على بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com
مع تقديرنا للجهود التي تبذلها الهيئة العامة للوثائق والمحفوظات الوطنية في إقامة معارض ومؤتمرات في أفريقيا من أجل تحقيق الهدف الأســــمى وهو تعريف شعوب تلك القارة بالإرث الحضاري والتاريخي العماني الضارب بجذوره في أعماق الأصالة، لاسيما أن للسلطنة أو للإمبراطورية العمانية في العقود الفائت علاقات يمكننا وصفها بالخاصة مع قارة الأسرار والغموض ومع شرقها على وجه التخصيص.
تلك الجهود تمثل ربطاً مهماً ومنطقياً للأجيال العمانية اللاحقة بالتاريخ العريق لآبائهم وأجدادهم، غير أننا نرى أن هناك كذلك مساحات أخرى نتمنى من الهيئة أن تنشر جهودها فيها مثل شبه القارة الهندية والأوروبية والآسيوية وبالتحديد الصين وغيرها، إذ من الثابت أن للإمبراطورية العمانية عبر التاريخ علاقات سياسية واقتصادية متميزة مع كل قارات الدنيا حتى القارة الأمريكية ومع واشنطن بطبيعة الحال، ومع الصين النائية. وما الرحلة التاريخية التي قامت بها السفينة العمانية صحار في الثمانينيات إلى ميناء كانتون بالصين عبر تلمس حي لطريق الحرير البحري إلا تأكيد لحقيقة اتساع علاقات السلطنة التاريخية بكل شعوب كوكب الأرض، وهو ما يفرض على الهيئة توزيع معارضها الوثائقية والتراثية ومؤتمراتها على قارات العالم لكي تتضح الصورة للجميع في تأكيد ناطق على حقيقة أن علاقاتنا لم تكن مع أفريقيا فقط.
لا شك أن الجهود التي تبذلها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كبيرة عبر الاهتمام بالوثائق العمانية توثيقاً وتنقيحاً ثم إظهارها للناس من خلال المعارض الداخلية والخارجية، إذ يهمنا أن يطلع العالم على ما في حوزتنا من لقى حضارية عبر مخطوطاتنا ووثائقنا التي لا تقدر بثمن واضعين في الاعتبار أن عمان هي أقدم إمبراطورية في شبه جزيرة العرب وأنها تاريخياً دخلت الإسلام سلماً لا حرباً ويكفيها تواضعاً لا فخراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأهل عُمان.
كل هذا الإرث التاريخي التليد نتطلع بل نهفو ليراه العالم من أقصاه إلى أدناه عبر تسخير كل وسائل الإعلام المتاحة والممكنة المصاحبة جدلاً وافتراضاً لكل تلك المعارض والمؤتمرات وحتى تحقيق العائد والمردود الاقتصادي منها والمتمثل في الجانب السياحي والذي نعمل جاهدين لتفعيل دوره في رفد اقتصادنا الوطني.
على ذلك نرى أن تكرار إقامة هذه المعارض والمؤتمرات في دول إفريقية فقط لم يعد قادراً على إضافة أي مردود يذكر بدواعي التشبع أو التخمة التي حدثت في هذا الجانب، الأمر الذي يفرض على الهيئة ومجلس إداراتها إعادة النظر في هذا المنحى.
نعلم أن علاقاتنا مع شرق أفريقيا عريقة ووثيقة وأن لنا فيها جذوراً اجتماعية ممتدة حتى اليوم، لكن لا ينبغي علينا المبالغة في إقامة فعاليات وأنشطة فيها فقط، في حين نأمل أن تحظى صلاتنا القديمة مع الصين والهند مثلاً بقدر ولو كان ضئيلاً مما حظيت به إفريقيا.
نأمل من الهيئة العامة للوثائق والمحفوظات الوطنية أن تتريث قليلاً وتقلل من اهتمامها وتركيزها على أفريقيا، وإذا كانت لديها إمكانيات كافية فنأمل أن توزعها على بقية القارات بعدالة، عندها فإن العائد والمردود المرتجى سيغدو مضاعفاً وفق كل الاتجاهات التي أشرنا إليها.