قرار ترامب يحطم أحلام أسرة عراقية مسافرة إلى الولايات المتحدة

الحدث الاثنين ٣٠/يناير/٢٠١٧ ٢٠:٠٠ م
قرار ترامب يحطم أحلام أسرة عراقية مسافرة إلى الولايات المتحدة

رويترز

انتظر فؤاد سليمان وأسرته عامين للحصول على تأشيرة للاستقرار في الولايات المتحدة فباعت الأسرة بيتها وترك أفرادها أشغالهم ومدارسهم في العراق قبل أن يبدأوا يوم السبت رحلتهم لبدء حياة جديدة اعتبروها مكافأة لهم على العمل لحساب مؤسسات أمريكية. لكن سليمان وزوجته وأولادهم الثلاثة مُنعوا يوم السبت من ركوب الطائرة التي ستنقلهم من مطار القاهرة إلى نيويورك. فقد أصبحوا فجأة ضحايا للحظر الجديد الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سفر مواطني سبع دول غالبية سكانها من المسلمين إلى الولايات المتحدة.

صودرت جوازات سفر الأسرة المذهولة واحتُجز أفرادها في مطار القاهرة أثناء الليل وأجبروا على ركوب طائرة عائدة إلى مدينة أربيل في شمال العراق صباح أمس الأحد. وقال سليمان لرويترز هاتفياً من مطار القاهرة "عوملنا وكأننا تجّار مخدرات ورافقونا ضباط الترحيل". وأضاف "أشعر بأنني أخطأت في حق زوجتي وأولادي. أشعر وكأنني السبب فيما أصابهم من فزع". وفي أشد قرارات ترامب تأثيراً منذ توليه السلطة قبل أسبوع وقّع الرئيس يوم الجمعة أمراً بتعليق دخول مواطني إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن لمدة 90 يوماً على الأقل.

وقال إن ذلك سيسهم في تأمين الولايات المتحدة من الإرهابيين. وبدأ سريان الحظر على الفور مما أحدث حالة من الفوضى والارتباك للراغبين في السفر ممن يحملون جوازات سفر من الدول السبع. ووصل سليمان وأسرته إلى مطار أربيل الدولي في حالة معنوية سيئة وهو يتعجب من توقيع ترامب وثيقة دمرت أحلامه في لحظة رغم أن كل أوراقه سليمة.

كنت أحسب أن أمريكا مؤسسة وديمقراطية". وأضاف "أرى فيه استبداداً أن يوقع أحد ويسري مفعوله على الفور. ما معنى هذا؟ دون الرجوع للكونجرس. لا أفهم". وقال سليمان إنه كان يعمل بشركة للمستحضرات الطبية قبل أن يغادر العراق لكنه عمل في مشروعات تمولها مؤسسات أمريكية مثل إدارة المساعدات الأمريكية في السنوات التي أعقبت اجتياح العراق واحتلاله. وتقدمت الأسرة بطلب للحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة في سبتمبر العام 2014 مع تدهور الأوضاع الأمنية في العراق وسيطرة مقاتلي تنظيم داعش على مساحات كبيرة من البلاد وارتكاب عمليات قتل جماعية. وكان عمل سليمان مع الولايات المتحدة سبباً في جعله عرضة بصفة خاصة لهجمات مَن يعتبرونه خائناً. وقال سليمان "أنا محطم. لقد تحطمت تماماً. لا أفهم كيف يكافئ الناس الذين ساعدوه. لا أفهم ذلك. عندما كنا نعمل معهم عرّضنا حياتنا، حياتي وحياة أسرتي للخطر". وأضاف "وكنا هدفاً سهلاً للغاية كل يوم للجماعات الإرهابية. فكل مَن يعمل مع الأمريكيين يعتبر كافراً".

جازفوا بحياتهم
وتقدم سليمان بطلب للهجرة عن طريق برنامج يُعرف باسم تأشيرة الهجرة الخاصة التي أنشأها نواب أمريكيون لمساعدة عشرات الآلاف من العراقيين الذين جازفوا بحياتهم في مساعدة الأمريكيين بعد الغزو عام 2003. وقد استقر سبعة آلاف عراقي على الأقل - كثير منهم مترجمون عملوا مع الجيش الأمريكي- في الولايات المتحدة بموجب التأشيرة الخاصة منذ العام 2008، كما تظهر بيانات وزارة الخارجية أنه يجري النظر في حالات نحو 500 آخرين. وقال المشروع الدولي لمساعدة اللاجئين إن هناك 58 ألف عراقي آخرين ينتظرون مقابلات بموجب البرنامج المباشر للعراقيين الذين تربطهم صلات بالولايات المتحدة. وقالت منى فتوح صديقة سليمان، إنها عملت في مشروع للحكومة المحلية والمجتمع المدني بإدارة المساعدات الأمريكية عام 2014. وقالت فتوح التي لديها إقامة بالولايات المتحدة، إنها أوصت سليمان بالتقدم بطلب بموجب برنامج التأشيرة الخاصة. وكان من المقرر في الأصل أن تسافر الأسرة في الأول من فبراير المقبل لكنها قررت التعجيل بالسفر بعد أن تسربت أنباء عن خطة ترامب لفرض قيود جديدة على الهجرة. غير أنها تحرّكت بعد فوات الأوان.

وقال سليمان "خطتي كانت السفر إلى ناشفيل في تينيسي. فلديّ أصدقاء هناك. وقد رتبت معهم وكانوا يعدون بيتاً ووجدوا بيتاً لي ووظائف". وأضاف "أحلام كثيرة. نعم... مالياً كلفتني هذه الرحلة خمسة آلاف دولار ذهبت كلها أدراج الرياح". وقال سليمان وهو أب لبنتين وولد، إن الأسرة ما زالت في حالة صدمة ولا تعرف ما الخطوة التي يجب أن تتخذها بعد ذلك. وستقيم الأسرة بصفة مؤقتة عند شقيق سليمان في أربيل. وتابع "لا أعرف. ربما أرسل رسالة بالبريد الالكتروني إلى السفارة الأمريكية في بغداد أطلب فيها تفسيراً". وسُئل إن كان يخشى على حياته لعودته إلى العراق، فقال "ربما كان ذلك أقل خطراً في ضوء التراجع النسبي لنفوذ داعش في الموصل لكن خلال سنوات عملي كانت حياتي وحياة أسرتي دائماً في خطر وأنا الآن معرّض لخطر التهديد في أية لحظة. فلا توجد ضمانات". ومن أكبر التحديات التي تواجه سليمان شرح الوضع الحالي لأولاده. وقال "ابنتي الصغيرة تظل تسألني كل يوم عن موعد ذهابنا لأمريكا وقد حاولت أن أفسّر لها أن هناك تجميداً للوضع لمدة شهر وهي تعد الأيام". وتسأل البنت "أوكي. سينتهي التجميد في ذلك التاريخ وسنذهب في اليوم التالي أليس كذلك يا أبي؟".