"الشبيبة" ترصد أسباب عزوف العمانيات عن مهنة الخياطة

بلادنا الخميس ٠٤/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٠٣ ص
"الشبيبة" ترصد أسباب عزوف العمانيات عن مهنة الخياطة

الحمراء - طالب بن علي الخياري

تولي الحكومة اهتماماً كبيراً بالشباب من حيث تشجيعهم على ممارسة الأعمال الحرة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومن ضمنها مشروع خياطة الملابس النسائية.
وحيث قدمت الحكومة التسهيلات اللازمة والدعم المعنوي والمادي من خلال تقديم قروض ميسرة مع المتابعة المستمرة للمشروع. ومع كل هذا يظهر عزوف كبير من جانب المرأة العمانية خصوصا بولاية الحمراء عن ممارسة مهنة الخياطة حيث تركت المهنة للقوى العاملة الوافدة التي أصبحت تتحكم بالأسعار.
"الشبيبة" قامت برصد واستطلاع آراء عدد من المعنيين بهذه القضية.
رئيسة جمعية المرأة العمانية بولاية الحمراء زهرة بنت سالم بن سعيد العبرية قالت إن معظم النساء في الولايات لهن اهتمامات كثيرة للعمل في هذه المهنة، لكن، ونتيجة التطور في جميع المجالات وعندما فتح المجال لتشغيل وتوظيف المرأة في العديد من المجالات الادارية والفنية وخصوصا في قطاعات التعليم والصحة والقطاعات الأخرى وكذلك اهتمامهن ورغبتهن في إكمال مراحل التعليم لديهن فقد أثر ذلك بحد كبير في تناقص أعدادهن للعمل في مجال الخياطة وتم سحب المئات من تلك النساء الى القطاع العام.
ورأت أن سبب عزوف المرأة العمانية عن مهنة الخياطة هو انشغالها في أمورها الخاصة كمربية بيت وكذلك الاعمال المنزلية، ما يؤدي إلى استقطاب القوى العاملة الوافدة التي جاءت فقط للعمل ولا يوجد لديها أي ارتباطات أسرية أو اجتماعية مثل المرأة العمانية لذلك فقد سيطر العمال الوافدون على هذه الوظيفة بسبب ما يتميزون به من السرعة في الإنجاز وأن كل أوقاتهم يقضونها في هذا المجال.
وأكدت أن دور جمعية المرأة العمانية هو تشجيع المرأة على الخياطة والصبر على مزاولة هذه المهنة دون كلل أو ملل وذلك من خلال إقامة الدورات المجانية للخياطة والتطريز.
وقالت: قمنا بتشجيعها من خلال إقامة المعارض لمنتجاتها وحتى وإن قامت بخياطة ملابسها وملابس بناتها لأن ذلك يعتبر مصدر دخل لها وبخاصة أن القوى العاملة والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة فتحت المجال لتمويل مثل هذه المشاريع لتطور ولابراز دور المرأة في جميع المجالات.

