يعتبر قطاع الصناعة في السلطنة من الروافد الحيوية المهمة للاقتصاد الوطني وأحد القطاعات الواعدة الخمسة والمستهدفة خلال الخطة الخمسية التاسعة (2016 - 2020)، في ظل سياسة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها البلاد للتقليل من الاعتماد على ثروة النفط، حسب ما أكده وزير التجارة والصناعة.
وتعكس أرقام وإحصائيات الخطة التنموية الخمسية الثامنة (2010 - 2015) إلى نمو الصناعة العمانية حيث اشتمل النمو معظم أنشطة الصناعة التحويلية أهمها صناعات المواد الكيميائية الأساسية حيث بلغ متوسط النمو السنوي لإجمالي القيمة المضافة للصناعة حوالي 10.4 بالمائة مع زيادة في مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بمعدل 10.5 بالمائة سنوياً، فيما بلغت القيمة المضافة لقطاع الصناعة العام 2010 حوالي بليونين و202 مليون ريال عماني مرتفعة إلى حوالي ثلاثة بلايين و152 مليون ريال عُماني في العام 2014.
وبلغ إجمالي الاستثمار الصناعي في السلطنة خلال الخطة الخمسية الثامنة حوالي 24 بليونا و851 مليون ريال عماني، بمعدل نمو سنوي حوالي 10.5 بالمائة وكانت أكبر الاستثمارات التي تحققت في تلك الفترة في أنشطة الصناعات الغذائية بما فيها الزيوت النباتية، والمواد الكيماوية، ومنتجات الحديد والصلب والألمنيوم، والمنتجات التعدينية وصناعة الأثاث والتعبئة والتغليف، وأشارت إحصائية وزارة التجارة والصناعة إلى أن إجمالي الاستثمار في المشاريع المسجلة في العام 2015 بلغ حوالي 427 مليون ريال عماني.
وتنظر الحكومة بإيجابية إلى قطاع الصناعة خاصة في ظل النجاح الذي حققته الدولة في السنوات السابقة، على صعيد بناء قاعدة صناعية حديثة ومتماسكة لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة وخدمة أهدافها المتمثلة في صناعة البتروكيماويات والألمنيوم والحديد والصلب وغيرها، وفي نفس الوقت تخطو بجدية نحو مواجهة التحديات التي يعاني منها القطاع الصناعي وتختلف طبيعتها وتأثيراتها بحيث باتت تطرح أسئلة رئيسية تتعلق بمصير تطور الصناعات ومستقبلها وقدرتها التنافسية للمنتجات الوطنية، وحجم دورها وبقدرتها على أن تبقى جزءاً من التطور والتنمية الاقتصادية.
وبلا شك إن التصنيع سيظل الخيار الاستراتيجي الأمثل للإسراع في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، إلا أنه ومع تشكل مناخ اقتصادي مستقبلي يتسم بالانفتاح وشدة المنافسة وازدياد وتيرة المستجدات الاقتصادية والمعلوماتية والتقنية وغيرها من سمات العولمة، تبرز العديد من التحديات التي تواجهها جميع الاقتصادات وقطاعات الأعمال في العالم، ومن ثم تتشكل تحديات كبيرة لمستقبل القطاع الصناعي في البلاد.
ويعتبر الارتقاء بالقدرة التنافسية إلى مستوى العالمية لمنتجات الصناعة العمانية ضرورياً ليس فقط لكسب حصص في أسواق التصدير العالمية، وإنما أيضاً للمحافظة على حصص الأسواق المحلية وتعزيزها، وتتطلب مواجهة هذا التحدي من الوحدات الصناعية بالسلطنة العمل على رفع معدلات الإنتاجية والجودة إلى المستويات القياسية العالمية. وما نراه اليوم، فإن التطور والتغير في الأسواق العالمية ومجالات التقنية يشهد إيقاعاً متسارعا مما يشكل تحدياً كبيراً لقطاع الصناعي، وتحتم مواجهة مثل هذا التحدي استحداث آليات تتسم بالمرونة في الإدارة والتصميم والإنتاج والتسويق وغيرها من مجالات العمل الصناعي. تحتل التقنية دوراً حاسماً في زيادة الإنتاجية، مما ينعكس بصورة مباشرة على القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية، ومن هنا فإن بناء قاعدة تقنية صلبة يعد أحد ركائز المستقبل الصناعي الواعد، وبالتالي تعد مهارات ونوعية القوى العاملة الصناعية من العوامل الحاسمة في إطار تطور التنمية الصناعية والقدرة التنافسية للصناعات مستقبلاً، وفي سبيل تطوير قدرات القوى العاملة الوطنية بات ضرورياً مراجعة وتكثيف مجالات ونوعية التعليم والتدريب الفني والمهني، بحيث تتناسب مخرجات هذه المؤسسات مع احتياجات الشركات الصناعية في مختلف التخصصات. ومن أجل زيادة تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في دعم موارد الدخل القومي إلى جانب تشغيل القوى العاملة الوطنية، نأمل من الجهات المعنية أن تقوم بتطوير الحوافز وتسهيل الإجراءات بالإضافة إلى تجديد القوانين والتشريعات، وتذليل كافة التحديات التي تواجه القطاع في الوقت الراهن. كلمة أخيرة، متى ستكون بلادنا دولة صناعية؟.. أمل نطمح أن يتحقق على أرض الواقع.