مسقط - محمد البيباني
لا شك أن التاريخ الأمريكي الحديث سيتوقف طويلاً عند الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة والحملة الانتحابية الصاخبة التي أوصلته إلى البيت الأبيض، وتداعيات فوزه "غير المسبوقة" على المجتمع الأمريكي التي ربما لن يلتئم جرحها سريعاً.
"ترامب".. ظاهرة جديدة في عالم السياسة الأمريكية، كشفت عن بعض الحقائق الصادمة داخل المجتمع الأمريكي وأفرزت ظواهر سياسية واجتماعية جديدة قد تطال قواعد اللعبة السياسية الأمريكية.
من حملة انتخابية وصفت بأنها الأشرس إلى رئيس نجح من خلال إجادته إثارة الجدل إلى التخوفات المسبقة من تزوير النتائج، وصولاً لعدم قبولها من قبل البعض عقب إعلانها...، أمور غير مسبوقة "معاً" في كافة الاستحقاقات الانتخابية الأمريكية الفائتة.
في هذا التقرير نستعرض 10 ثوابت أمريكية أطاحت بها الانتخابات الأخيرة، والتي قد تلقي بظلالها على المستقبل الأمريكي.
1- القبول العام
ربما تكون المرة الأولى التي يحتج فيها أمريكيون على نتائج انتخابات لم تشابها شائبة أو على رئيس الكل اعترف بفوزه حتى منافسته الخاسرة.
احتشد متظاهرون مجدداً في عدة مدن في أرجاء الولايات المتحدة للاحتجاج بعد يوم من إصابة متظاهر بالرصاص في بورتلاند بولاية أوريجون.
وشملت الاحتجاجات نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاجو، حيث قال منظمون إنهم يأملون مواصلة قوة الدفع التي اكتسبوها على مدى الليالي الفائتة في أرجاء البلاد.
2- استطلاعات الرأي .. أكذوبة!
أصاب فوز ترامب مؤسسات استطلاعات الرأي في مقتل، فجميها أعلت من حظوظ هيلاري كلينتون ولم يتنبأ إلا القليل المغمور بفوز ترامب، وهو ما ضرب صناعة بحوث الرأي العام التي تقدر بنحو 20 بليون دولار.
من جهتها أعلنت حفنة من مؤسسات استطلاعات الرأي العام الصغيرة التي خالفت الإجماع وقالت على نحو دقيق إن الجمهوري دونالد ترامب سيفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية إنها تلقت عدداً كبيراً من الاتصالات من مستثمرين وعملاء يطلبون خدماتها.
3- حياد المؤسسات
لا شك أن إلقاء هيلاري كلينتون باللوم على جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) في خسارتها يعد تشكيكاً في حياد المؤسسات واتهاماً صريحاً بالعمل لصالح ترامب.
كلينتون ألقت باللوم على كومي في خسارتها بسبب قراره إرسال رسالة إلى الكونجرس قبل أيام من الانتخابات أعلن فيها إعادة فتح تحقيق فيما إذا كانت المرشحة الديمقراطية قد أساءت التعامل مع معلومات سرية عندما استخدمت خادماً شخصياً للبريد الإلكتروني أثناء عملها وزيرة للخارجية في الفترة من 2009 إلى 2012.
وبعد أسبوع أعلن كومي أنه راجع رسائل البريد الإلكتروني ومازال يعتقد أنه لا يوجد ما يبرر توجيه اتهامات إليها، لكن الضرر السياسي كان قد حدث بالفعل.
4- الانتحار .. رقم قياسي!
قالت صحيفة الجارديان البريطانية: إن الخط الساخن لمنع الانتحار بأمريكا شهد ارتفاعًا كبيرًا في المكالمات الواردة عن أمريكيين يعانون أزمات انتحارية، وذلك بعدما فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية.
وأشار مستشارون نفسيون إلى أن كثيراً من المواطنين تملَّكهم شعور بعدم اليقين والقلق بأن فوز ترامب سيهدد سلامة والحقوق المدنية.
