التعليم العالمي لدى كل طفل

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٨/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٤٥ م
التعليم العالمي لدى كل طفل

جوردن براون

تتضمن أهداف التنمية المستدامة والتي تبناها المجمتع الدولي في سبتمبر التزاما بتوفير التعليم الإبتدائي والثانوي المجاني لكل طفل بحلول سنة 2030 . إن إيجاد مبلغ العشرين مليار دولار أمريكي الإضافي كل عام أو أكثر من أجل الوفاء بهذا الإلتزام هو أحد الأهداف الرئيسة للمفوضية الدولية لتمويل فرصة التعليم العالمي .

لقد قامت رئيسة الوزراء النرويجية بتأسيس تلك المفوضية في سبتمبر الفائت بالتعاون مع رؤساء مالاوي وتشيلي واندونسيا ومدير عام اليونسكو . إن من بين اعضاءها خمسة رؤساء ورؤساء وزراء سابقين وثلاثة وزراء مالية سابقين وستة من الفائزين بجائزة نوبل وثلاثة من أنجح رجال الأعمال في العالم – جاك ما و اليكو دانجوتي وسترايف ماسيويا – وهولاء سوف يقومون بإحالة ما توصلوا إليه إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والمؤسسين المشتركين في سبتمبر ولقد إجتمعنا في لندن بتاريخ 24 يناير من أجل أن نرسم طريقا للإمام .

إن التحدي كبير وصعب فهناك حوالي 60 مليون طفل في سن التعليم الإبتدائي لا يحصلون على التعليم الرسمي ومن بين حوالي 590 مليون يذهبون للمدرسة يفشل حوالي 250 مليون منهم –حوالي كل أثنين من خمسة- في تعلم أساسيات القراءة والكتابة والحساب وحوالي 60% من طلاب المدارس في الدول النامية غير ملمين بالمعايير الأساسية للرياضيات.

لو إستمرت الإتجاهات الحالية فإنه بحلول سنة 2050 فإن الأطفال في معظم مناطق العالم سيبقون في المدارس لعشر سنوات أو أكثر بالمعدل مقارنة بثلاثة أعوام سنة 1950 لكن بعض الدول في أفريقيا ما تزال تتخلف بشكل كبير عن الركب حيث أن معدل بقاء الأطفال فيها في المدارس يتراوح بين 3 إلى 4 سنوات ولو بقينا نعمل على النحو المعتاد فإن الأمر سوف يستغرق أكثر من مائة عام- أي حتى القرن الثاني والعشرين- قبل أن يتم منح كل طفل فرصة إكمال دراسته.

وبينما تلعب مستويات التعليم دورا متزايدا في النمو الإقتصادي فإن التمويل المطلوب من أجل رفع تلك المستويات لم يتحقق فلقد إنخفضت المساعدات التنموية العالمية للتعليم بحوالي 10% في السنوات الأخيرة وإنفاق الحكومات في الدول منخفضة الدخل لم ينجح في سد الفجوة.

لقد كان التعليم سنة 2002 يشكل 16% من إجمالي الإنفاق المحلي في الدول الفقيرة واليوم فإن هذا الرقم هو 14% فقط وفي الوقت نفسه زادت نفقات الصحة من 9% إلى 11% من إجمالي الإنفاق ولعل ما يجعل الأمر أكثر سوءا أنه في العديد من البلدان والتي هي في حاجة ماسة للتعليم – بما في ذلك الباكستان ونيجيريا-تنفق الحكومات القليل جدا عليه ( أحيانا مبلغ قليل جدا يصل لما نسبته 2% من الدخل القومي).

وحتى عندما تتوفر النقود لا يتم إنفاقها بإنصاف ففي الدول منخفضة الدخل يتم إنفاق حوالي نصف التمويل المخصص للتعليم على نسبة العشرة بالمائة الأكثر تعليما من الأطفال والقليل يصل إلى أطفال الشوارع أو الأولاد والبنات في المناطق الريفية النائية أو مناطق الصراع أو الأحياء الفقيرة في المدن .

طبقا لليونسكو فإن النسبة والتناسب بين التلاميد والمعلمين المؤهلين في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وغينيا بيساو وجنوب السودان هي أكثر من مائة لواحد وهولاء المعلمون يتلقون القليل من الدعم أو التشجيع أو التعليقات على عملهم . إن مما لا شك فيه أن المعلمين الجيدين هم المفتاح من أجل تحقيق جودة التعليم ولكنهم لن يتمكنوا من عمل الكثير بدون الإشراف المتقن والمناهج المنظمة بعناية والقدرة على الوصول للتكنولوجيا.

إن مصطلح " التعليم العالمي" لن يعني شيئا بدون أن يتم تطبيقه على الأطفال الذين يعيشون في الأكواخ وخيم اللاجئين وعند الحروب أو الأزمات فإن المجتمع الدولي عادة ما يخصص الأموال وهو محق في ذلك من أجل الطعام والمأوى والرعاية الصحية ولكن في الكثير من الحالات فإن تمويل التعليم هو شيء ثانوي فقط ونظرا لإن اللاجئين يقضون أكثر من عشر سنوات بعيدين عن أوطانهم بالمعدل فإنه لا يمكن السماح لهذا الإهمال بالإستمرار.

لحسن الحظ تم إحراز تقدم في هذا المجال ففي تجربة مثيرة للاهتمام في لبنان تم تبني إسلوب الدوام على فترتين في المدارس من أجل إستيعاب اللاجئين السوريين في البلاد فالأطفال المحليون يذهبون للمدارس في الفترة الصباحية بينما يدرس الطلاب السوريون من اللاجئين في نفس الصفوف الدراسية في الفترة المسائية .

لقد حقق البرنامج نجاحا مذهلا حيث وفر التعليم لحوالي 207 الآف طفل والذين كانوا سيحرمون من التعليم لولا هذا البرنامج كما توجد خطط لتوسيع هذا البرنامج لتغطية مليون طفل في لبنان وتركيا والأردن. إن أكبر عقبة لمثل هذه الإنجازات المذهلة عادة ما تكون نقص الأموال .

لقد تم تشكيل المفوضية الدولية لتمويل التعليم العالمي من أجل دعم مثل هذه الجهود . لقد قدم رئيس اليونسيف انتوني لايك ورئيسة اليونيسكو إيرينا بوكوفا ورئيسة الشراكة العالمية للتعليم جوليا جيلارد دعمهم لبرنامج من أجل توفير التعليم في الحالات الطارئة وهو إقتراح آمل أن يتم تقديمه رسميا في القمة الإنسانية العالمية في تركيا في مايو . إن هدفي يتمثل في أنه بحلول نهاية العام سوف يكون لدينا جدول زمني لتوفير التعليم الإبتدائي والثانوي لكل طفل في العالم والتمويل من أجل تحقيق هذا الهدف المهم للغاية .

رئيس وزراء ووزير مالية سابق في المملكة المتحدة