التدريس قائلاً: التعليم الجامعي هو أحد مراحل بناء شخصية الطلاب، ولذلك فأنا أركز دائماً على أن يكون للمقرر الذي أدرّسه أهدافاً معرفية ومهارية ووجدانية، وأسعى لتحقيها، وأعتقد أن هذه المنهجية جيدة في العملية التعليمية. وأهم شيء في التعليم الجامعي أن يساعد المعلم الدارسين على بناء الدافع نحو التعلم والتطوير الذاتي. وأرى أن كثيراً من الطلاب العمانيين لديهم قدر جيد من هذه الدافعية، ولذلك نجد منهم طلاباً متميزين واعدين، لديهم وضوح في الرؤية لأهدافهم وأهداف مجتمعهم، منطلقين من قواعد أخلاقية طيبة، ومستويات معرفية قوية. والبعض الآخر من الطلاب يدخل إلى الجامعة وعينه على الوظيفة والراتب لا على تحصيل العلم والمعرفة. لا أقول إن النظر إلى الأمور المادية خطأ ولكن أقول إن هذه الأمور لو تتأخر قليلاً عن سابقتها سيكون هذا أفضل بكثير؛ لأن الإنسان بالعلم سيحصل الحسنيين إن شاء الله.
تمنياتي للشباب بغد مشرق وأيام أسعد من أيامنا، وأن يديم على عمان وأهلها وسلطانها وسائر بلاد المسلمين الخير والرخاء، وشكراً على هذا اللقاء.