تعتبر الأقسام الهندسية في الكليات التقنية السبع من بين البرامج التقنية التطبيقية التي صممت اختصاصاتها ومناهجها لتلبية متطلبات سوق العمل من القوى العاملة الوطنية المؤهلة، وتشمل الهندسة الميكانيكية، وهندسة النفط والغاز، وهندسة التبريد والتكييف والهندسة المدنية، ومسح الكميات، والرسم الهندسي، وهندسة القوى الكهربائية، وهندسة الحاسب الآلي، وهندسة الاتصالات.
وتحرص المديرية العامة للتعليم التقني بوزارة القوى العاملة أن يأخذ الجانب التطبيقي ــ العملي 70% من مجموع حصص التدريس في الكليات التقنية وسواء في كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس أو في الأقسام الهندسية في الكليات التقنية فإن تلك التخصصات ومناهجها وتطبيقاتها صيغت لتلائم الاحتياجات من الوظائف والمهن في سوق العمل، فالقطاع الخاص كان دائم الحضور في مجالس الأقسام الهندسية للمساهمة في وضع التخصصات الأكثر ملاءمة لسوق العمل وإحتياجاته.
وأكدت المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن العديد من الدراسات التي سلطت الضوء على العلاقة بين التعليم وسوق العمل، توضح أن هناك علاقة استراتيجية وثيقة، تحكمها العلاقة بين العرض والطلب في سوق العمل، ومن هنا يمكن القول بأن استراتيجيات وسياسات التعليم، إذا ما تم ربطها بشكل ممنهج مع الاقتصاد الوطني وتوجهات سوق العمل، فإن ذلك الربط سوف يعمل دون شك على جسر الهوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وبالتالي الحد من وجود باحثين عن عمل، لذا فإن التعليم يلعب دورا محوريا في أي سياسات أو خطط أو برامج تستهدف تحقيق الإصلاح الاقتصادي من أجل أهداف التنمية المستدامة.
وتبنت الحكومة سياسات ومشاريع جادة لموازنة سوق العمل واستقراره وربط التعليم والتدريب بسوق العمل، مستهدفة تطوير وتنمية مهارات وكفاءة وفعالية القوى العاملة الوطنية لتكون منافساً قوياً للقوى العاملة الوافدة فوضعت البرامج والحوافز لتشجيع الشباب العماني للعمل في المهن التي لا تلقى قبولا مجتمعيا كالبيع والسياحة والمقاولات، بل إن وزارة القوى العاملة لم تتوان عن تقديم المبادرة تلو المبادرة للعمل الحثيث مع القطاع الخاص لتوفير مئات الآلاف من فرص العمل للباحثين عن العمل ولاستقرار القوى العاملة الوطنية في عملها، فخلال السنوات من 2011 إلى نهاية 2015 تم استدعاء ما يربو على 170 ألفا من الباحثين عن عمل وتم عرض ما وفره القطاع الخاص من فرص العمل، وهم من مخرجات الدبلوم العام وما دونه، ومن حملة شهادات التعليم الجامعي، فضلا عن توالي تنفيذ برامج التدريب المقرون بالتشغيل، لذلك فإن وزارة القوى العاملة عملت وتعمل وعلى أسس مدروسة ربط مخرجات التعليم التقني بسوق العمل.
وشمل الجهد الحكومي في السلطنة ربط مخرجات التعليم بسوق العمل بما يلي من الإجراءات التي اتخذتها المؤسسات المسؤولة عن التعليم العالي:
* اعتبار التعليم العالي أحد أهم القطاعات التي شملتها مشاريع تشغيل القوى العاملة حيث تم التركيز على الجودة وذلك من خلال الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي فقد تم إنشاء الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي بموجب المرسوم السلطاني رقم 54/2010 الصادر في 3/5/2010م لتحل محل مجلس الاعتماد وتتبع مجلس التعليم ويأتي إنشاء الهيئة لتكون الجهة الرسمية المسؤولة عن عمليات الاعتماد وضمان جودة كافة مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة في السلطنة واعتماد البرامج الأكاديمية التي تطرحها هذه المؤسسات كما إن للهيئة دورا أساسيا في تقييم واقع جامعات وكليات التعليم العالي بمعايير واقعية للجودة. كما عملت الهيئة منذ فترة التأسيس على وضع نظام وطني لإدارة جودة التعليم العالي يستند إلى أفضل الممارسات العالمية ويأخذ في الوقت نفسه متطلبات البيئة العمانية المحلية بعين الإعتبار.
* عملت الحكومة تسليط الضوء على استراتيجيات وسياسات وآليات التعليم العالي من حيث علاقتها باحتياجات سوق العمل.
* تحليل واقع سياسات التعليم العالي في السلطنة وعلاقتها بسياسات واتجاهات الاقتصاد الوطني وسوق العمل.
* عرض مشاريع الرقي بالتعليم في ضوء تطورات سوق العمل وأنشطة الاقتصاد الوطني مع تسليط الضوء على علاقته بمخرجات التعليم العالي والمهني من خلال رؤية استراتيجية.
* متابعة وتفعيل المؤسسات الحكومية المعنية بالإشراف على تنفيذ برامج تشغيل القوى العاملة الوطنية وفق احتياجات سوق العمل، وجعل التدريب المهني مكملا للتشغيل ببرامج يتواصل تنفيذها مع القطاع الخاص.
* تشجيع القطاع الخاص لاستيعاب آلية ربط مخرجات التعليم بسوق العمل والتأكيد على ضرورة مساهمته في تقييم وتطوير تخصصات التعليم وبرامجه بما يتناسب واحتياجات سوق العمل.
* عقد الندوات والمؤتمرات وحلقات العمل والتنسيق بين الجهات المسؤولة عن التعليم بما يجعل مخرجات التعليم على مستوى الجودة التي يتطلبها سوق العمل.
وبعد كل ما تقدم فهل قصرت مؤسسات التعليم العالي فيربط برامج وتخصصات التعليم في السلطنة لم تُرْبَط بسوق العمل؟. الجواب: بلى إن الجهات الحكومية لم تقصر في الربط المنشود، وإن وجد ما يعيق تشغيل خريجي الجامعات والكليات من القوى العاملة الوطنية ووجود أعداد متزايدة من الباحثين عن عمل، فلتلك الحالة مسببات أخرى وملخصها ليس في تخصصات التعليم أو مناهجه وهي:
ــــ تكررت التوجيهات السامية بضرورة إجراء المراجعة الشاملة للتعليم، وتلك المراجعة تبدأ بتقييم أهلية المخرجات وجودة إعدادها في التخصصات الأكثر طلبا في سوق العمل.
ــــ القطاع الخاص يريد تشغيل القوى العاملة الوطنية، بأي مؤهل دراسي وبأي خبرة، ولكن بشرط أن تحقق الربح الذي تحققه القوى العاملة الوافدة، ولم يعط الإهتمام الكافي بتدريب القوى العاملة الوطنية للوظائف والمهن المتوفرة في منشآته.
ـــــ فتَطَلُّع معظم القوى العاملة الوطنية في منشآت القطاع الخاص أو من الباحثين عن عمل لوظيفة في القطاع الحكومي، لما لهذا القطاع من مميزات، تلك أهم معوقات تشغيل مخرجات التعليم من القوى العاملة الوطنية التي تتسبب بالتصور السائد بأن مخرجات التعليم غير مربوطة بسوق العمل.