إتقان العمل

أما العضوة بلجنة الشؤون البلدية بولاية الحمراء مريم بنت سالم العبرية، فقالت: أنا أرجع ذلك لأسباب مختلفة أدت بالمرأة العمانية إلى العزوف عن مشروع الخياطة النسائية، وذلك يكمن في عدم إتقان العمل بالشكل الصحيح، وبالتالي عدم جذب الزبون وعدم التقيد بساعات عمل منتظمة، وبالتالي التأخر في تسليم الملابس.
وأشارت إلى أن مهنة الخياطة متعبة جدا بالمقارنة مع المهن الأخرى، وتحدث عقبات صحية في الظهر والبصر والصداع.
وقالت: توجد حاليا فئتان من الخياطات العمانيات النوع الأول يفتقر لجانب الدعاية والإعلان لجذب الزبائن للخياطة العمانية المتميزة المتطورة، أما النوع الثاني فيحتكر التطوير ويفتقد السمعة التجارية فيبتعد الزبائن باللجوء إلى خياطين أكثر جودة وتطورا.
وأضافت أن مهنة الخياطة تتطلب وقتا كبيرا، والمجتمع لدينا يلزم المرأة بارتباطات اجتماعية خاصة، فهي مرتبطة بزوج وأولاد وعلاقات عائلية أخرى، مشيرة إلى أن ذلك يؤدي إلى البطء في الخياطة وبخاصة أوقات الأعياد والمناسبات، وبالتالي التأخر في تسليم الملابس وعدم القدرة على إدارة وتقسيم الوقت، إذ يتطلب الأمر التوازن والتقيد بساعات العمل مع ساعات شؤونهن الخاصة.
وأوضحت بالقول: مثلا وقت الدوام صباحا حوالي عند الساعة التاسعة وعند الليل أيضا، على عكس الخياطين الوافدين فلهم القدرة على الاستمرار في الخياطة حتى وقت متأخر من الليل كما أن عدد الوافدين العاملين بخياطة الملابس يفوق عدد الخياطات العمانيات، ما يقلل فرص عروض الخياطة لديهن، وبالتالي تقليل الفائدة وعدم توفير الوقت الكافي للقوى العاملة العمانية لممارسة مهنة الخياطة، إذ سمحت لكل امرأة تمتهن الخياطة بجلب قوى عاملة وافدة تحت كفالتها، مع الاستفادة بشيء من المال، كما أن الخياطة العمانية غير مطلوبة في سوق العمل، والخياط أكثر سرعة وإنجازا بالمقارنة مع الخياطة العمانية، وبالتالي فله القدرة على إنهاء خياطة الملابس في الوقت المحدد.

معوقات

وذكرت العبرية أن ارتفاع إيجارات المحلات مع قلة دخل المحل يعتبر من المعوقات كما تتحول الخياطات الى وظائف في مجالات أخرى، فيلجأن إلى المجالات الأخرى وبخاصة الحكومية، مع عدم وجود تشجيع من المجتمع والأسرة للخياطات العمانية فبعض المجتمعات تنظر لمهنة الخياطة نظرة دونية وعلى أنها بلا مستقبل أو بلا مردود جيد، إلى جانب شغف النساء بملابس الماركات ومواكبة الموضة بدل الخياطة، كما أن مردود مهنة الخياطة ضئيل بالنسبة للمهن والوظائف الأخرى. يضاف إلى ذلك عدم القناعة الشخصية بهذه المهنة لدى البعض، وبالتالي عدم وجود الثقة في النفس.
وقالت إنه لا يوجد دعم لأصحاب المشروعات الصغيرة سواء من القطاع الخاص أو الحكومي ولا يتم تأهيل وتدريب الخياطات العمانيات، ليعملن بكفاءة وإتقان، مشيرة إلى حاجتهن للتدريب حول كيفية التصرف عند نقصان القماش مثلا، وكيفية صنع نماذج جذابة للعرض وإبراز قدرتهن وفنهن في الخياطة، إضافة إى أهمية النظافة والترتيب وديكور المحل في جذب الزبائن.
واعتبرت أن ظهور التجارة المستترة والتسويق للملابس عن طريق الواتساب والانستجرام قلل من إقبال الناس على الخياطة، إلى جانب غلاء أسعار الملابس المخيطة بالنسبة للجاهزة، ما له دور مهم في ذلك.
وقالت: نفتقر لمراكز تعليم الخياطة المتخصصة لأن النساء اللاتي يعقدن دورات تدريب في الغالب تنقصهن الكفاءة أو هن غير مؤهلات في طرق تعليم الخياطة.
وأضافت مريم العبرية أن الاقتراحات والحلول التي يمكن أن تسهم في تشجيع النساء على تبني مشاريع الخياطة النسائية تشمل: إقامة حفل سنوي في يوم المرأة العمانية يتم خلاله تكريم النساء البارزات في مشروع الخياطة النسائية وإقامة معرض سنوي تعرض فيه أهم منتجات الخياطة النسائية وتفعيل دور وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية إضافة إلى الإعلام الإلكتروني، لترويج الخياطة النسائية، وبث ثقافة أهمية تشجيع المنتج العماني من الخياطة النسائية لدى جميع شرائح المجتمع وفتح معهد لتعليم الخياطة بالسلطنة وإنشاء محلات مجتمعة في كل وﻻية مدعومة من الحكومة.

