دافوس: تقدّم كبير للسلطنة في التقرير العالمي للتنافسية

مؤشر الخميس ١٣/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
دافوس: تقدّم كبير للسلطنة في التقرير العالمي للتنافسية

مسقط-
في إشارة حقيقيّة إلى جهود الحكومة الرشيدة في مهمات واختصاصات الهيئة العامة لحماية المستهلك في تطوير وتقدّم ميزة التنافسيّة، حقّقت السلطنة تحسناً ملحوظاً في بعض المحاور الأساسيّة في أحدث إصدار لتقرير التنافسيّة العالميّة لعام 2016 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» في سويسرا، والذي يعدّ من أهم تقارير التنافسيّة العالميّة التي ترصد بشكل سنوي أداء وتنافسيّة اقتصادات دول العالم من حيث نقاط القوة والضعف وانعكاساتها على مستوى المعيشة والازدهار والرفاهيّة لشعوبها وجلب الاستثمار الأجنبي.

ويعد تعريف المنتدى الاقتصادي العالمي أكثر التعريفات شيوعاً، حيث تعرف القدرة التنافسية للدولة على أنها توافر المؤسسات والسياسات الاقتصادية التي تسمح للتحقيق بتحقيق نمو اقتصادي بمعدلات مرتفعة في المدى الطويل على أن يرتكز هذا النمو على ارتفاع إنتاجية كافة عناصر الإنتاج بمعدلات تفوق نظيراتها لدى المنافسين في السوق العالمي وبما يضمن بدوره تحسّن مستوى المعيشة للمواطنين.
وبحسب التقرير فقد جاءت السلطنة في المرتبة 51 فيما يخص فعالية سوق المنتجات مقارنة بالمرتبة 52 في العام الفائت، وتقدّمت السلطنة حوالي 29 مرتبة في مستوى فعاليّة سياسة المنافسة لتصل إلى المرتبة 61 بعد أن كانت في المرتبة 90 في العام الفائت، كما قفزت 13 مرتبة في مجال الهيمنة والاحتكار.
وتعكس هذه النتائج الجهود الكبيرة التي قامت بها الهيئة العامّة لحماية المستهلك وأدوارها في هذا الشأن والتي كان لها الأثر البارز في تحسّن التصنيف الخاص بالسلطنة في هذه المجالات مثل إصدار قانون «حماية المنافسة ومنع الاحتكار»، واستقبال وبحث الشكاوى ضد الجهات المهيمنة والمحتكرة، ودراسة أوضاع عدد من القطاعات بهدف منع الاحتكار فيها كقطاع السيارات والحديد وغيرها، ودراسة أسباب اختفاء بعض المنتجات حتى التأكد من توفرها، وغيرها من الإجراءات.
يقول رئيس الهيئة العامة لحماية المستهلك سعادة د.سعيد بن خميس الكعبي: لقد أولى الفكر والتوجيهات السامية الكريمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- تطوير وتنويع مصادر الاقتصاد اهتماما بالغا ويتجلّى ذلك في إصدار «قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار» الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 67/‏2014، وهو قانون يضع حجر الأساس للتنويع الحقيقي، وفتح مجالات المنافسة على مصراعيها على أسس واضحة من العدالة والتنظيم الفعّال.
وأضاف سعادته أن مؤشر القدرة التنافسية العالمي أداة فعالة وقوية لصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم، إذ إنه يساهم في بيان وإبراز نقاط القوة والضعف في مجالات معينة، والدور الذي قامت به الهيئة في الأعوام الفائتة والجهات ذات العلاقة في هذا الشأن، أدى إلى تحسّن في بعض المؤشرات مثل فعالية سياسة المنافسة وفعالية سوق المنتجات، أما تراجع ترتيب السلطنة في بعض المحاور فقد يستدعي اتخاذ إجراءات عملية لتفادي هذا المنحى بخاصة أن دول الخليج تحتل مراتب متقدمة، والعمل على تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 67/‏2014 وإنفاذه لتحسين التنافسية وتمكينها لجلب الاستثمار ورأس المال الأجنبي، فالسلطنة مقبلة على مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي الهادف إلى المزيد من الاستثمارات الخارجية، وكذلك تنشيط حركة الأسواق المحلية التي تؤدي بالتالي إلى وجود العديد من السلع والخدمات وعمليات الاستيراد والتصدير مما سيساهم في فتح أسواق السلطنة للمنافسة والتصدي لأية ممارسات تؤدي إلى الاحتكار والمنافسة غير المشروعة.

