مسقط - ش
تُعد أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة صرحاً تعليمياً وتدريبياً شامخاً يعنى بتنفيذ برامج التدريب والتأهيل لمنتسبي شرطة عمان السلطانية منذ أن قضت التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم القائد الأعلى - حفظه الله ورعاه - بتشييدها في مكانها الحالي الذي يتوسط ولايات السلطنة بمحافظة الداخلية.
وذكر قائد أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة العميد سالم بن راشد العلوي أن الأكاديمية تصنف بأنها مدينة صغيرة تحوي كافة المرافق الخدمية والتدريبية التي يحتاجها العاملون والمتدربون، فبجانب الميادين الخاصة بالجانب الرياضي والتدريب العسكري والتدريب على الرماية والقاعات الدراسية المخصصة لتقديم خدمات التعليم تتوفر بالأكاديمية مرافق خدمية أخرى، فعلى صعيد الخدمات الطبية هنالك عيادة الأكاديمية التي تقدم الرعاية الصحية الأولية لمرتب الأكاديمية وأسرهم ولكافة المتدربين، وأيضا هنالك مركز الرعاية الاجتماعية الذي يعمل على تزويد قاطني الأكاديمية بكافة احتياجاتهم من السلع الاستهلاكية، إضافة إلى روضة الأكاديمية التي سعت إلى إيجاد مساحة واسعة من التعليم والترفيه لأبناء مرتب الأكاديمية، وغيرها من المرافق الخدمية والتعليمية والتدريبية الأساسية التي لا تكاد أي مدينة عصرية تخلو منها.
تطور ملحوظ
وأضاف العميد سالم العلوي أن أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة شهدت على مدار السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً في كافة النواحي التنظيمية والإنشائية فعلى صعيد التنظيم الإداري اعتمد معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك الهيكل التنظيمي للأكاديمية بموجب القرار رقم (61/2001م) الذي جاء متوافقاً مع متطلبات تلك الفترة، ثم تم تحديث الهيكل التنظيمي للأكاديمية بموجب قرار معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك رقم 29/2008م.
وتم في مطلع عام 1993م افتتاح مدينة التطبيقات العملية التي مكنت المتدرب من القيام بتدريبات عملية محاكية للواقع المهني الفعلي الذي سيسند إليه بعد تخرجه من الأكاديمية، أعقبه إنشاء مجمع للبحوث والدراسات الذي يحتوي على قسم للحاسب الآلي ومكتبة عامة, وقاعة للإيجاز , وأخرى للإنترنت، وذلك لتوظيف التقنية الحديثة في خدمة البحث العلمي، وإثراء التعليم الذاتي والشبكي.
وتأكيداً لرسالة المسجد فقد تم في عام 2004م افتتاح جامع الأكاديمية يتسع لقرابة ألف مصل، وجاء الجامع في تصميمه كتحفة معمارية بديعة يجمع بين أساليب العمارة المستمدة من موروثات هذا البلد العريق.
ولاستيعاب الأعداد المتزايدة من المتدربين بعد صدور الأوامر السامية بزيادة معدلات التوظيف في مؤسسات الجهاز الإداري للدولة ومنها شرطة عمان السلطانية، فقد تم خلال الفترة الأخيرة إضافة العديد من مرافق التدريب والتدريس إلى جانب إنشاء العديد من الوحدات السكنية للمتدربين وللعاملين بالأكاديمية.
وعن مهام واختصاصات الأكاديمية قال العميد قائد الأكاديمية إن أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة تعمل على تأهيل وتدريب رجال الشرطة تدريبا أساسياً ومن ثم رفع كفاءتهم بإكسابهم المهارات الخاصة بأداء العمل الشرطي على الوجه الصحيح بالإضافة إلى تأهيل وتدريب طلبة كلية الشرطة علميا وعمليا ليكونوا ضباطا أكفاء بالجهاز.
كما تعمل الأكاديمية على التأهيل العسكري لحملة الشهادات الجامعية وما يعادلها من منتسبي الشرطة للحصول على شهادة الدبلوم في علوم الشرطة، وكذلك التأهيل العسكري للرتب الأخرى من المدنيين الراغبين في التحول للكادر العسكري.
وأشار إلى أن اختيار المحاضرين العاملين في مهنة التدريس بالأكاديمية يتم وفق عدد من المعايير التي تتبلور في الدرجات العلمية والكفاءة والخبرات الواسعة في المهام التدريسية، أما اختيار العاملين في مجال التدريب العسكري والرياضي فيتم عبر لجنة مختصة تتولى مقابلتهم وانتقاء الأجدر منهم وفق عدد من المعايير العلمية والبدنية.
