حلب والموصل.. 7 مشاهد إنسانية من أرض المعاناة

الحدث الخميس ١٥/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٥:٣٨ ص
حلب والموصل.. 7 مشاهد إنسانية من أرض المعاناة

مسقط – محمد البيباني

المعاناة قد تكون واحدة والضحية أيضاً واحدة، ولكن الشيء المختلف قد يكون في أبطال المأساة وصنّاعها.
المدنيون في حلب السورية والموصل العراقية يعايشون الرعب ويتكبدون مواجهة لحظية مع شبح الموت في حربين لم يصنعوها أو يزكوا نيرانها وإنما دفعوا ويدفعون ثمنها من أمنهم وقوت أطفالهم..
ما يحدث يُعد جريمة إنسانية بكل المقاييس، ينسف ادعاءات التحضر عن عالمنا، ويجعل ما يطلق عليه القانون الدولي وحقوق الإنسان مجرد مواد بعيدة كل البعد عن الحقيقة..

المشهد الأول
قال شاهد إن سكاناً في مناطق شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة، يحزمون حقائبهم ويحرقون متعلقاتهم الشخصية بينما يستعدون للخروج من المنطقة خشية أعمال نهب.
وقال شاهد من رويترز إن سكاناً في شرق حلب شوهدوا وهم يحرقون أشياءً لا يستطيعون أخذها معهم مثل الصور والكتب والملابس بل وحتى سيارة.
وقال مسؤولون من المعارضة إنهم كانوا يتوقعون أن تغادر أول مجموعة من المصابين ليل الثلاثاء. كان مسؤول عسكري بالتحالف الذي يدعم الرئيس بشار الأسد قال إن من المقرر بدء عملية الإجلاء في الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي (03:00 بتوقيت جرينتش).
وقال شاهد من رويترز كان منتظراً عند النقطة المتفق عليها للمغادرة إنه بحلول الفجر لم يغادر أحد.

المشهد الثاني
شاب سوري من أحياء حلب المدينة السورية المحاصرة، أرسل رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بصوت حزين يظهر مدى الأسى والألم الذي يعتريه، بعد الجرائم البشعة التي ارتكبت بحقهم.
وجاءت هذه الرسالة الحزينة من الشاب السوري، بعد مغادرته الحي الذي تربى فيه قسراً إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب دون عودة، مشيراً إلى أن "الطقس ممطر الآن، والقصف هدأ بعض الشيء، لا مكان آخر للجوء".
وناشد الشاب السوري العالم بإنقاذ أهالي المدينة المحاصرة قائلاً: "هذه هي الأيام الأخيرة، أتمنى التواصل معكم مرة أخرى عبر "البيرسكوب"، أعتقد أننا تقاسمنا لحظات كثيرة داخل حلب، حقاً أنا لا أعرف ماذا أقول، ولكن آمل، حقاً آمل أن تتمكنوا من فعل شيء ما لأهالي حلب، لابنتي، ولأطفال آخرين".

وأضاف: "لا تؤمنوا بعد الآن بالأمم المتحدة، ولا بالمجتمع الدولي، لا تعتقدوا أنهم غير راضين بما يحصل، بل هم راضون بأننا نُقتل، وبأننا نمر بواحدة من أروع المجازر في التاريخ الحديث. روسيا لا ترغب أن نخرج من هنا أحياء، روسيا لا ترغب بخروجنا من هنا أحياء، تريدنا أموات، كذلك الأسد".

المشهد الثالث
تداول ناشطون عبر موقع التدوين المصغر "تويتر" مقطع فيديو لمسن سوري من حلب وهو يتحدث بحرقة عمّا تتعرّض له المدينة من مجازر.
وقال المسن السوري في مقطع الفيديو الذي رصدته "وطن": ‏"‫وين بدنا نروح يا عالم، الطيران يقصفنا ليل نهار، وين بنروح جدوا لنا حل، محاصرون من كل مكان راح نجن! يا عالم كل حين شهداء من الأطفال.. يقتلوا 40 و50 لم يعد لدينا منازل كلها تدمرت".

المشهد الرابع
من الموصل العراقية حيث تداول ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يصور لحظة لقاء القوات العراقية بطفلة من الموصل، حيث عبّرت لهم بطريقة مؤثرة عن مدى سعادتها برؤيتهم.
وتظهر الطفلة مرحّبة بالقوات العراقية قائلة "لا أعرف هل أبكي أم أفرح..!؟"، مؤكدة أنها مع أفراد عائلتها "بقوا 3 أيام دون أكل ولا شرب في انتظار قدوم القوات العراقية". قبل أن يحملها أحد الجنود على كتفيه ويمضي. وتقول مغرّدة إن كلمات الطفلة "هزت مشاعرنا".

المشهد الخامس
تداول ناشطون مقطع فيديو آخر لطفلة من أهالي القرى القريبة من الموصل تخبر جنوداً من الجيش العراقي بأنها رسمت علم العراق لتستقبلهم به، مؤكدة كرهها لتنظيم داعش الذي حرمها من التعليم وفرض عليها الحجاب والبرقع.
وظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً رسالة مكتوبة بخط اليد قال ناشطون إنها لطفلة من الموصل تطلب من الجيش القدوم إلى المدينة كي تتمكن من الذهاب إلى مدرستها، قائلة "أرجوكم لا تتأخروا".

المشهد السادس
حظي مقطع فيديو مصور بنحو نصف مليون مشاهدة على فيسبوك، وظهرت فيه طفلة لم يتجاوز عمرها 3 سنوات وهي تحاول منع والدها من الذهاب إلى المعركة.
الطفلة التي تتحدث اللغة الكردية والتي يبدو أن والدها من ضمن قوات البيشمركة الكردية، قامت بسحب حقيبة الملابس من والدها وإبعادها عنه حتى لا يذهب، كما أظهر الفيديو قيام والدها بحملها وتقبيلها حتى تتوقف عن البكاء، ليتمكن من الذهاب إلى خوض المعركة.

المشهد السابع
وعلى أبواب مخيم الخازر "للنازحين شرق الموصل" كان أبوسعاد، الذي نزح العام 2014 من الموصل، يترقب أفواج النازحين الجدد قبل أن ينطلق مسرعاً صارخاً بأعلى صوته "سعاد سعاد" ويجثو على ركبتيه أمام بناته الثلاث ليحتضنهن بعد فراق دام أكثر من عامين.
ويقول أبوسعاد، والدمع يغمر عينيه "لم أرَ بناتي مدة أكثر من عامين ونصف العام، ومشاعري لا توصف، وهذه دموع أذرفها فرحاً بلقائهن. لم أتصور أننا سنلتقي مجدداً لكن القدر جمعنا مرة أخرى. الآن أصبحت مطمئناً، إذ إنهن أصبحن في مأمن حتى وإن كانت هناك معاناة داخل المخيم".
وداخل أسوار مخيم الخازر تتبعثر حكايات الألم وقسوة رحلة النزوح ومشاهد وذكريات عن الموت عاشها النازحون قبل أن يصلوا بأمان إلى أطراف الموصل.