مسقط - سعيد الهاشمي
احتفلت بلدية مسقط صباح أمس الأربعاء، ضمن أعمال حلقة العمل حول مستقبل الهوية المعمارية، بتدشين كتاب مدن للناس لمؤلفه المهندس المعماري الدنمركي يان جيل، برعاية رئيس بلدية مسقط معالي المهندس محسن بن محمد الشيخ، وبحضور عدد من أصحاب السعادة والمشاركين بالحلقة من الخبراء الدوليين والأكاديميين والمهندسين المعماريين من مختلف الجهات الحكومية والخاصة.
بدأ حفل التدشين بكلمة مستشار الشؤون الإعلامية المكلف بالإشراف على الإعلام والتوعية ببلدية مسقط سيف بن سباع الرشيدي أوضح فيها القيمة الفعلية لهذا الكتاب، مضيفاً أن يان جيل مؤلف هذا الكتاب يعد قامة في مجال تخطيط الساحات العامة واستغلال الفضاءات الواسعة، ولذلك فإن فلسفة هذا الكتاب تنطلق من أننا نحن البشر نشكل المدن ثم المدن تشكلنا، أي بمعنى أنه يجب أن نخطط مدننا للناس وليس للسيارات، وبهذه الطريقة نحول المدن إلى مدن قابلة العيش وتحقق رغبات الساكنين وتطلعاتهم وتكون مدنا صحية، لأن كل المشاريع المعمارية التي صممها يان جيل تعتمد على المشي والتقليل من استخدام السيارات واستبدالها بالمواصلات العامة، كما يركز الكتاب على ما يسمى المباني التي تأتي في المستوى الإنساني، ولذلك فقد استعانت بلدية مسقط بالبروفيسور يان في العام 2007 لتقديم آراء واستشارات للبلدية فيما يتعلق بالفضاءات والساحات العامة، وفي ذلك الوقت تم الاتفاق على أن تكون كذلك حقوق الترجمة والنشر عن طريق بلدية مسقط، والهدف من ترجمة هذا الكتاب هو نشر المعرفة للمختصين في مجال التخطيط للمدن سواء في السلطنة أو في العالم العربي بشكل عام، ولذلك فنحن اليوم سعداء بتدشين هذا الكتاب الذي يضيف قيمة معرفية بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس ممثلا بقسم الترجمة.
كما ألقى مؤلف الكتاب يان جيل كلمة عرف فيها بمحتوى الكتاب الذي يركز على فكرة تحويل البيئات الحضرية في جميع أنحاء العالم من بيئات مهجورة تفتقر إلى عنصر الحياة إلى فراغات تنبض بالحياة والجودة معتمدا على توجيه التركيز أثناء التصميم على طرق استخدام الناس للأماكن العامة والمساحات التي يعيشون ويعملون فيها. ويعدُّ هذا الكتاب ثورة في مجال التصميم الحضري للمدن، ويؤكد جيل في كتابه ضرورة اعتبار الإنسان أولوية قصوى عند تخطيط وتصميم المدن، ويعرض الكتاب تصميم أو إعادة تصميم للأماكن العامة لتكون متناسبة مع الإنسان، وهو ما يفسر بوضوح الأساليب والأدوات التي تستخدم لإعادة تكوين الأماكن العامة لتكون مدناً للناس مع مراعاة تغيير التركيبة السكانية وأنماط الحياة المتغيرة. يؤكد جيل في كتابه أربع قضايا ضرورية لنجاح تخطيط أية مدينة وهي أن تكون مدينة حيوية وآمنة ومستدامة وصحية، ويدعو جيل سكان المدن التي تشهد نموا سريعا في البلدان النامية إلى تخطيط مدنهم لتناسب الإنسان وذلك بتقديمه للأدوات الواجب استخدامها والمبادئ الأساسية ولمحات عامة عن الأساليب لتطبيق ذلك، ويعرض الكتاب أكثر من 700 صورة ورسم من أعماله في جميع أنحاء العالم.
جلسات نقاشية
واصلت بلدية مسقط أعمال اليوم الثاني من حلقة العمل حول مستقبل الهوية المعمارية التي تنظمها بالتعاون مع المعهد الملكي للبريطانيين المعماريين، وقد أقيمت جلسة نقاشية للحديث عن أفضل وأسوأ الممارسات والنظم لتنفيذ المبادئ التوجيهية التي من شأنها تشكيل الهوية المستقبلية لمسقط وكيفية إيجاد هوية معمارية مستقبلية معاصرة مع مراعاة الحفاظ على الإرث التاريخي، حيث قدم البروفيسور ستيفن بروكهاوس من المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين دراسة حالة حول الممارسات الدولية في تشكيل الهوية المعمارية للمدينة. وضح فيها أفضل الممارسات لخلق المبادئ التوجيهية المعمارية، وكيفية وضع مبادئ توجيهية مناسبة وفعالة للتنفيذ. بالإضافة إلى الحديث حول إعادة النظر في الهوية المعمارية الحالية والنظر في تحسينها استنادا إلى المبادئ التوجيهية المحدثة، واستعرض بروكهاوس تجربة إنجلترا كنموذج للمدن الجديدة، إذا أوضح أن سياسة الدولة العمرانية قد اتجهت نحو إعداد مخططات التنمية الشاملة والاتجاه نحو تطوير الأقاليم بهدف الوصول إلى نمط معماري فريد، وكيف استطاعت هذه السياسات أن توفر حلولا للكثافة السكانية بتوفير طرق المواصلات المختلفة وذلك حتى لا تتعارض مخططات التطوير والتحسين المعماري والحضري بتنامي أعداد السكان، وبشكل عام فقد عكست تجربة إنجلترا نمطاً معمارياً حافظ على هويته على مدى السنين، إذ قُدمت مجموعة من الأبنية المعمارية المختلفة التي لم تتناقض مع النمط المرسوم الحالي وإمكانية إعادة تصميمه بالحفاظ على أصالته. من جانب آخر قدم خبير التخطيط لمكتب مدير بلدية صحار رمضان محمود رمضان عرضا مرئيا استعرض فيه تجربة بلدية صحار في التخطيط الحضري للولاية، وذلك من خلال قراءة الوضع الراهن للمناطق ونماذج من المخططات السابقة بالولاية، ثم إعادة تخطيط المناطق السكنية القديمة والمخططات التجارية والسياحية، وإعادة تأهيل مناطق الإسكان الاجتماعي واستعرض تصاميم تلك المناطق ومجالات التخطيط الحضري، بالإضافة إلى إعداد وتصميم المخططات السكنية بالمناطق الجبلية وعن جهود بلدية صحار في جعل هذه المساكن ذات نمط معماري يتناسب مع وجودها الجغرافي.
كما تضمن العرض ملخصاً حول مشروع المنطقة اللوجستية بصحار وما يتضــــــمنه من خطـــــط تطويرية، واختتم العرض التطرق إلى جهود بلدية صحار في مجال إعادة تخطيط المواقع السياحية المستهدفة للتأهيل الحضري والخدمي.