وأوضح أنه نظراً لتزايد الأعداد المنتسبة لهذا الجهاز، فقد حرصت قيادة شرطة عمان السلطانية على إيجاد مراكز تدريبية مساندة لأكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة في مهمة إعداد وتدريب الشرطة المستجدين، والتي نذكر منها مركز التدريب بقيادة شرطة المهام الخاصة ومركز التدريب بشرطة أمن منشآات النفط والغاز, حيث تتولى الأكاديمية الإشراف الفني على هذه المراكز ومدها بالمناهج التدريسية.
وعرج قائلاً إن المتدربات من فصائل الشرطة النسائية يخضعن للبرنامج التدريبي ذاته الذي يخضع له المتدربون من فصائل الشرطة المستجدين, حيث تخضع المتدربات لبرنامج يتضمن المشي والجري واجتياز الموانع الطبيعية والاصطناعية وحصص في الدفاع عن النفس إضافة إلى حصص مكثفة في الحركات العسكرية والمشاة والرماية, كما تتلقى المتدربات على مدار أربعة وعشرين أسبوعا برنامجا نظريا يتضمن أربع مراحل دراسية تهدف إلى إكسابهن المعارف القانونية والمهارات الشرطية, كما يتخللها عدد من التطبيقات العملية التي تحاكي واقع العمل الشرطي.
دورات التأهيل
وعن تطوير نظام دورات التأهيل للضباط قال العميد سالم العلوي إنه إيمانا من القيادة العامة للشرطة بأهمية دورات تنمية المهارات العملياتية والإدارية وما تمثله هذه الدورات لضباط الشرطة على اختلاف رتبهم ومواقع عملهم من أهمية فقد طرأ تغير جذري على مفردات هذه الدورات من حيث المدة الزمنية، ومدى شمولها على مختلف المقررات سواء كانت ميدانية أو رياضية أو الجوانب العلمية الأخرى التي يتلقاها منتسبو هذه الدورات. فمن حيث المقرر الميداني وحصص التدريب العسكري، يغطي البرنامج جميع الحركات العسكرية التي تؤدى بالسيف والعصا والبندقية بالإضافة إلى عروض المشاة المقررة، وتدريب الضباط على قيادة الطوابير والاستعراضات العسكرية. أما من الناحية الرياضية، فبرنامج الدورة حافل بالتنوع ويشمل مسيرات وسباقات جري وحصص لياقة بدنية تساهم في رفع كفاءة الضباط وتطوير قدراتهم في هذا الجانب.
وعلى الصعيد المعرفي، فإن القيادة العامة للشرطة حريصة كل الحرص على تزويد هؤلاء الضباط بالعلوم والمهارات الشرطية المختلفة التي تساهم في تنشيط وتغذية المخزون المعرفي لديهم، ولذلك فإن برنامج الدورة يتخلله مقررات دراسية متنوعة ويحضرها نخبة من الضباط الأكفاء ذوي الخبرات العالية.
الجدير بالذكر أن هذه الدورات تأتي كمتطلب إلزامي من متطلبات الترقية للرتب الأعلى.
أما حول إعداد المناهج الدراسية بالأكاديمية فقد أشار العميد سالم العلوي إلى أن وضع المناهج الدراسية بالأكاديمية يتم استنادا إلى الأهداف المراد تحقيقها من البرامج التدريبية والتعليمية إذ يتم التنسيق مع القائمين على تلك البرامج والتعرف على الغايات المراد الوصول إليها وعلى ضوء ذلك يشرع المختصون بالأكاديمية بوضع المناهج التي تحتوي على المعلومات والمفاهيم والنظريات التي تحقق أعلى مستويات الاستفادة من تلك البرامج, كما يتم التأكد من ملاءمتها للفترة الزمنية المحددة لكل برنامج.
وفيما يخص المعايير التي يستند إليها عند إعداد المنهاج, فإن مسألة إعداد وتطوير المنهاج يجب أن تخضع لمعايير علمية مبنية على أهداف تطويرية واضحة ومحددة تعمل على تنمية مهارات المتدربين تنمية شاملة ومتوازنة تمكنهم من تأدية أعمالهم على الوجه الصحيح.
كما يتم تطوير المناهج بين الحين والآخر بناء على ما يستجد من معارف قانونية وشرطية, وكذلك ما يستجد من دراسات وبحوث علمية متعلقة بالتعليم ووسائله واستراتيجياته, وهذا ما يفرض ضرورة تطوير المناهج لتتماشى مع متطلبات الوضع الراهن والتي يجب أن يطلع عليها رجل الشرطة.
