القاهرة - خالد البحيري
مساعي عديدة على مستوى القادة تبذلها العديد من دول الخليج العربي من أجل عودة الدفء إلى العلاقات المصرية السعودية وتجاوز الأزمة بين الدولتين، وتوحيد الصف العربي في مواجهة التحديات، فضلا عن تنسيق الجهود في القضايا التي تمس الأمن القومي العربي.
وفي الإطار جاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى القاهرة قبل نحو يومين، على رأس وفد رفيع المستوى، للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من القيادات الأمنية، وهو ما أسفر عن سفر وفد من الإمارات إلى المملكة العربية السعودية عبر مطار القاهرة الدولي للقاء مسؤولين سعوديين، لاطلاعهم على نتائج المباحثات بين السيسي وبن زايد.
أيضا مكالمة مطولة تمت مساء الجمعة بين الرئيس المصري السيسي وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتضمنت بحسب بيان رئاسة الجمهورية المصرية الذي تلقت "الشبيبة" نسخة منه بحث توحيد الصف العربي ولم الشمل، مما يؤشر بشكل ضمني إلى وساطة كويتية بين القاهرة والرياض لتجاوز الخلافات.
ورغم أن الدولتين -مصر والسعودية- تنفيان وجود خلافات إلا أن أزمة تفجرت عقب تصويت مصر لصالح قرار روسي بشأن سوريا في مجلس الأمن مما أغضب المندوب السعودي، حيث تختلف وجهة نظر الرياض عن القاهرة في التعاطي مع هذا الملف فبينما ترى الأولى أن الحل في سوريا يكمن أولا في إزاحة الرئيس بشار الأسد عن سدة الحكم فيما ترى الثانية أن الأسد جزء من الحل للحفاظ على وحدة وتراب سوريا.
وتأتي مسألة التقارب الخليجي التركي لتكتب فصلا جديدا من توتير العلاقات بين مصر والسعودية، ففي الوقت الذي يهاجم فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوجان النظام المصري صباح مساء، تشهد العلاقات بين بلاده ودول الخليج ازدهارا ملحوظا وزيارات متبادلة على مستوى القادة والوزراء وهو ما يثير استغراب القاهرة.
وإلى جانب السياسة يأتي العامل الاقتصادي، وبنفس التوقيت الذي تعلن فيه شركة أرامكو السعودية وقف الإمدادات النفطية إلى مصر، توقع اتفاقات بالمليارات للاستثمار في تركيا، وتتوجه الإمارات باستثمارات مماثلة في تركيا، وبخاصة القطاع العقاري، وتنتعش العلاقات القطرية التركية أكثر.
شعبيا، أحدثت مسألة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية شرخا لدى الشعب المصري الذي أحست فئات عديدة منه بأن السعودية تستغل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر، وسارع نشطاء مصريون بالتوجه للقضاء لوقف إجراءات تنفيذ تسليم جزيرتي تيران وصنافير لجانب السعودية وهو ما أسفر عن حكمين قضائيين ببطلان الاتفاقية ووقف تنفيذها، والتأكيد على أحقية مصر بهما، الأمر الذي أغضب الجانب السعودي، خاصة أن مجلس الوزراء هناك قد صادق على الاتفاقية منذ مايو 2016.
وفي الملف اليمني كانت السعودية تنتظر من مصر دورا أكبر من مجرد حماية مضيق باب المندب وقطع وسائل الإمداد والتموين عن الحوثيين، لكن القيادة المصرية كانت واضحة منذ البداية واكتفت بدور استخباراتي ودعم لوجستي، فالتجربة المصرية في اليمن قبل سنوات ليست بالبعيدة كانت مريرة ودفعت مصر ثمنا باهظا لها من مقدرات وأرواح جنودها.
وفي المجمل تبقى العلاقات المصرية السعودية متجذرة وضاربة في عمق التاريخ، فالدولتان بمثابة جناحي طائر للامة العربية لا يمكن لأحدهما أن يحلق دون مساعدة الآخر، وتفرض الظروف الإقليمية والدولية وتوغل الإرهاب في مناطق متعددة من العالم العربي ضرورة تجاوز الخلاف وتوسيع نقاط الاتفاق لرأب أي صدع، وهو المنطلق الذي تتكأ عليه كل من الإمارات والكويت في مساعيها لتحريك المياه الراكدة بين القاهرة والرياض.