مسقط –
دعت منظمة الأمم المتحدة في تقرير إخباري لها إلى وقف عمليات الاحتجاز للمهاجرين في ليبيا، مشيرةً إلى أن «انهيار نظام العدالة في ليبيا أدى إلى حالة من الإفلات من العقاب يتعرّض خلالها المهاجرون إلى انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان»، وذلك بحسب تقرير مشترك للأمم المتحدة تم نشره أمس.
ويستند التقرير الذي اطلعت عليه «الشبيبة»، ونشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إلى معلومات تم جمعها في ليبيا ومن خلال مقابلات مع المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا من ليبيا، ضمن مصادر أخرى. وبحسب التقرير فإن احتجاز المهاجرين تم في الغالب داخل مراكز احتجاز يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث «لا يوجد تسجيل رسمي، ولا توجد عملية قانونية، ولا توجد إمكانية للوصول إلى محامين أو سلطات قضائية». وتتسم أماكن الاحتجاز بالاكتظاظ الشديد، إذ لا يوجد ما يكفي من الغذاء والمياه الصالحة للشرب. وعادةً ما يُجبر المحتجزون على التبرز والتبول في زنزاناتهم؛ نظراً إلى عدم إمكانية الوصول إلى المراحيض. ومن الشائع وجود حالات سوء التغذية والإسهال المزمن ومشاكل الجهاز التنفسي والأمراض المعدية، بما فيها الجرب والجدري، بحسب ما جاء في التقرير.
علاوةً على ذلك، «يقوم مهربو وتجار البشر باحتجاز المهاجرين في أماكن إيواء مؤقتة، وفي مزارع ومخازن وشقق، حيث يتم إجبارهم على العمل لكسب المال من أجل عملية نقلهم بعد ذلك».
ونقل التقرير عن فتى في الـ16 من عمره من إرتيريا قوله: «نُسمى حيوانات ونُعامل كالحيوانات». فيما قال طفل مهاجر تمت مقابلته في إيطاليا «كانوا يضربوننا بأي شيء يقع في يدهم، قد تكون صخرة، عصا، أو طوبة».
كما يشير التقرير إلى تعرّض جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية وخفر السواحل الليبي، للضغط من قِبل الجماعات المسلحة التي انتشرت منذ العام 2011. وتلقت البعثة تقارير تشير إلى أن بعض الموظفين الحكوميين والمسؤولين المحليين شاركوا في عملية التهريب والاتجار بالبشر.
ويسرد التقرير بالتفصيل، روايات تفيد بقيام رجال مسلحين، يُزعم أنهم من خفر السواحل الليبي، باعتراض قوارب المهاجرين وإساءة معاملة المهاجرين. ويصف المهاجرون الذين تمت إعادتهم إلى الشاطئ كيف تعرّضوا للضرب والسرقة وتم اقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز.
الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر، قال: «يواجه الأشخاص الذين يتم تهريبهم إلى ليبيا أو الاتجار بهم هناك، التعذيب والعمل الجبري والاستغلال الجنسي على طول الطريق وأيضاً أثناء احتجاز العديد منهم بشكل تعسفي»، مؤكداً أن «معالجة الهجرة ليست مسؤولية ليبيا فحسب. فالبلدان الأصلية وبلدان المقصد بخلاف ليبيا يجب أيضاً أن تؤدي دورها»، كما رحّب بجهود إنقاذ الأرواح التي يبذلها حالياً العديدون في البحر الأبيض المتوسط.
ومن بين توصيات التقرير المقدمة إلى ليبيا: الإفراج الفوري عن المهاجرين الأكثر ضعفاً تمهيداً للإنهاء العاجل لجميع حالات الاحتجاز التعسفي، وتقليل عدد مراكز الاحتجاز، وضمان احتجاز النساء في أماكن منفصلة عن الرجال، وتحسين ظروف الاحتجاز وحماية المحتجزين من التعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة، وعلى المدى المتوسط إلغاء تجريم الهجرة غير النظامية وسن قانون للجوء.
كما يوصي التقرير بأن تستمر بلدان المقصد بخلاف ليبيا، في عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، وبضرورة أن يكون التدريب والدعم المقدمين للمؤسسات الليبية المنخرطة مع المهاجرين، بما فيها خفر السواحل الليبي، مصحوباً بجهود شاملة لإنهاء الاحتجاز التعسفي للمهاجرين وتحسين معاملتهم في الاحتجاز.