خبر طيب أن نكون في المركز السادس عشر عالميا في الوجهات السياحية الأسرع نمواً.. ذلك يعني أننا نسير خطوات إلى الأمام، وفق ما صرح به معالي وزير السياحة، حيث المؤشرات ترتفع، كون السياحة تثري، مع أننا بقينا فقراء فيها كل العقود الفائتة، وتحدثنا فيها أكثر مما أنجزنا، وربما فاقت كلمات التصريحات الرسمية عدد السياح القادمين إلى بلادنا.
خلال عشر سنوات تضاعف عدد زوار السلطنة، لكن المسافة بين الرقمين ليست مدهشة كما يقول الواقع، فالعدد لم يصل المليونين بعد سنويا، في دولة بها من المقومات السياحية ما كان له أن يجذب الملايين، ويكفي موسم خريف صلالة لجذب مليونين فقط، أما السياحة الشتوية ففيها من الثراء ما فيها، لكننا نمنا طويلا واستيقظنا متأخرين.. أي بعد أن «طارت الطيور بأرزاقها» كما يقال..
من ضمن المؤشرات التي تقدمنا بها في مؤشر السياحة العالمية ارتفاع عدد الغرف الفندقية.. وهذا جانب استثماري مهم، لكنه لا يعكس بالضرورة ما نريده من السياحة، لأن إنفاق السائح العماني يذهب إلى خارج البلاد، كثروة مهدرة، حينما تعذرت عليه مفردات السياحة المحلية، حينما يبحث عن شجرة يستظل بها في واد أو بالقرب من أي معلم تاريخي، ولا يحفل بالغرف الفندقية لأنه خرج من منزله قاصدا الطبيعة لا جدران أخرى، ومعه في سيارته عائلته التي لن تكفيها غرفة أو غرفتان، ولن يمضي أكثر من بضع ساعات في المكان.
ربما، وأقول ربما، نكون على جانب ما من الطريق الصحيح في المسار السياحي، لكن الجرأة ما زالت مفقودة في التعاطي مع هذا الجانب المثري، والمحتاج إلى تعزيز إضافي ليكون «نفط» السلطنة الذي لا ينضب، ولا تتأثر أسعاره بحسب بيانات المخزون الأمريكي أو تراجع النمو في الصين.
بعد إحدى الإجازات كتبت عن السياحة الداخلية، وحينها وجدت تجاوبا من معالي وزير السياحة حيث اقترح حديثا «غير رسمي» لتوضيح المزيد من المعلومات، منوها بضعف في توصيل هذه «المعلومات» إلى وسائل الإعلام رغم أهميتها.
شخصيا - ولست على منفعة بأي وجه كان مع الوزير أو الوزارة - أرى أن «معاليه» يتمتع برؤية كونه عاش لسنوات في باريس كسفير، ممتلكا ثقافة الانفتاح وقراءة المستجدات في واحدة من أبرز مدن الدنيا سياحة، لكن حسابات الحقل مختلفة، كما هي حسابات أخرى.. إنما هناك أفق، ولا بد من التغيير!
مشكلة السياحة في بلادنا هي ذاتها مشكلة البلاد، تعدد الجهات، وتباعدها في التنسيق، والبيروقراطية بما فيها من أمراض، ولوائح وقوانين تعرقل أكثر مما تسمح، وهناك عقول ليس شعارها «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد»، بل يمكن تأجيله حتى العام المقبل.
لن تنجح وزارة السياحة إذا لم تكن معها قطاعات أخرى كالإسكان على سبيل المثال، وصولا إلى تخلي رأس المال المحلي عن جبنه.
لا نحتاج إلى غرف إيواء فقط، بل رؤية تؤوي سياحتنا لتجعلها قابلة للنمو أكثر، لأنها استيقظت متأخرة، جداً!!