مسقط - سعيد الهاشمي
شدد مقرر لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الدولة المكرم د. إسماعيل بن صالح الأغبري على ضرورة المحافظة على التراث العماني من قبل الدولة والأفراد.
وأضاف في حديثه لـ«الشبيبة» أن الحضارة العمانية ليست وليدة اليوم وإنما هي دولة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، فينبغي على المواطنين أن يتنبهوا لأهمية موروثهم المادي المتمثل في القلاع والحصون والأبراج والأسوار وهندسة الأفلاج، كما ينبغي أيضاً أن يتنبهوا لأهمية تراثهم المعنوي المتمثل في المخطوطات والمؤلفات والكتب وغيرها، مؤكداً أنه لابد للإنسان العماني أن يحفظ هويته ويحافظ على شخصيته من خلال حفظ التراث جيلاً بعد جيل، وعليه التمسك به بعدم التفريط فيه لا تهريباً ولا إتلافاً ولا استهزاءً بل عليه أن يتعاون مع الدولة لحفظ هذا التراث، لافتاً إلى أن التراث العماني يمكن أن يكون مورداً سياحياً ومفتاحاً لجذب السياح.
جاء ذلك على هامش إقرار مجلس الدولة أمس الثلاثاء مشروع قانون التراث الثقافي المحال من مجلس الوزراء الموقر، وتقرير لجنة الثقافة والإعلام والسياحة وتقرير مجلس الشورى حوله، مع الأخذ بملاحظات المكرمين الأعضاء وتشكيل لجنة صياغة فنية لتضمين مرئيات المكرمين الأعضاء حوله برئاسة رئيس مجلس الدولة معالي د.يحيى بن محفوظ المنذري وبحضور المكرمين أعضاء المجلس وسعادة الدكتور الأمين العام للمجلس، وذلك بعد مناقشة التقرير المعد من قبل اللجنة حول مشروع القانون وإدخال التعديلات عليه، على ضوء ما أسفرت عنه المناقشات والمداخلات المستفيضة التي شهدتها الجلسة العادية الخامسة لدور الانعقاد السنوي الثاني من الفترة السادسة للمجلس، وذلك في قاعة الاجتماعات بمبنى المجلس بالبستان.
وفي مستهل الجلسة ألقى معالي الدكتور رئيس المجلس كلمة رحب فيها بالمكرمين الأعضاء، مستعرضاً جدول أعمال الجلسة، وقال إن الجلسة ستخصص لمناقشة مشــــــروع قانون التراث الثقافي، المحال من مجلس الوزراء الموقر وتقرير لجنة الثقافة والإعلام وتقرير مجلس الشورى حوله، بالإضافة إلى الاطلاع على عدد من التقارير المتعلقة بأعمال المجلس، سائلاً في ختام كلمته الله تعالى التوفيق لتحقيق أهداف المجلس والمساهمة في دعم مسيرة التنمية في البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.
عقب ذلك، استعرض رئيس لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بالمجلس المكرم د.أحمد بن علي المشيخي أهمية وأهداف القانون المتمثلة في الحفاظ على التراث الثقافي المادي والمعنوي وتطوير سبل تنظيمه وإدارته والترويج له، واتساق ذلك مع الاتفاقيات العالمية ومنها اتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي (1972)، واتفاقية العام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي.
كما استعرض المكرم د.أحمد المشيخي الجهود التي بذلتها اللجنة في دراستها لمشروع القانون، موضحاً في هذا الصدد أنه قد شُكِّل فريق لدراسته وإعداد تقرير حوله، مبيناً أن اللجنة تدارست مشروع القانون مع اللجنة القانونية بالمجلس.
وأعرب عن شكره لمكتب المجلس ورؤساء اللجان على ملاحظاتهم القيمة منوها بجهود أعضاء اللجنة وجهازها الفني، وأفاد أن مشروع قانون حماية التراث الثقافي أُحيل من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى ثم إلى مجلس الدولة استناداً إلى المادة (37) من المرسوم السلطاني رقم (99/2011)، معرباً عن تثمين اللجنة للتعديلات والملاحظات التي أبداها مجلس الشورى على مواد مشروع القانون، مشيراً إلى أن اللجنة اتفقت مع رأي مجلس الشورى في جلّ المواد مع وجود تباين محدود في 9 مواد، كما أجرت تعديلات شكلية في 15 مادة، ودمجت مادتين في مادة واحدة.
