القاهرة - خالد البحيري
مرت «ثورة الغلابة» (11/11) برداً وسلاماً على أجهزة الأمن المصرية، وبدت الشوارع يوم الجمعة الفائت شبه خالية تماماً حتى من أولئك المارة الذين اعتادوا السير فيها يوم الإجازة ذهاباً وإياباً لتمضية بعض الوقت في الحدائق والمتنزهات أو الوصول إلى أحد مساجد القاهرة العتيقة لصلاة الجمعة بها.
وتصدرت الواجهة تساؤلات عدة لعل أبرزها: لماذا لم يخرج المصريون للتعبير عن تضررهم من زيادة الأسعار بعد قرار تحرير سعر الصرف «تعويم الجنيه» وفقدانه أكثر من 50 % من قيمته دفعة واحدة، وزيادة أسعار الوقود بعد رفع الدعم جزئيا عنه؟ هل حقاً اختار المواطن مسار التنمية وقرر الوقوف إلى جوار حكومته ودعم نظامه الحاكم؟ أين مخططات التخريب والقتل والتدمير التي بشر بها الإعلام المصري وكشف خيوطها وحذر منها؟
«الشبيبة» ابتعدت هذه المرة عن تحليلات الخبراء والسياسيين واستمعت إلى وجهة نظر الشارع المصري والذي أرجع كثير من أبنائه الأمر إلى عدم جدوى التظاهر أو التعبير عن الرأي في ظل قبضة أمنية شديدة تم إحكامها على العاصمة والمحافظات وانتشار مكثف لآليات الجيش والشرطة، ووجود قانون التظاهر شديد الصرامة والذي بمقتضاه تم حبس آلاف المصريين وصدرت ضدهم أحكام تجاوزت الـ15 عاماً.
في إحدى المقاهي بشارع 26 يوليو وسط العاصمة المصرية القاهرة التقينا بأحد شباب «ثورة 25 يناير» -تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية- فقال: ما يهدد الحكومة حالياً، ليس جماعة الإخوان والقوى المتطرفة والإرهابية التي تعرضت لضربات أمنية نوعية مركزة.. التهديد الحقيقي هو الاحتقان الشعبي المتزايد من جراء الانفلات غير المسبوق في معظم الأسعار، والأزمة الاقتصادية الاجتماعية الصعبة، وقد تفلح الإجراءات الأمنية في منع أي مظاهرات واحتجاجات في الأيام أو حتى في الشهور المقبلة، لكن استمرار الاحتقان خصوصاً في الأوساط الشعبية والعمالية وبين الموظفين، قد تكون له آثار سلبية رهيبة، وتراكم الغضب في النفوس هو الذي يقود إلى الثورات والانفجارات.
أما رسام الكاريكاتير أحمد طنطاوي فقال موجهاً حديثه للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: عفواً سيادة الرئيس قرأت المشهد بشكل خاطئ، فالشعب الذي منحك الثقة لم ينزل يوم 11 /11 ليس لأنه موافق على الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة وجعلت حياته جحيماً بل وأعطت الفرصة للإخوان لكي يشمتوا فيه لأنه اختارك أنت، بل لأنه كره جماعة الإخوان ولا يريد أن يعطيهم الفرصة ليقفزوا إلى واجهة المشهد من جديد.