أسئلة ملحة

من جهتها طرحت سلمى بنت علي بن سليمان العبرية جملة من الأسئلة حول هذه القضية منها: هل هناك توافق بين عدد المتدربات في كل محافظة مع حجم الطلب؟ وهل تناسب آلية تدريب المرأة العمانية النزول الى سوق العمل؟ وهل تكفي الدورات التأسيسية للعمل في مجال الخياطة دون استمرار التأهيل؟ أوليس من واجب الجهات المعنية استمرارية تأهيل وتطوير مهارات العاملات في هذا المجال؟ ولماذا توقفت عملية تدريب العمانيات في هذا المجال مع العلم أن السوق لم يصل الى مرحلة من التشبع لاحلال هذه المهنة بالعمانيات بدلا عن القوى العاملة الوافدة؟ وما هي التسهيلات التي قدمتها الحكومة للمتدربات لفتح مشاريع خاصة بها في هذا المجال؟
ورأت أن عزوف العمانيات عن الدخول في هذا المجال يعود إلى عدم وجود تسهيلات من قبل الجهات المعنية، ما أدى بدوره إلى عودة القوى العاملة الوافدة للسيطرة على السوق وإقصاء العمانية العاملة في هذا المجال، كما أن سوء التخطيط وعدم إعطاء هذا المجال الأهمية التي يستحقها أدى الى انحسار وجود المرأة العمانية في مجال الخياطة لتكون المنافسة شرسة مع القوى العاملة الوافدة.
وأضافت أن ثقافة المجتمع السائدة هي جانب آخر من الجوانب التي ساهمت في إقصاء المرأة العمانية عن العمل.

شروط صعبة

وأعربت كاذية بنت حامد النبهانية عن أسفها لعدم اهتمام المجتمع بهذه المهنة وعدم استغلال العمانيات للوقت الذي يتم قضاؤه في المناسبات الاجتماعية بشيء مفيد كالخياطة.
ورأت أن السبب الثاني هو أن وزارة القوى العاملة وضعت بعض الشروط التي وصفتها بـ "الصعبة" أمام الفتاة العمانية لفتح المحلات مثل أن تكون غير باحثة عن عمل، وكذلك "التعقيدات" في التصاريح في مجال الخياطة، كما أن السبب الرئيسي هو أن التدريب الذي حصلت عليه الفتاة في فترة وجيزة لا يمكنها من الخروج إلى السوق ومنافسة القوى العاملة الوافدة.
وقالت: أنا أحمل شهادة دبلوم ودورات في مجال الخياطة، وبعد التخرج فتحت محلا أنا وزميلتي وكان هناك إقبال كبير من الولاية وخارجها، ولكن، للأسف الشديد، لم نجد المساندة من الوزارة في هذا المجال لأن فترة الأعياد والمناسبات لم نستطيع فيها إنجاز عملنا وطلبنا من القوى العاملة سابقا أن توافق لنا على جلب قوى عاملة من الخارج لكي تساعدنا في العمل لأننا أحيانا نضطر ان نغلق المحل ونؤخر الزبون.
وأضافت: لا أجد رائدات أعمال لديهن مشاريع إلا القليل، متسائلة عن الأسباب وراء ذلك.

التسويق والإدارة

أما أزهار بنت مظفر العبرية فأجملت أسباب الظاهرة في: عدم الاعتماد على المرأة في خياطة الملابس وعدم ثقة المستهلك بالمرأة العمانية وقدرتها وأيضا عدم وجود الصبر لدى بعض العاملات في مهنة الخياطة وقبول تحدي التغيير الجذري نحو فرض إجادتها وتميزها للأداء المهني، وكذلك تفتقد الفتيات الإجادة في التسويق لمهنة الخياطة وذلك لنقص الخبرة في مجال العرض والإدارة، إضافة إلى عدم الوعي الكافي بين أفراد المجتمع بأهمية الخياطة العمانية والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها.
وأكدت أن على المجتمع الوقوف جنبا إلى جنب مع كل صاحبة مشغل وكل من تعمل في مهنة الخياطة والتغاضي عن بعض الأخطاء غير المتعمدة وتحفيزهن وتشجيع بعض الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية للمجيدات في هذه المهنة ومشاركة العاملات في مهنة الخياطة بالمهرجانات والمعارض للتسويق والترويج لمنتجاتهن وتنظيم دورات تدريبية وحلقات عمل من قبل جمعيات المرأة العمانية أو الفرق الأهلية لدعم صاحبات هذه المهنة.