عقارات لندن تستقطب المستثمرين العُمانيين

مؤشر السبت ٠٦/فبراير/٢٠١٦ ٠٦:٤٠ ص
عقارات لندن تستقطب المستثمرين العُمانيين

لندن -
نظراً لارتفاع قيمة الدولار الأمريكي أمام الجنيه الاسترليني، تسترعي العقارات السكنية في العاصمة البريطانية لندن اهتماماً متزايداً من قبل المستثمرين العُمانيين وخصوصاً الذين يركّزون على المناطق التي تشهد عمليات تطوير عمراني والمقبلة على ارتفاع متسارع في أسعارها خلال السنوات القادمة. وباعتبار أن عملات دول الخليج العربي مرتبطة بالدولار، فقد استفاد المستثمرون العُمانيون من ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه الاسترليني بنسبة 11% منذ يوليو الفائت. ويقول آدم تشاليس، رئيس قسم التطوير السكني في شركة «جونز لانغ لاسال» بالمملكة المتحدة: «هناك فرصة ذهبية أمام المستثمرين لشراء العقارات في لندن، ولأسباب عديدة منها أسعار الصرف الحالية، ومتانة السوق العقارية في العاصمة البريطانية بسبب الانتعاش الاقتصادي المتنامي، وكذلك مكانة لندن كمركز مالي مزدهر، ناهيك عن قلة المشاريع الجديدة وسط المدينة».

لندن وجهة رئيسية

وتعتبر لندن وجهة رئيسية للمشترين من الشرق الأوسط، فهي تقف وراء 32% من الـ 14.1 بليون دولار التي انفقوها على شراء العقارات خارج بلدانهم خلال العام 2014، بحسب «سي بي آر إي للاستشارات العقارية». ورغم أن العديد من هؤلاء المستثمرين يشترون العقارات نقداً، غير أن أسعار الفائدة المتدنية جداً واستعداد بنوك الشرق الأوسط لتوفير التمويل العقاري من خلال فروعها في لندن، من العوامل الأساسية التي تعزز النشاط الاستثماري وتشجع على شراء العقارات.وعلى مدى عام كامل حتى يونيو 2014، ارتفعت أسعار العقارات السكنية بوسط لندن بنسبة كبيرة بلغت 13.7%، ولكنها منذ ذلك الحين، حافظت على مستويات زيادة معقولة بحسب أحدث تقرير لشركة «جونز لانج لاسال». ووصلت نسبة أرباح العقارات الرئيسية حالياً إلى نحو 3.1%، ومن المتوقع أن ترتفع في أعقاب الانتخابات العامة التي شهدتها المملكة المتحدة مؤخراً.

أرباح تتطلب جرأة

شهدت المناطق التي تحظى تقليدياً باهتمام المشترين العُمانيين، مثل «نايتس بريدج» و «ريجينتس بارك»، ارتفاعاً قوياً في قيمتها المالية، بيد أن المطورين يرون أن مناطق مركزية أخرى تخضع لعمليات تجديد وتطوير عمراني، ستشهد طلباً كبيراً وارتفاعاً عالياً في الأسعار خلال السنوات القادمة.وكان نهر «التيمز»، في الماضي، يمثل حاجزاً طبيعياً في وسط لندن، بين جنوب النهر الشعبي وشماله الارستقراطي. وهذه ظاهرة فريدة نسبياً، فهي لا توجد في مدن مثل باريس وشيكاغو مثلاً. بيد أن عمليات التطوير التي تجري في الضفة الجنوبية من لندن، تحظى باهتمام كبير من قبل المستثمرين أصحاب النظرة الثاقبة والجرأة الذين يفكرون في كيفية استثمار أموالهم هناك. وقبل سبع سنوات فقط، كانت قيمة العقارات في الضفة الجنوبية لا تتجاوز 50% من قيمة عقارات الضفة الشمالية. أما الآن، وبفضل التطويرات التي حدثت في المنطقة المحيطة بمعرض «تيت موديرن»، ارتفعت أسعار العقارات بشكل كبير إلى أكثر من 1500 جنيه استرليني للقدم المربعة، ومن المتوقع أن تجتاح هذه الأسعار المنطقة لتشمل جميع العقارات السكنية في الضفة الجنوبية.