إنجازات

وأوضح سعادته أن الهيئة من خلال مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار قامت بالعديد من الجهود لإيجاد منافسة شريفة وعادلة في الأسواق، ومنع الاحتكار، وتنويع البدائل رغم قصر المدة الزمنيّة لعمله، حيث منع قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار والتعديلات الأخيرة لقانون الوكالات التجارية، وجود وكيل حصري لأية سلعة أو خدمة، الأمر الذي فتح المجال أمام المزوّدين الآخرين لبيع وتوزيع وتسويق وترويج أي منتج، وبالتالي توافر الخيارات والبدائل أمام المستهلك بأسعار مناسبة، كما ألزم القانون وكالات السيّارات بأن تشمل مظلّة خدمتها وصيانتها للمركبات من ذات النوع حتى لو تم شراؤها من غير الوكيل مع بقاء الضمان، الأمر الذي ساهم في انخفاض أسعارها، كما قام المركز بدراسة قطاع الحديد خلال أزمة ارتفاعه في الفترة الفائتة مما أسهم في رجوعه إلى سعره العالمي، ودراسة بيع أسعار بعض السلع بسعر التكلفة، ودراسة أسباب اختفاء بعض المنتجات من السوق حتى التأكد من عودتها إلى السوق بذات السعر السابق، وتنظيم الحلقات والمحاضرات، والحضور الإعلامي المستمر من أجل التوعية والتثقيف في هذا المجال، بالإضافة إلى جهود الهيئة في إطار تعدّد مصادر تقديم الخدمات في وكالات السيّارات، حيث أصبح بالإمكان القيام بالصيانة الدوريّة لمركبته في إحدى الورش المعتمدة دون أن يكون ذلك سبباً لسقوط الضمان وذلك لمخالفته لقانون حماية المستهلك.
كما أن الجهود التي تقوم بها كوادر الهيئة في الميدان في مختلف الولايات للتحقّق من جودة وسلامة قطع الغيار التي تباع، كانت من الأسباب التي ساعدت على ازدهار هذا القطاع، ودخول العديد من الشباب العماني إليه، وبالتالي توفر قطع الغيار بأسعار تنافسيّة.

استكمال المنظومة
وأضاف سعادته أنه ومع صدور القانون أصبح من الأهمية بمكان استكمال هذه المنظومة من خلال إصدار اللائحة التنفيذية للقانون ليكتمل تناغم المنظومة القانونية في هذا المجال، وهو ما نتطلع إليه في المرحلة المقبلة، كما نتطلع إلى تعزيز هذا القانون ودعمه من خلال اعتماد الموازنة المالية اللازمة لتفعيله، حيث إنه وحتى تاريخه لم يتم اعتماد أي مبالغ مالية لتفعيل القانون رغم مرور عامين على صدوره، ومن المؤكد أن كل ذلك لم يغب عن أذهان القائمين على الأمر، حيث تم وضع اللبنة الأولى لمنظومة السوق الحر الحقيقية بصدور هذا القانون الهادف إلى تشجيع المنافسة الشريفة وفتح المجال أمام دخول المزيد من السلع والخدمات وتدفقها إلى السوق المحلي من خلال مزوّدين جدد، وهو ما سيؤدي إلى انتعاش الأسواق المحلية وتحقيق بيئة تنافسية.

ضوابط الهيئة
وقال أحمد بن سعيد كشوب، المحلل المالي والاقتصادي إن الهيئة العامة لحماية المستهلك دائماً ما تحوز على أعلى الرتب، وآخرها جائزة ريادة الأعمال، وهذه الجائزة تضاف إلى منجزات الهيئة، مؤكداً أن الهيئة استطاعت بضوابطها ومعاييرها أن توجد منافسة شريفة من خلال وجودها في السوق، والتواجد معناه أن هناك رقابة دائمة ومتابعة بالإضافة إلى وجود إحساس لدى المستهلك والتاجر بأن هناك جهة رقابية منصفة تستطيع أن تحقق الكفاءة في الأداء والجودة والإنتاجية، والمستهلك يستطيع أن يشعر بأمان أكثر عندما يجد الهيئة حاضرة بهذه المحافل وكذلك وجودها في المحلات والمراكز التجارية بالإضافة إلى وجود إرشادات الهيئة في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك توجيهها المباشر للتجّار والموزعين.

دور الهيئة
وأشار الخبير المالي لؤي بطاينة إلى أن الدور الكبير الذي قامت وتقوم به الهيئة العامة لحماية المُستهلك، جليّ وواضح لغالبية المواطنين والمُقيمين على أرض السلطنة ليس فقط بخصوص مراقبة الأسعار وتحريرها، وإنما بتحرير السوق كذلك وإيجاد آليات ووسائل جديدة لتفعيل مبادئ المنافسة في السوق والتي تضمنت فتح الأبواب والتدقيق في الأسعار وبوالص الشحن للتأكد من حصول المستهلك على القيمة الحقيقية للنقود من خلال امتلاكه السلعة المطلوبة والمتوقعة طبقاً للقيمة التي دفعها.

ويضيف: وكانت من أهم المبادرات التي قامت بها الهيئة في السنوات الأخيرة التي تضمن الحد من الاحتكار بجميع أشكاله والتأكيد على المستوردين بضرورة التعامل مع المستهلكين بشفافية ووضوح كبير بشكل لاحظه جميع المستهلكين من خلال التعرف على الحد الأدنى من حقوق ومسؤوليات التاجر والمستورد وحقوق وواجبات المستهلكين وعلى الأخص بالنسبة للسلع العالمية والتي تحمل أسماء وشهرة معروفة.

