"الواتساب" يتحول لـ"خطابة" في السعودية لـ"جمْع رأسين في الحلال"

الحدث السبت ٢١/يناير/٢٠١٧ ١٥:٤٥ م
"الواتساب" يتحول لـ"خطابة" في السعودية لـ"جمْع رأسين في الحلال"

الرياض – ش

أثار تزايد استخدام "الواتساب" كـ"خطّابة إلكترونية"، والزواج، وتشجيع التعدد، الكثيرَ من ردود الأفعال، والتساؤلات حول جدوى "قروبات" الزواج عبر الإنترنت، ومشاكلها، والمتعاملين بها، بحسب ما جاء في موقع سبق السعودي، الذي تساءل: هل هناك تجاوزات شرعية وأخلاقية؟ أم أنها ممارسات تجارية مقبولة؛ برغم تزايد دخول المتطفلين والمتحايلين والمتلاعبين في هذا المجال؟ وعلى جانب آخر هناك مَن يرى أنها تأتي مواكبة للعصر، ووصفوها بـ"خطّابة إلكترونية" للباحثات عن الزواج، وتشجيع الرجال على التعدد، و"جمْع رأسين في الحلال" بعيداً عن مقولات مهانة وتسليع المرأة لوضعها في قائمة الانتظار؛ بهدف خفض نسبة الأرامل والعوانس والمطلقات.

من جانبها، رفضت "أم عبدالله" (مطلقة ولديها 3 أبناء) طلب المرأة للزواج عبر مجموعات "الواتساب"؛ معتبرة أنها تجرّد المرأة من حيائها، كما أنها تقلل من شأنها أمام زوجها إذا وقع الزواج بالفعل؛ حيث إنه تم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولم يتعب الرجل في الحصول على زوجته.

فيما رأت "أ. غ" (زوجة ثانية) -تحتفظ "سبق" باسمها- أنه لا مانع من تشجيع الزواج والتعدد عبر مواقع التواصل المتعددة؛ لافتة إلى أن النقال، ومواقع التواصل تُعَد من أهم وأقرب الوسائل لدينا جميعاً؛ فلم لا نستخدمه فيما يُجدي؟! معترفة بأن زواجها جاء عبر هذه الوسائل منذ 4 سنوات، وقالت: المرأة تبحث عن الحلال، ولا مهانة في ذلك، ووجود مَن يوفّق رأسين في الحلال من الأمور المحمودة.

تسليع المرأة
وحول ذلك قال لـ"سبق" عضو المحكّمين في السعودية الشيخ أحمد المعبي: إن أية فكرة تؤدي إلى هدف نبيل أقره الإسلام؛ فهي بالطبيعة نبيلة ولا جدال عليها؛ لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى}؛ شريطة تجنّب المخاطر؛ موضحاً أن الزواج سر من أسرار الكون وله قدسيته.
ورأى -حسب وجهة نظره- أن مجموعات "الواتساب" وغيرها التي تدعو للزواج؛ فيها نوع من القلق والريبة والخوف، وهناك كثير من الأسر ترفض هذا النمط من الزواج، كما أننا لا ندري مدى مصداقية مَن يتقدم لمواقع الزواج؛ فهناك مَن يدخل المجموعة لغرض التسلية، وهناك مئات الأمثلة لفتيات وأُسَر تضرروا من هذه الأساليب.
وتابع "المعبي" قائلاً: هذا النوع من الزواج فيه مجازفة وإرخاص ومهانة للمرأة، وكأنها سلعة تعرض نفسها؛ لافتاً إلى أنه من غير الجائز أن نعرّض بناتنا لمثل هذه التجارب؛ فكل منا حريص على فلذة كبده. ولفت إلى أن طبيعة المجتمع أفرزت لنا العديد من أنواع للزواج باعتبارها مخرجات الحضارة؛ كزواج المسيار والمسفار والنهاري، والآن تطرح علينا التقنية مواقع ومجموعات لتوفيق رأسين في الحلال.
أما المأذون الشرعي عادل بن أحمد الزناري، فرأى أن مجموعات التشجيع على الزواج عبر "الواتساب" وغيرها من الأمور الحديثة، قد يسبب مشاكل مستقبلية، وربما ينضم البعض لغرض التسلية والتعارف ونفتح بذلك باب الشر.
وفضّل أن تكون تلك المواقع التي تدعو وتشجّع على الزواج تحت مظلة وزارة العدل أو أية جهة رسمية، لافتاً إلى أن هناك مشروعات وجمعيات لمساعدة الشباب على الزواج؛ فلمَ لا تكون هي المسؤولة عن ذلك؟ ورأى أن من الأفضل وجود مكاتب خاصة للزواج تضمن السرّية للطرفين.

