محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com
لضعف في بصري وبصيرتي أدرك متأخرا أن الأشياء ليست كما تبدو لي تماما، فمن حق كثيرين ممارسة ما يرونه مناسبا دون أن يستدعي الأمر التوقف عنده كما أتوقع، وأنا أشاهد ممارسات ضارة في مجتمعي الصغير، وهو جزء من مجتمع أكبر، يمكن النظر إليه من خلال الحارة، أو القرية، باعتبارها نماذج وشواهد دالة!!
كتبت مرتين عمّا توهمت أنه سيستدعي تحركا جادا من المسؤولين (وتسميتهم جاءت من المسؤولية) لوقف تكرار الأخطاء والعيوب (يبدو أن هذه نظرتي إليها فقط) بخاصة وأنني كررت الكتابة عن جملة منها، أراها يوميا، وحلـّها لا يحتاج إلى تجهيز مناقصات والإعلان عنها وإسنادها بملايين الريالات، بل أراها «أشياء بسيطة جدا».
تمنيت أن أرى وزيرا يغادر مكتبه ووجاهة «معالي راعي الحفل»، أو وكيل وزارة على الأقل ليزور المديريات المتناثرة في جميع محافظات السلطنة ولو يوما في الشهر، من باب النظر المباشر إلى ما يحدث في المكاتب التي «هجرها» أصحابها، ولي في هذا توصيف بسيط ومعبّر قاله أحد الأصدقاء القدامى والذي انتقل للعمل في مديرية بولايته، قريبا من بيته «هنا ما حد يعرفك تداوم أو.. لا»!!.. علما أن بعض المكاتب في «دواوين الوزارات» لا تختلف عن هذا الجانب لبعد المسؤول، كبر أو صغر، عن المتابعة المباشرة.
لذلك عندما كتبت عن «حارتنا» أشرت إلى حفر في الشارع يتم إصلاحها المرة تلو المرة، لكني فوجئت بما هو جديد هذه المرة، بعد أسبوعين من آخر «تصليح» جاءت المعدات لتضع طبقة إسفلت تحتاج إلى أخرى، وبقيت منذ ما قبل عيد الأضحى، وحتى قبل عدة أيام ليتم رصفها كاملة، في اليوم التالي «ساحت» كعجينة بدأت أطرافها «تبرز»، وهي متكررة في أماكن متقاربة، ربما تنتظر مهمة إصلاح تالية ستأتي، مع أن عمود الإنارة لا يزال صامدا في وسط الشارع، ونقله يتطلب رؤية مستقبلية قد تتحقق في 2020 أو 2040.. من يدري؟!
وكنت أتصور، أو بالأحرى (أتوهم) أن وضع لافتة صغيرة على دوار كبير، مكانه متاهة لعابرين كثر، لا تحتاج أكثر من اتصال يجريه عضو في مجلسي الشورى أو البلدي، ولهما وسائلهما في التواصل مع كبار المسؤولين، وقد عرفا ما يمكن أن تلعبه تلك اللافتة فـــي إرشاد الحائرين كيف يخرجـــون مــن مصيدة هذه المنطقة، عدا كتابتي عن هذه المسألة (البسيطة جدا جدا) لكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى خطط وإستراتيجيات ومناقصات، وليس كما أدّعي (أنا) أن الأمور ستتم ببساطة.. أتوهمها.
أشياء حولنا، تهمّ المواطن بما يعكس ثقته في أداء محسوب على الحكومة «أولا وأخيرا» وليس على الشركات المنفذة، هذه التي لا يفترض تركها بدون متابعة ومحاسبة، وما نهمله اليوم سيتكرر ليغدو أمرا واقعا، سيجرّ إلى ممارسات أشد وطئا، ويتحول إلى ثقافة جاهدنا كثيرا لنصل إليها، النظام والنظافة والرقي والهدوء، هذه المرتكزات المدنية العميقة ليس من السهل خدشها بممارسات محورها الأول والأخير: اللامبالاةّ!