مآسي إنسانية رهيبة جراء الحرب اليمنية «الشبيبة» تبرز معاناة أسر فقدت عوائلها

الحدث الأربعاء ٠٨/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
مآسي إنسانية رهيبة جراء الحرب اليمنية

«الشبيبة» تبرز معاناة أسر فقدت عوائلها

عدن - إبراهيم مجاهد

عام كامل وبضعة أيام مضت، على فقد عائلة «أمين» عائلها الوحيد الذي كان يوفر لها أدنى مستويات العيش البسيط الذي قد لا يتعدى وجبتين في اليوم الواحد، ففي فبراير من العام الفائت سقط أمين مضرجاً بالدماء أثناء تصديه مع أبناء قريته في بلاد الوافي بمديرية جبل حبشي في محافظة تعز -ذات أعلى كثافة سكانية في اليمن- لهجوم في إطار الصراع على السلطة الذي تشهده أفقر بلد عربي في الشرق الأوسط، منذ عامين.

ألم الفقد والفقر

أمين الذي غادر الحياة وتركها بكل وجعها وآلامها، ترك أيضاً وراءه أسرة مكونة من أم لا حول لها ولا قوة، وسبعة أبناء، لا عائل لهم بعده إلا الله. أسرة أمين -التي تقطن في ريف تعز- تعيش ظروفا معيشية قاسية، وحياة تكاد أقرب إلى الموت، فبعد عام من فقد هذه الأسرة لمن كان يعولها، تعيش على ما يجود به أهل القرية من مواد غذائية تساعد أسرة أمين على البقاء أحياء، فالراتب الذي كان يتقاضه أمين يبدو أنه غادر أيضاً معه فعائلته لم تستلمه منذ رحيله.
أمين رحل عن الحياة وارتاح من أعبائها تماماً، إلاّ أن أسرته الذي أوجعها رحيله ولا زالت تتألم عليه، تعيش أوجاعاً أخرى كغيرهم من اليمنيين، حيث بات ثلثا شعب اليمن بحاجة لمساعدات إنسانية وغذائية ماسة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، أي أن «16» مليون نسمة باتوا يعيشون تحت مستوى خط الفقر الأمر الذي ينذر بحدوث مجاعة قد تجتاح البلاد في حال استمرت الحرب ومنعت المساعدات الإنسانية من الوصول إلى محتاجيها. كما حال أهالي الكثير من المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة يومية.

الموت قتلا أو جوعاً

أسرة «أمين» ليست الوحيدة التي تعيش هكذا في وجع وألم ومأساة، فثمة عشرات بل المئات من الأسر اليمنية فقدت عائلها الوحيد بسبب الحرب المجنونة التي تشهدها البلاد وستطوي بعد عشرين يوماً سنتها الثانية، أنهك ودمر فيها كل شيء إلا آلة الحرب ومعداتها وذخيرتها لم تكل ولم تنته بل على العكس فأطراف الصراع تجرب بين الفينة والأخرى أسلحة جديدة ومتطورة تكاد تكون أكثر وأسرع فتكاً بالمدنيين الذين بات المجتمع الدولي يضعهم في خانة ضحايا الصراع ويواجهون خطر الموت بالسلاح أو بالجوع والفقر.

وجع الرحيل دون جثمان

أسرة «علي أحمد اللساني» -واحدة من الأسر اليمنية التي فقدت من يعولها جراء الصراع المسلح- تعيش حالة مأساوية صعبة جداً، فهذه الأسرة التي شاء القدر أن يكون عائلها الوحيد، أحد الضحايا الذين قتلوا في حادثة «صالة عزاء آل الرويشان» الشهيرة بصنعاء.
تعيش هذه الأسرة حياة صعبة جداً كحال أسر تعاني ذات الفقد. إلاّ أن ما يزيد معاناة هذه الأسرة التي تتكون من ستة أبناء أكبرهم في الصف الأول من التعليم الأساسي، وأمهم التي تتوجع يومياً ليس على رحيل زوجها فحسب، فـ «علي» واحد من الضحايا الذين لم يتم العثور على جثثهم في هذه الحادثة المؤلمة. الأمر الذي يضاعف حزن ومأساة هذه الأسرة التي بالتأكيد فقدت أيضاً برحيل عائلها مرتبه الشهري الذي كان يعينهم على مواجهة مستلزمات الحياة، فمرتبات جميع موظفي الدولة متوقفة منذ خمسة أشهر.

جوع أبنائه أوقف قلبه

ويوم الأربعاء الفائت توفى الأستاذ محمد قحيمي أحد معلمي مديرية «الحوك» بمدينة الحديدة غربي اليمن، مات هذا المدرس بصورة مفاجأة بعد ساعات من خروجه من منزله بحثاً عن لقمة عيش لأبنائه..
مصادر محلية بمحافظة الحديدة قالت إنه تم العثور على الأستاذ «محمد أحمد قحيمي» أحد التربويين بالمحافظة مرمياً على الأرض بشارع «صدام» بمدينة الحديدة بعد أن توقف قلبه فجأة وتم نقلة للمستشفى لمعرفة أسباب الوفاة.
التقارير الطبية أكدت أن سبب الوفاة هو «توقف القلب بشكل مفاجئ» وهو ما عزاه مراقبون قد يعود إلى الكمد والقهر الذي كان يكابده «قحيمي» الذي انقطع راتبه منذ 5 أشهر وهو مصدر رزقه الوحيد في الحياة.. وخرج يوم الأربعاء الفائت للبحث عن شيء من الغذاء لأبنائه الذين يعانون من الفقر بعد انقطاع راتب والدهم.
قلب المدرس المنضبط لم يقو على تحمل مشاهدة أبنائه يتضورون جوعاً وليس بيده حيلة فتوقف عن النبض إلاّ أن معاناة أسرته لم تتوقف مع قلبه بل قد يعجل توقف قلبه بتحريك فصول جديدة من معاناة هذه الأسرة في الحديدة التي تعد من أشد المحافظات اليمنية فقراً.