وأوضح أن أصل عمل المأذون ليس بخطّابة؛ فمهنة المأذونية لها قيمتها، وهناك مَن يقلل من قيمتها بمثل هذه الأمور السطحية؛ لافتاً إلى أن هناك الكثير من حوادث الغش والتدليس وقعت جرّاء مواقع الزواج المتعددة.. ومواقع التواصل بأنواعها المتعددة سلاح ذو حدين، وضررها أكبر من نفعها، وتفتح أبواب المخاطر على المجتمع.
وتَواصلت "سبق" مع المستشار الأسري عبدالرحمن القراش، الذي رأى أن التقنية طغت على كل شيء في حياتنا، وتسربت إلى مهنة الخاطبة بعض الممارسات التجارية بلا رأس مال؛ وهو ما جعل بعض الراغبين والراغبات في دخول قفص الزوجية يقعون فريسة لمواقع مشبوهة؛ مُرجعاً السبب إلى امتلاء المنازل بالفتيات اللواتي تَعَدّين الخامسة والعشرين وأصبحن في حالة من الرعب بأن يأتي سن الثلاثين وهن قابعات في جحيم العنوسة، ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن المجهول؛ حيث تقوم بعض الأمهات بعرض بناتهن على الخاطبات وتعرض الفتيات أنفسهن ومعلوماتهن بثقة عمياء على مواقع التزويج، ويقمن بالانضمام لمجموعات "الواتساب" لتزويج العوانس.
وأرجع المستشار الأسري المشكلة إلى أن الأم والبنت لا يدركن المخاطر المترتبة على ذلك؛ حيث يعتبر بعض المتصدرين لميدان التزويج عبر الإنترنت بلا دين أو رادع أخلاقي، لا ننكر أن هناك مجموعات ومواقع محترمة ويتصدرها أمناء ولهم تاريخ؛ بيْد أن الغالب يُقلق وينتج عنه الكثير من المشاكل.
وتابع: دائماً ما تكون المعلومات المقدمة من الطرفين عبر برامج المحادثة غير صحيحة؛ إذ يحاول كل طرف تجميلَ نفسه حتى يعجب الآخر؛ فتكون العلاقة من البداية مبنية على أسس خاطئة، وتصبح الفتاة في تلك المواقع كالسلعة التي تبحث عن شارٍ، كما أن بعض الرجال الباحثين عن الفتيات من خلال التقنية يعتبرونهن رخيصات أو ذات تحرر؛ فيمكنه تطليقها أو ظلمها ومعايرتها دون أن تجد مَن ينصفها.
وقسّم "القراش" أنواع الخاطبين حسب مواصفات الفتاة؛ فهناك متخصصون في المسيار لكبار الشخصيات، وهؤلاء تكلفتهم غالية لا تقل عن 25 ألف سعودي حال الاتفاق، وهناك متخصصون في الزواج العادي لكبار الشخصيات، وتتراوح تكلفتهم من 10- 15 ألف ريال سعودي، والثالث متخصصون في الزواج العادي وهم الأكثرية تترواح تكلفتهم من 5- 10 آلاف ريال سعودي حسب نوع العروس وهل هي موظفة أم لا؟ ودعا الفتيات إلى عدم اليأس من رحمة الله، وتقدير الذات، وتقدير الأهل لبناتهن؛ حتى لا تكون في نظر الآخرين سلعة تُسَوّق عبر المواقع؛ مشيراً إلى أن العنوسة ليست عيباً؛ لأن كل شيء بقضاء الله.