وبيَّن أن جل مقترحات المكرمين أعضاء المجلس التي وردت للجنة قد أُخذ بها، إضافة إلى مجمل الملاحظات التي أبداها أعضاء المكتب، وضُمِّنت في مقترح مشروع القانون.
يذكر أن لجنة الثقافة والإعلام والسياحة تدارست مشروع القانون من عدة جوانب تأكيداً على أهمية التراث الثقافي كونه ركناً أساسياً من الهوية الوطنية العمانية وقاعدة للانطلاق في بناء الدولة العصرية.
ومن منطلق اهتمام السلطنة بالحفاظ على التراث الثقافي، فقد أصدر جلالة السلطان المعظم المرسوم رقم (12/76) والذي قضى بإنشاء وزارة التراث القومي ثم عُدِّل مسماها في العام 2002 لتصبح وزارة التراث والثقافة، وأُسندت إليها العناية بالآثار والمتاحف والمباني التاريخية، وصيانتها وتوظيفها والاهتمام بجمع المحفوظات والوثائق، وحمايتها من التلف والضياع، كونها جزءاً من مفردات التراث العماني، بالإضافة إلى العناية بالفنون الشعبية، والنهوض بالمسرح والموسيقى والسينما، والفنون التشكيلية والأغنية العمانية، وتعزيز دور المشاركة الوطنية في التنمية الثقافية.
وقد تدارست لجنة الثقافة والإعلام والسياحة مشروع القانون من الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية، ففي الجانب القانوني تكمن الأهمية القانونية لمشروع قانون التراث في اعتباره جزءاً من منظومة القواعد القانونية المنظمة لسلوك الأفراد في المجتمع وفقاً لحاجات ومتطلبات المحافظة على التراث الثقافي التي تستدعي بيان السلوك المجرّم وما يترتب عليه من عقوبة مقررة تتناسب مع الآثار المتوقعة من ذلك السلوك المجرّم.
وفي الجانب الاجتماعي، يمثل قانون التراث الثقافي الجديد ركيزة إستراتيجية كبرى ضمن جهود السلطنة المتواصلة وذلك من عدة نواحٍ أهمها: استدامة الهوية الوطنية، والحفاظ على التراث الثقافي المادي والمعنوي وتطوير سبل تنظيمه وإدارته والترويج له، وتشجيع المجتمع على صونه وممارسته بمختلف أشكاله، وخاصة عبر حماية المباني والمواقع التاريخية والحث على الاستمرار في ممارسة التراث الثقافي المعنوي المتمثل في العادات والتقليد والمهارات الشعبية، وتضمين وتدريس أهمية التراث وحمايته في المناهج التعليمية.
أما في الجانب الاقتصادي، فإن التراث الإنساني يشكل أحد الموارد الاقتصادية للمجتمعات، التي يمكن أن توظف في الحصول على عائدات اقتصادية تدر دخلاً يضاف إلى الاقتصاد الوطني، لذلك اتجهت غالبية الدول إلى التخطيط العلمي لاستثمار التراث الثقافي، إذ يرتبط التراث بالقطاع السياحي بشكل مباشر، مما يستلزم توسيع قاعدة السياحة لتشمل السياحة التراثية والثقافية والعمل على تطويرها إلى جانب السياحة الكلاسيكية.
ويناقش المجلس في جلسته السادسة اليوم الأربعاء مقترح لجنة التعليم والبحوث حول دراسة «مراجعة ازدواجية البرامج والتخصصات في مؤسسات التعليم العالي»، كما يناقش مقترح رغبة اللجنة الاقتصادية بشأن تعديل قانون التنمية الاقتصادية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (9/75)، ويطلع المجلس خلال الجلسة كذلك على تقرير حول مشاركة المجلس في المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، إضافة إلى الاطلاع على برنامج التعاون بين المجلس وجامعة السلطان قابوس، وتقرير الأمانة العامة حول أنشطة المجلس للفترة الواقعة ما بين الجلسة العادية الرابعة والجلسة الخامسة والسادسة لدور الانعقاد السنوي الثاني من الفترة السادسة علاوة على الاطلاع على محضر اجتماع مكتب المجلس مع المكرمين رؤساء اللجان الذي عقد خلال شهر يناير الفائت.