حيث سجل المركز القومى لمنع الانتحار بأمريكا 660 مكالمة واردة في الفترة قبل إعلان نتيجة الانتخابات، ولكن بعد التأكد من هزيمة هيلارى كلينتون، زاد الرقم بمعدل مرتين ونصف عن المعدل الطبيعي لعدد المكالمات.
وصرح "جون درابر" مدير برنامج بالمركز "لم نر أي شيء من هذا القبيل في تاريخنا".
5- "الحجاب ممنوع في دولة ترامب"
تلقت المدرسة الأمريكية المسلمة "ميرا تالي" رسالة تهديد تركت داخل الفصل الذي تقوم بتدريسه في ثانوية "داكولا" بولاية "جورجيا" تطالبها بشنق نفسها بالحجاب الذي ترتديه، والذي بات ممنوعاً في دولة "ترامب" وفقاً لما نشرته صحيفة الديلي ميل البريطانية.
ونشرت "تالي" نص الرسالة عبر تغريدة على حسابها بموقع التواصل "تويتر" ويقول نصها "أستاذة "تالي"، حجابك أصبح ممنوعاً في دولة ترامب، لماذا لا تقومي بلفه حول رقبتك لشنق نفسك؟"
6- الخصوصية مهددة
تسبب انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في قلق بعض الأمريكيين حول خصوصيتهم، وهو ما دفعهم للتحول إلى منصات الاتصالات المشفرة لحماية أنفسهم، وهذا الأمر اتضح بشدة خلال الأيام القليلة الفائتة، حيث أعلنت إحدى خدمات البريد الإلكتروني المشفرة ومقرها في سويسرا أنها شهدت تدفقاً كبيراً للمستخدمين الجدد من الولايات المتحدة منذ إعلان نتيجة الانتخابات الأخيرة.
7- تويتر .. فاعل جديد
وفقا للموقع الإلكتروني لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية يتمتع ترامب ببراعة أدت إلى إعلان البعض أنه الأفضل على وسائل الإعلام الاجتماعية والفائز من الحرب الإعلامية الاجتماعية، فلا يمكن إنكار الدور الذي لعبه تويتر خلال الانتخابات الرئاسية، مع أكثر من 300 مليون مستخدم نشط في الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2016، إذ يسمح موقع التغريدات للناس بالتفاعل مع أعداد كبيرة من الأصدقاء والمتابعين عن طريق 140 حرفاً أو أقل.
8- انقسام وخوف
علق مقال للإيكونومست على انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام بأنها اختلفت عن سابقاتها كثيراً، فبدلاً من أن يشعر الناس في يوم التصويت بالراحة عادة لقضاء ساعات في الحديث مع الناخبين الخارجين من مراكز الاقتراع، أصبح الأمريكيون نكدي المزاج وحزينين ومتسرعين في نبذ الذين يختلفون معهم بأنهم غير منطقيين أو سفلة.
9- جديد في عالم السياسة
لم يسبق لترامب أن مارس عملاً سياسياً مباشراً، لكنه -وفق بعض التقارير الأمريكية- قدم خلال عقدين من الزمن تبرعات لحملات انتخابية رئاسية لمرشحين من الحزب الجمهوري والديمقراطي. وقد أصدر النواب الجمهوريون في ولاية نيويورك في أكتوبر 2013 مذكرة اقترحوا فيها مشاركة ترامب في سباق المنافسة على منصب حاكم الولاية مع أندري كومو، وهو ما رفضه ترامب.
10- انتخابات الفضائح والتهديدات
وصف مراقبون هذه الانتخابات بأنها الأشرس في تاريخ الولايات المتحدة، حيث شهدت فضائح وتهديدات بالقتل ومراسلات إلكترونية خاصة كشف عنها مكتب التحقيقات الفدرالي ووسائل الإعلام.
هذا الأمر دفع صحيفتين من الصحف الحكومية في الصين إلى السخرية من انتخابات الرئاسة الأمريكية، قائلة إن هذا السيل الذي لا ينقطع من الفضائح المحيطة بكل من مرشحي الرئاسة يثبت أنه ليس من حق الولايات المتحدة أن تلقن الآخرين دروساً عن الديمقراطية.