أهمية المتابعة
ولمتابعة تأثير عمل الهيئة ومراقبتها للأسواق يرى بطاينة أهمية متابعة مؤشر التضخم الشهري للسلطنة والذي يظهر ثبات مستوى التضخم محلياً، وهو الأقل خليجياً ويمكّن الوقوف على استقرار الأسعار للسلع الرئيسية في الأسواق، فمفهوم حماية المستهلك يقوم على مبدأ الحماية والحد من الاحتكار ومواجهة التاجر الأوحد، وهي إحدى الأدوات لمواجهة الاحتكار وفتح الأسواق، فحماية المستهلك ليس فقط نوعا من التنظيم الحكومي العامل على حماية مصالح المستهلكين ولكن أيضاً قد يكون من خلال جمعيات ومؤسسات مُجتمعية تهدف من خلالها لتثقيف المستهلكين بحقوقهم الاستهلاكية والقانونية والتنظيمية، ومن الممكن مثلاً أن يطلب من القطاع التجاري أن يقوم بالكشف عن المعلومات التفصيلية لعدد من المنتجات الغذائية والصحية والفنية بهدف التعرف على المزيد من تلك التفاصيل ومعرفة الأمور الخاصة بقضايا السلامة، أو الصحة العامة، كمنتجات الغذاء.

مراجعة القوانين
من جانبه قال حسين جواد اللواتي رئيس مجموعة تاول بأنه علينا مراجعة القوانين هل تتماشى مع المرحلة الحالية؟ وهل هي قوانين داعمة للمنافسة في السوق في الوقت الحالي؟ وفي الوقت الحالي تمنح التراخيص التجارية للجميع ولأي شخص وفي جميع المهن، وعلى سبيل المثال وفي بداية السبعينيات كانت هناك تراخيص معينة ولا تعطى إلا بشكل محددة حتى تكون هناك فرص للشركات لتبني نفسها وتقف على رجليها، وهذا الأمر قبل 45 سنة من الآن تقريبا، وإلى العام 1990، أيضا وفي مجال السيارات كان لا يمكن لأي شخص أو أية جهة تجارية استيراد سيارة غير الوكيل المعتمد، وإذا كان الشخص أو الجهة تريد ذلك كان عليها أن التنسيق مع الوكيل والذي تترتب له بعض الفوائد، ومن بعد العام 1991 صدر قانون من وزارة التجارة والصناعة يحرر قضية الوكالات بمعنى لا وجود لقانون يحمي الوكيل بل قانون يحمي الصك من الغش ولا يحمي الوكيل من احتكار وكالة معينة بل حرية ذلك وهذا الأمر ينطبق على السيارات وغيرها.

ظاهرة الهيمنة
ويرى خليفة التونكتي خبير المنافسة بالهيئة أن هذا التحسن في المعيار السادس للتنافسية والذي يتعلق بفعالية سوق المنتجات يرجع إلى عدة عوامل تدخل في مكونات المؤشر منها فعالية سياسة المنافسة التي صعدت إلى مرتبة 61 بعد أن كانت 90 في 2015/‏2016، هذا إلى جانب مكونات أخرى للمؤشر شهدت تحسناً متبايناً مثل ظاهرة الاحتكار وسياسة الأسعار الزراعية، والحواجز التعريفية والإجراءات الجمركية.

مضيفاً أن وزن معيار فعالية السوق يدخل في مؤشر التنافسية الكلية بنسبة مهمة تبلغ 17 %، ويتكون مؤشر فعالية السوق من 16 وحدة تقييم منها 8 مؤشرات تطورت بصفة إيجابية أهمها فعالية سياسة المنافسة والتي حققت أحسن النتائج إذ تحسن الترتيب من 90 إلى 61، وتجدر الملاحظة إلى أن نتائج ترتيب التنافسية لمنتدى دافوس تشير إلى تحسن نتائج مؤشر فعالية سياسة المنافسة من 90 إلى 61 مما يدل على الدور الإيجابي للهيئة العامة لحماية المستهلك في دعم المنافسة ومراقبة سير السوق بالعمل على تطبيق ما جاء به القانون من أحكام لمنع الممارسات الاحتكارية والاتفاقات المضرة بسير السوق، ويبيّن التقرير تطوراً ملموساً في مردودية دائرة المنافسة ومنع الاحتكار رغم الإمكانيات المحدودة وقصر المدة منذ دخول القانون حيز التنفيذ.
وأشار إلى أن ظاهرة الهيمنة والاحتكار ما زالت بارزة في السوق رغم تراجع المؤشر من الرتبة 123 إلى 110 وهي درجة متأخرة في بلد يمتاز بالحرية الاقتصادية والانفتاح على الخارج. وهذا المؤشر يتطلب مزيداً من الجهود للحد من أضرار الممارسات الاحتكارية وانعكاساتها على اقتصاد السلطنة وعلى مصالح المستهلك. مشيراً إلى أن الهيئة تعمل على الحد من الانعكاسات السلبية للاحتكار حتى تساهم في تحسين التنافسية الكلية للسلطنة ومناخ الاستثمار عن طريق دعم شفافية سير السوق.