مرافق تعليمية وتدريبية
وأشار العميد قائد أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة إلى أن الأكاديمية تضم العديد من المرافق التعليمية والتدريبية يأتي في مقدمتها مجمع البحوث والدراسات الذي يمثل المورد الخصب لجميع المتدربين بالأكاديمية إذ يمكنهم عبر المكتبة الموجودة في المجمع الاستفادة من شتى أصناف الكتب والمراجع التي بلغ عددها أكثر من اثني عشر ألف كتاب ومؤلف, إضافة إلى عدة قاعات للحاسب الآلي تمكن المتدربين من استخدام شبكة الإنترنت, كما يزود المجمع المحاضرين والمتدربين بالعديد من الوسائل والتقنيات الحديثة المستخدمة في أغراض التعلم.
وأوضح العميد سالم العلوي أن هناك الكثير من أوجه التعاون بين الأكاديمية ومثيلاتها من المؤسسات العسكرية والأمنية في مجالات التدريب والتأهيل العسكري وهذا التوجه جعل الأكاديمية محط أنظار بعض المؤسسات لاختيارها لإرسال منتسبيها للتدريب العسكري بالأكاديمية.
وعن الإصدارات الإعلامية للأكاديمية قال إن مجلة الأمانة تعد من أبرز الإصدارات التي تصدرها الأكاديمية, وهي مجلة علمية دورية محكمة تعنى بنشر الدراسات العلمية والقانونية والاجتماعية والأمنية وغيرها من المجالات المتبلورة في نطاق العمل الشرطي, و شهدت الآونة الأخيرة تحول مجلة الأمانة إلى مجلة متخصصة ضمت مجموعة من البحوث والدراسات التي خضعت للتقييم من قبل أساتذة أجلاء ليشكل ذلك نقلة نوعية في تاريخ المجلة, إضافة إلى ذلك فإن تحول مجلة الأمانة إلى مجلة محكمة عمل على تحقيق عدد من الفؤاد التي ستعود بالإيجاب على العاملين في جهاز الشرطة إذ ستمكنهم من نشر بحوثهم ودراساتهم المتخصصة وإثراء ثقافتهم القانونية والشرطية, كما أن المجلة ستكون رافداً مهماً للباحثين والمهتمين من أساتذة وطلبة علم كونها معيناً لهم في إعداد بحوثهم ودراساتهم باعتبارها مرجعاً علمياً يعتمد عليه لأغراض الترقية العلمية.
أما نشرة صدى الأكاديمية فهي نشرة نصف سنوية يصدرها قسم العلاقات العامة بالأكاديمية تتضمن تقارير مختلفة حول الفعاليات والأنشطة التي نفذتها الأكاديمية بالإضافة إلى مناسبات التخرج والزيارات والمشاركات الداخلية والخارجية، إلى جانب عدد من المقالات العلمية والقانونية الهادفة.
نشاطات متنوعة
وعن النشاط الثقافي والاجتماعي والرياضي والترفيهي بالأكاديمية قال العميد العلوي إن اللجنة الثقافية بالأكاديمية تتولى تنظيم الفعاليات والبرامج الثقافية التي تقام احتفاء ببعض المناسبات الدينية والوطنية ففي شهر رمضان الفضيل يتم إقامة مسابقة ثقافية تضم عددا من الفرق التي تمثل مختلف إدارات وأقسام الأكاديمية، كما يتم تنظيم عدد من المحاضرات العلمية والدينية التي يتولى تقديمها نخبة من المحاضرين المعروفين في الساحة الثقافية العمانية.
كما حرصت اللجنة الثقافية ايضا على تنظيم حفل سنوي ابتهاجا بيوم الشرطة والذي يتم خلاله عرض العديد من اللوحات الثقافية والفنية والمسرحيات الهادفة والفنون الشعبية.
أما الجانب الرياضي فإن الفعاليات فيه لا تنقطع عن أرض الأكاديمية إذ تشهد باستمرار تنظيم العديد من المسابقات على المستوى الداخلي وتتنوع بين الجري، والسباحة، واجتياز الموانع في زمن قياسي، أما على المستوى الخارجي فإن الأكاديمية تشارك في مختلف المسابقات والفعاليات التي يقيمها اتحاد الشرطة الرياضي.
واختتم العميد سالم العلوي حديثه قائلا ان مما لا شك فيه أن التطوير والتحديث يعد ركنا أساسيا في العصر الراهن الذي يشهد تطورات هائلة في مختلف المجالات ومن هذا المنطلق تحرص القيادة العامة لشرطة عمان السلطانية على المتابعة الدؤوبة لسير التدريب والتعليم بالأكاديمية والعمل على النهوض بهذه العملية لتتماشى مع ما يتم استحداثه من تقنيات ووسائل عصرية إضافة إلى زيادة القدرة الاستيعابية للأكاديمية لتلائم الأعداد المتزايدة من المتدربين بالأكاديمية.