«مدنيو حلب».. مواجـهـة مرعبة مع مصير مجهول

الحدث الأربعاء ١٤/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
«مدنيو حلب».. مواجـهـة مرعبة مع مصير مجهول

مسقط – محمد البيباني

يظل المدنيون في حلب وقودا لمعركة شرسة كانوا ولا يزالون حلقتها الأضعف، فبعد سنوات عجاف من الرعب والجوع والحصار، يبدو أن لحظات مواجهة المصير قد حانت مع اقتراب المعارك من الانتهاء واقتراب سيطرة الجيش السوري على كامل المدينة.

وضع المدنيين وصل لدرجة غير مسبوقة من الرعب ، عبر عنها مدني محاصر في المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة من المدينة تزامنا مع قصف مناطق المعارضة الذي لم يتوقف لحظة أثناء الليل قائلا: «الوضع أشبه بيوم القيامة».
الممرات الآمنة.. الضامن الأخير لحماية عشرات الآلاف من المدنيين..
هل يكون فتح هذه الممرات للمسلحين هو الحل؟
أكد وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف أن موسكو مستعدة لضمان أمن الممرات التي تفتح لخروج المسلحين من حلب، مشيرًا إلى أن هذه الممرات لن تصبح هدفًا لضربات القوات المسلحة السورية.
ودعا لافروف الولايات المتحدة إلى إقناع المسلحين بالخروج من مدينة حلب السورية للحفاظ على أرواح المدنيين.

ساعات الحسم

أكد الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف أن القوات الحكومية السورية بسطت، خلال الساعات الـ24 الفائتة، سيطرتها على 5 أحياء أخرى من حلب الشرقية، وباتت تسيطر على 96% من مساحة المدينة.
في السياق نفسه قال اللواء زيد الصالح رئيس اللجنة الأمنية في حلب، إن عملية الجيش السوري وحلفاءه لاستعادة شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة في مراحلها الأخيرة، بعد انهيار دفاعات مقاتلي المعارضة، أمس الأول الاثنين، الأمر الذي تركهم في جيب صغير يتعرض لقصف مكثف.

نزوح واسع

تتزامن هذه التطورات مع حركة نزوح واسعة شرقي حلب، فقد أكدت وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 13 ألف مدني غادروا مناطق المعارضة خلال الـ24 ساعة الفائتة، وأن نحو سبعمائة من مسلحي المعارضة سلموا أسلحتهم في الفترة ذاتها قبل انتقالهم إلى غربي حلب.
وذكر مدير مكتب حلب لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، رادوسلاف رزيهاك، أن جميع أطفال حلب يعانون الصدمة، مضيفاً: «لم أشهد في حياتي مثل هذا الوضع المأساوي الذي يعانيه الأطفال بحلب».

استغاثات مرعبة

استغاث مواطنون من داخل مدينة حلب السورية من هول ما يحدث.. نقلها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
هاني العبدالله -صحفي من حلب- قال في تدوينة عبر حسابه بـ»فيس بوك»: «لأول مرة يعجز الدفاع المدني السوري عن إعطاء حصيلة الشهداء والجرحى.. لا حصيلة لشهداء حلب المحاصرة».. «جثث الشهداء تملأ الشوارع وتحت أنقاض الأبنية المدمرة، والقصف مازال مستمراً».
فيما قال مواطن سوري يدعى معتز حمودة: «نداء إلى كل العالم: نحن حوالي مئة ألف مدني محاصر في أحياء صغيرة محاصرة بعد أن نقضت روسيا اتفاق خروجنا عبر ممرات إلى الريف الشمالي».

تصعيد ومعاناة

ومع التصعيد العسكري تستمر حركة النزوح إلى مناطق سيطرة النظام وداخل أحياء سيطرة الفصائل.
وقال شهود عيان في حي المشهد تحت سيطرة الفصائل لوكالة فرانس برس أن الحي يشهد اكتظاظا كبيرا بعد نزوح مدنيين من أحياء أخرى إليه مع تقدم الجيش، من دون أن يتمكنوا من إحضار أي شيء معهم من منازلهم.
وبين المدنيين الذين لا يعرفون إلى أين سيذهبون، عدد كبير من النساء والأطفال الخائفين الذين يبحثون عما يسد رمقهم. وقد افترش بعضهم الأرض فيما ينام آخرون وبينهم نساء على الحقائب أو يدخلون إلى المحال التجارية للاحتماء والنوم داخلها.
وأشار عبد الرحمن إلى أن «بعض الأحياء تحت سيطرة الفصائل باتت خالية تماما من السكان، فيما تضم أحياء أخرى عشرات الآلاف من المدنيين الذين يعانون من أوضاع إنسانية مأساوية».
وأحصى المرصد الاثنين نزوح اكثر من عشرة آلاف مدني خلال الساعات الـ24 الأخيرة من أحياء سيطرة الفصائل إلى القسم الغربي أو الأحياء التي استعادها الجيش مؤخرا.

هل هناك أمل ؟

ذكرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية, أن مجلس الأمن الدولي ليس الوسيلة الوحيدة لاتخاذ إجراء لإنقاذ المدنيين المحاصرين في حلب, لأن القانون الإنساني الدولي واضح في السماح لكل دولة على حدة, أو عبر المنظمات المتعددة الأطراف مثل الاتحاد الأوروبي أن تدافع عن المدنيين في سوريا.
وأضافت الصحيفة في مقال لها في 12 ديسمبر، يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك فورا لتخفيف معاناة مئات الآلاف المحاصرين في حلب الشرقية من خلال تقديم المساعدات بالإسقاط الجوي العاجل، سواء بطريقة فردية أو جماعية، وضرورة التوقف عن التماس الأعذار.
بينما قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية, إنه لا أمل في النجاة أمام آلاف المدنيين المحاصرين في الأحياء الشرقية من حلب, بعد اقتراب قوات بشار الأسد من السيطرة عليها بالكامل.
وأشارت الصحيفة أن واشنطن رضخت أمام موسكو, ولم تفعل شيئا لإنقاذ حلب, واكتفت بالبحث عن وسيلة لتأمين خروج ما تبقى فيها من أحياء.