نمو كبير ينتظر المنطقة

من جهته، يقول روب تنكنيل، الرئيس التنفيذي لـشركة «باترسي باور ستيشن» للتطوير العقاري، الشركة المطورة للحي الجديد الذي يحيط بمبنى «محطة باترسي للطاقة الكهربائية» المهجورة: «باعتبار أن مبنى محطة الكهرباء بحد ذاته، يتمتع بشهرة عالمية، فمن المنطقي أن يستقطب مشروع تطوير المنطقة اهتماماً كبيراً، ولكن الأمر لا يقتصر على المبنى وحده، فالعديد من المشترين يدركون اليوم القيمة الاستثنائية الكامنة في المناطق التي تشهد تطويراً عمرانياً مثل منطقة «باترسي» والتي ستضم بيئة مجتمعية حقيقية تتوفر فيها كافة مقومات الحياة العصرية. ومن السهل توقّع النمو الكبير الذي ينتظر المنطقة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار العديد من مشاريع التطوير فيها، منها مشروع «ناين إليمز» ومشروع توسعة الخط الشمالي لقطار الأنفاق ليشمل منطقة «باترسي»، وبناء جسور المشاة فضلاً عن المرافق المتميزة الحالية مثل حديقة باترسي».
تُجمع كافة الأطراف على أن مشاريع البنية التحتية مثل «توسعة الخط الشمالي» لقطار الأنفاق ستنعكس إيجاباً على أسعار العقارات السكنية في المنطقة، وكانت الدراسة التي أجراها «مركز الأبحاث التجارية والاقتصادية قد دعمت هذه النظرية، كما أن الاستطلاع الذي أجراه المركز مؤخراً، خَلُص إلى أنه في عام 2020، أي لدى اكتمال مشروع توسعة الخط الشمالي وتشغيله، سترتفع قيمة العقارات في «محطة باترسي للطاقة الكهربائية»، بنسبة 9.7%.

لا شيء اعتيادي

تمثل «محطة باترسي للطاقة» مشروعاً تطويرياً في منطقة تحظى باهتمام متنامٍ على الضفة الجنوبية لنهر «التيمز»، على بعد 10 كيلومترات من «نايتسبريدج»، الحي السكني والتجاري في وسط العاصمة البريطانية، وعلى مسافة خطوات من حي «تشيلسي» الفاخر. فالمشروع الذي نزعم أنه «لن يكون اعتيادياً»، هو بمثابة بلدة جديدة في موقع محطة الفحم الحجري لإنتاج الطاقة الكهربائية المتوقفة عن العمل في المنطقة الصناعية السابقة للعاصمة البريطانية. ويضم المشروع الجديد 4 آلاف شقة فاخرة تم تصميمها من قبل نخبة من أشهر شركات الهندسة المعمارية في العالم بينها «فوستر + بارتنرز» و «جيري بارتنرز»، إضافة إلى المكاتب والمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي والفنادق ومرافق الترفيه والحدائق.

وتشهد هذه المنطقة التي تستقطب اهتماماً متسارعاً، عمليات تطوير ستحوّلها إلى واحة خضراء في وسط لندن، حيث تتضمن 18 فداناً من المساحات المفتوحة موزّعة في مختلف أنحاء المشروع، بما في ذلك حديقة مساحتها 6 فدادين بمحاذاة النهر، وجميعها مرتبطة بممرات للمشاة ومسارات للدرجات الهوائية، فضلاً عن التاكسي المائي ومحطة مترو الأنفاق الجديدة كلياً.

والعديد من الشقق السكنية في المشروع تقع ضمن شريحة الأسعار دون المليون جنيه استرليني والتي يعتقد الخبراء في مؤسسة «بي إن بي باريباس العقارية»، أنها ستشهد ارتفاعاً بنسبة 50% خلال السنوات الخمس المقبلة.

خطى حثيثة نحو النمو

في تقرير حديث تحت عنوان «نمضي بخطى حثيثة أفاد نيل تشيغويدن، مدير الأبحاث العقارية في شركة «جونز لانغ لاسال» بأن مثل هذه المواقع المركزية قد شهدت نمواً في المبيعات والنشاط التطويري، وبالتالي فإن الأسعار ترتفع بوتيرة متسارعة.

وقال: «تعرضت أسعار العقارات في أغلى مناطق لندن لضغوط كبيرة، في حين أنها تواصل الارتفاع في الضواحي. ونعتقد أن هذه المناطق لم تفصح عمّا بحوزتها بالكامل، حيث أن سوق العقارات في الدائرة المركزية الأوسع من لندن ستواصل نشاطها بزخم كبير رغم نتائج الانتخابات العامة والمخاوف المتعلقة بالنظام الضريبي».
لقد أصبح الإسكان قضية سياسية مركزية في بريطانيا، مع قيام الحكومة بفرض ضريبة أرباح رأس المال على المشترين الأجانب في عام 2013، و وعود جميع الأطراف ببناء مئات الآلاف من المنازل السكنية في مختلف أنحاء البلاد بأسعار مقبولة.

وعلى كل حال، فإن القانون الضريبي الجديد لم يكبح شهية المستثمرين الأجانب خلال العام الفائت، ويرى المحللون أن أسعار الأراضي والعقارات ستواصل مسارها التصاعدي نظراً لقلة المساحات السكنية الجديدة في وسط لندن، وأن المدينة ستواصل تعزيز مكانتها كمركز مالي عالمي، ووجهة سياحية تستقطب المزيد من المستثمرين والزوار.