مسقط - خاص
يوسف الغيلاني، مواطن عماني، في عقده الأربعين من عمره، يعمل حاليًا مرشدًا ومعالجًا للمدمنين على المخدرات في مستشفى المسرة - مركز "بيوت التعافي"، بعد أن أمضى نحو 25 عامًا من عمره في متاهات تعاطي المخدرات والإدمان. الغيلاني يروي لـ "الشبيبة" قصته ونقاط التحول في حياته.
فقدان الاحتواء
عن طفولته يتحدث الغيلاني ويقول إنه تربى في بيت بلا أب، فهو يتيم منذ كان عمره 6 أشهر، والده سبعيني العمر تزوج من أمه وهي في الـ20 من عمرها، حيث كانت ضريرة ويتيمة، وهي الزوجة الثانية، أنجبت شقيقه الذي يكبره بسنتين وله 4 أخوات وأخ من والده.
أحس الغيلاني منذ صغره بفقدان الاحتواء، فلم يكن لديه من يوجهه للصلاة، ولا أحد يصحح أخطاءه، علما بأن شقيقه توفي وإخوته الآخرون يزورونه بين الحين والآخر، وأمه ضريرة غير متعلمة، وقدراتها لا تتعدى سوى توفير المأكل والمشرب لهم وبصعوبة بالغة.
متاهات الإدمان
بدأ الغيلاني العمل منذ كان في السادسة عشرة من عمره حيث سافر إلى إحدى الدول المجاورة، وهناك بدأت قصته مع الانحراف والسلوكيات الخاطئة.
يقول: أصدقائي منحوني الاحتواء الذي كنت أفتقده، وبدأت أتعلم منهم السلوكيات الخاطئة، وسافرت معهم إلى إحدى الدول الآسيوية، وبدأت أتعاطى أحد أنواع المخدرات.
ويتابع: دخلت السجن 6 مرات، حيث تم إلقاء القبض علي كتاجر وكمتعاطٍ، وفي كل مرة أدخل فيها السجن كنت أتعرف على تجار ومتعاطين، وعندما كنت أخرج أتصرف بسوء أكثر، وآخر مرة سجنت فيها استمرت مدة 9 سنوات، وهي المرة التي أحس فيها أهل بيتي (أبنائي السبعة وزوجتي) بعدم الجدوى من زيارتي وقطعوا الأمل بي، ولم أسمع عنهم أي شيء.
انتكاسة
وهنا يسرد لنا الغيلاني متاهة أخرى، فبعد خروجه من السجن في أول يوم تعاطى المخدرات، حيث كان لا يملك شيئًا، ولم يحتضنه سوى تجار المخدرات، فعاد إليها مرة أخرى.
يقول: كانت لدي الرغبة في التعافي، والتخلص من الحالة التي كنت عليها، ولكن لم أجد طريقة أو وسيلة، حيث لا ملجأ لي ولا مفر إلا المزيد من الإدمان، فقررت الذهاب إلى مكة المكرمة، لأداء مناسك العمرة، راجيًا من الله الهداية والنجاة.
ويضيف: ذهبت وأنا متعاطٍ، وكانت آلام الانسحاب قوية، فدعوت ربي أن ينقذني، وقررت الذهاب إلى أقرب مستشفى لآخذ أي مسكن يقلل من آلامي، ركبت سيارة الأجرة، وقادني الألم لأخبر قصتي لسائق سيارة الأجرة الذي كان من جنسية آسيوية، فقال لي إن لدى كفيله مركزًا لعلاج المدمنين، فذهبت إليه، وبعدها توجهت إلى أحد المراكز في دول الخليج، ولكن بعد ثلاثة أشهر من العلاج حدثت لي انتكاسة أخرى إذ لم ألتزم بالبرنامج، وعدت للإدمان وساءت حالتي أكثر.
رحلة التعافي
ويروي لنا الغيلاني نقطة تحوله، وهي تعافيه تمامًا من الإدمان، قائلًا: تبرعت بإحدى كليتي لابن أختي بعد تطابق الأنسجة، حيث لم أكن مباليًا بالأعراض بعد العملية، وكان هدفي أن أحصل على المال فقط.
وبعد نجاح العملية واستلامي مبلغ 10 آلاف ريال عماني، راودتني الكثير من الأفكار، منها بأن أعمل في تجارة المخدرات، وأضاعف المبلغ، ومنها الذهاب إلى مركز التعافي، وأتخلص من الإدمان، ولله الحمد، قادني الله إلى مركز دار الأمل للطب النفسي وعلاج الإدمان، بجمهورية مصر العربية، حيث مكثت فيه 6 أشهر، ونجحت في البرنامج وتعافيت من الإدمان وعملت لديهم كمعالج متدرب، وأخذت دورات، وحصلت على دبلوم العلاج السلوكي من جامعة عين شمس، ودورات من معهد منهاتن الدولي.
وبعد التأهيل، عدت إلى السلطنة، وأنا الآن أعمل مرشدًا لعلاج الإدمان في مستشفى المسرة - مركز "بيوت التعافي"، وأتطلع إلى أن أفتح مركزًا تطوعيًا خاصًا، يساعد على علاج مدمني المخدرات في السلطنة.