أيستحق التاجر «الرجم»؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٥/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
أيستحق التاجر «الرجم»؟

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

نحن هنا بحاجة لفتوى، فمن يقرأ التقرير الذي يُشير إلى أن شركات الدرجة الرابعة، البالغ عددها 163 ألف شركة، وظفت 700 ألف وافد مقابل 9 آلاف مواطن فقط، يشعر بالسخط للوهلة الأولى تجاه تقصير تلك الشركات في دعم الطاقات الوطنية ويتساءل: لماذا لا تضرب الجهات المعنية على هؤلاء بيد من حديد. والحق أن الأرقام صادمة، وبخاصة عندما تتزامن مع تصريح لدائرة مسح الخريجين بوزارة التعليم العالي يقول إن 66 % من خريجات مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة «لا يعملن» بالإضافة إلى 23.7 % من الخريجين الذكور الذين لا يعملون أيضاً.

مؤخراً ناقش مجلس الشورى قضية تضخم أعداد الوافدين أيضاً وطرح زوايا لقضية الباحثين عن عمل أثارت الشجون وحرّضت الفكر على البحث عن حلول وبدأت أصابع الاتهام تتوزع مباشرة وضمنياً على القطاع الخاص والمسؤولين عن ضبطه ولكن..

هل هذه الأرقام التي تُورد تعكـــس بالفعل تقصير وإجحاف القطاع الخاص تجاه الخريجين؟
هل بالإمكان – واقعياً – إحلال المواطنين في وظائف هؤلاء الوافدين؟
تأملوا معنا الخبر مجدداً.. إنه يتحدث عن شركات الفئة الرابعة. تلك الشركات التي يقل رأس مالها عن 10 آلاف ولا يرقى بعضها لمسمى شركة تجارية، فبعضها حوانيت صغيرة للبيع أو تقديم الخدمات، وقد أشار تصريح سابق إلى أن نشاط الخياطة النسائية -والرجالية- كان على رأس الأنشطة التي سُجلت العام الماضي. وعندما نتحدث عن قوى عاملة تتوطن في أنشطة كالخياطة، أو في المغاسل والمصبغات والكافتيريات وغيرها من المهن التي يسيطر الوافدون عليها فنحن نتحدث واقعاً عن مهن لا يرغب بها المواطن – ناهيك عن الخريج الذي يحمل شهادة جامعية – ونكاد نجزم أن ثلث العدد المشار إليه ذهب لقطاع المقاولات الذي يعتمد -حصراً- على الوافدين في دفع عجلة البناء. وهو أيضاً مجال لا مكان للمواطن الخريج فيه إلا كمهندس أو في الوظائف الإدارية؛ وهي بطبيعة الحال محدودة مقارنة بالوظائف الدونية في المقاولات إن صح التعبير.
هناك وظائف أخرى عليها طلب عالٍ في السوق. وظائف غير إدارية كالبيع في محلات التجزئة أو العمل كسائق أو مندوب مبيعات أو معاملات. وهي وظائف لا جاذبية لها -مجدداً- عند المواطن لا بسبب طبيعتها المتطلبة فحسب وساعات عملها الممتدة بل لأن الأجور فيها غير كافية للوفاء بمتطلبات الحياة التي تزداد ثقلاً يوماً بعد آخر.
ولا شك أن المشكلة أكثر شخوصاً عندما يتعلق الأمر بالخريجات الإناث. فتلك الأعمال المتطلبة لا تناسبهن ولا تناسب نمط حياتهن. قطع كبير من مشكلة الخريجات عائد لأن أعينهن على وظيفة حكومية. وهن من يعزفن عن الوظائف الأخرى وليس العكس ونخص بالذكر هنا ربات الأسر.
أعتقد أن ما نريد قوله هنا هو إن اللوم العلني والضمني للقطاع الخاص ليس منصفاً تماماً. لا أحد يرضى بهدر طاقات الشباب ولا ببطالتهم ولكن شركات القطاع الخاص، لاسيما الخدمية منها، ليست الجهة التي يجب التركيز عليها ولا «الضغط» عليها لتستوعب ما لا تستطيع استيعابه؛ وغني عن البيان أن إلزام أنشطة كتلك بالتعمين لا يحل المشكلة بقدر ما يُوجِد توظيفاً وهمياً لا يخدم أحداً بل ويضرُ أكثر مما ينفع.