في اليمن.. الصحفي قد يموت مسموماً أيضاً

الحدث الثلاثاء ٢٧/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
في اليمن.. الصحفي قد يموت مسموماً أيضاً

عدن - إبراهيم مجاهد

أن تكون صحفياً تعمل في اليمن فهذا يعني أن طريقك محفوفة بالمخاطر، ومصيرك معتقلاً، أو مطارداً، أو مختطفاً، أو قتيلاً برصاصة قناص، أو قذيفة، أو هدفاً لغارة جوية، وأنت في المعتقل. إلاّ أن وفاة أحد الصحفيين اليمنيين نهاية الأسبوع الفائت كشفت أن ثمة أسلوباً جديداً قد يتعرّض له الصحفيون.. فالصحفي اليمني قد يموت مسموماً أيضاً.

ما تزال ظروف وأسباب وفاة الصحفي اليمني المتخصص في التحقيقات الاستقصائية، محمد العبسي، الذي توفي نهاية الأسبوع الفائت في صنعاء، غامضة حتى اليوم، ففي الوقت الذي يرجح الوسط الصحفي اليمني فرضية أن يكون محمد العبسي قد تم تصفيته عبر وضع السم في الأكل مما أدى إلى وفاته، تشير معلومات أخرى إلى أن الصحفي العبسي قد يكون تناول وجبة فاسدة في أحد المطاعم في العاصـــــمة اليمنـــية صنعاء هو وأحد أقربائه وشخص آخر، وأن الوجبة الفاسدة قد تسببت في تسميم الصحفي العبسي، وابن عــــمه، فقضـــت على محـــمد وأدخلت قريبه العنــاية الفـــائقـــة بأحد مستشفيات صنعاء.

الشكوك المثارة حول أسباب وفاة الصحفي الاستقصائي المقيم في صنعاء دفعت أسرته لتأجيل دفنه، الذي كان مقرراً أن يتم مساء الأربعاء، والمطالبة بإخضاعه للتشريح؛ لكشف ملابسات وفاته المفاجئة.
طلب أسرة «العبسي» جاء بعد ورود أنباء عن احتمال اغتياله بمادة «سامة»، لاسيما أن أحد أقاربه الذي كان يرافقه، مساء الثلاثاء، تم إسعافه إلى إحدى المستشفيات بصنعاء.
ويسود الاعتقاد في الوسط الصحفي أنه تعرض لتســــمم إما «غذائي» أو «كيماوي»، إلى جانب السبب الثالث المعلن «أزمة قلبية»، بعد مطالبة نقابة الصحفيين اليمنيين الجــــهات المعنية بفتح تحقيق في وفاة العبسي.
ذكرت بعض المصادر أن محمد العبسي كان صباح الأربعاء في منزله، وبحالة طبيعية، يتبادل الحديث مع أهله، إلا أنه بدأ في الساعة (10:30) من صباح الأربعاء تعاطي القات، وفجأة أحس بألم في معدته، ليرتمي عقب ذلك إلى الأرض، بعد 5 دقائق من إحساسه بالألم.
وبحسب المصادر فقد نقل العبسي بعد ذلك إلى غرفة الإنعاش في مستشفى بشارع تونـــس بصـــنعاء القريب من منزله، لكن الأطباء أخبروا أسرته بأنه «فارق الحياة».
وأشارت المصادر إلى أن عائلته عادت بجثمانه إلى منزله، بعد إخبارهم بوفاته، لكنه استدرك قائلا: في الساعة الثانية عشرة ونصف تقريباً (ظهر الأربعاء) عاد الرجل للتنفس لعدة ثوان، ليتم نقله مجدداً إلى مستشفى القاهرة القريب من مقر جامعة صنعاء. ووفقاً للمصادر، «عندما وصلوا به إلى المستشفى، أخبرهم الأطباء بأنه» توفي».
ما أثير حول وفاة العبسي بصورة مفاجئة دعت وزير حقوق الإنسان في الحكومة الموجودة في عدن، ووزيرة حقوق الإنسان في صنعاء إلى المطالبة بإخضاع جثمان الصحفي الاستقصائي العبسي، الذي يرقد في مستشفى الكويت، للتشريح؛ بناءً على طلب أسرته؛ لكشف أسباب وفاته.
إلى ذلك دعت وزارة الإعلام اليمني في عدن، الأمم المتحدة والصليب الأحمر إلى نقل جثة «العبسي» إلى مدينة عدن، جنوبي اليمن، لتشريح جثته، بعد شكوك حول اغتياله بصنعاء.
وقالت الوزارة في بيان لها، نقلته وكالة «سبأ» الحكومية، إن الصحفي العبسي -الذي كان يعمل في واحدة من مؤسسات الوزارة- كان يعمل على تحقيقات استقصائية في أيامـــه الأخيرة تتناول قضايا خطيرة خاصة تلك التي تتعلق بالنفط والسلاح».
وأكد البيان أن من ضمن التحقيقات الاستقصائية التي نشرها العبسي في مدونته مؤخرا أمورا تتعلق بالسوق السوداء للنفط والغذاء، معلنة تمسكها بأن يحظى حادث وفاة «العبسي» الغامض والمفاجئ بتحقيق عادل ومنصف، وبعيدا عن مكان وفاته لتجنب أي ضغط قد يمارس على التحقيق.
وسط هذه الاتهامات التي لم يتم التأكد من صحتها، يظل رحيل الصحفي اليمني بصورة مفاجئة، فاجعة لأسرته وزملائه والوسط الصحفي اليمني، الذي فقد خلال الحرب أكثر من ثمانية صحفيين قتلوا بطرق مختلفة خلال الحرب، التي تشهدها البلاد منذ نحو سنتين. عوضاً عن عشرة صحفيين آخرين.