محمد بن أحمد الشيزاوي
shfafiah@yahoo.com
سألت أحد طلاب الاقتصاد: هل تحضرون المؤتمرات الاقتصادية التي تعقد في السلطنة؟ قال: لا. وأبدى دهشته متسائلا: كيف لنا أن ننطلق من جامعة السلطان قابوس في الخوض لنحضر مؤتمرا أو ندوة اقتصادية تعقد في شنجريللا أو قصر البستان؟ هذا صعب علينا. وستفوتنا المحاضرات وستُدرج أسماؤنا في سجل الغائبين.
أذكر عندما قدمتُ حلقة تدريبية عن "كيفية الكتابة عن أسواق الأوراق المالية" بجامعة السلطان قابوس قبل عدة سنوات كان بعض الطلبة يغادرون القاعة لحضور محاضراتهم وهناك أعداد من الطلبة أتوا في منتصف الحلقة وآخرون في نهايتها والبعض لم يستطع البقاء أكثر من ربع ساعة رغم أن الحلقة التدريبية لم تزد على ساعتين، وعندما سألتُ عن ذلك أخبرني زملاؤهم أن بعض الطلبة لديهم امتحانات والبعض الآخر لديه محاضرات، فتساءلتُ: ما جدوى إقامة هذه الفعاليات لطلبةٍ ليس لديهم الوقت الكافي لحضورها؟.
إن المؤتمرات الاقتصادية التي شهدتها السلطنة خلال العام الجاري ناقشت قضايا جوهرية عديدة كتأثيرات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الوطني وخطط الحكومة للتنويع الاقتصادي وأبرز القطاعات المستهدفة، وفي نظرنا أن حضور طلبة الاقتصاد لمثل هذه الفعاليات يتيح لهم التعرف على القضايا الحيوية التي تتم مناقشتها من قبل المسؤولين عن القطاعات الاقتصادية والخبراء المتخصصين وهو ما يساهم في إثراء معرفتهم وتوسيع مداركهم وجعلهم على معرفة تامة بأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني والوسائل المقترحة لمواجهتها، ويستطيع الطلبة توجيه تساؤلاتهم للمتحدثين في هذه المنتديات حول مختلف القضايا الاقتصادية على الصعيدين الوطني والعالمي وربط النظريات التي يدرسونها بالواقع الحقيقي.
وإذا كانت المؤتمرات الاقتصادية على هذه الدرجة من الأهمية فإننا نرى أن بقاء الطلبة في قاعاتهم الدراسية بعيدا عن هذا الجو يجعلهم بعيدين عن إدراك ماهيّة التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني وبالتالي فإنه سيكون من الصعب عليهم إدراك التغيرات التي طرأت على الاقتصاد خلال السنوات الخمس التي قضوها في الجامعة، وهو ما يجعلنا ندعو إلى جعل حضور المؤتمرات الاقتصادية مقررا دراسيا إلزاميا يدخل ضمن التدريب العملي المقرر على الطلبة، وكما نعلم فإن السلطنة تشهد بشكل دائم مؤتمرات وندوات وملتقيات اقتصادية يمكن استغلالها من قبل هيئات التدريس في تحفيز الطلبة على إعداد بحوث تناقش القضايا التي تتطرق إليها هذه الفعاليات وبشكل يثري المعرفة تجاهها ويقدم أفكارا جديدة وتوصيات تساهم في إيجاد حلول للتحديات الاقتصادية الراهنة.
إن التدريب العملي ركن أساسي في مختلف التخصصات العلمية والاجتماعية والأدبية ويساهم بشكل كبير في صقل مواهب الطلبة وإمكانياتهم وهذا يستلزم منح الطلبة الفرصة الكاملة للحصول على تدريب عملي حقيقي يضيف معلومات وخبرات جديدة إلى معرفتهم الأكاديمية خاصة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية والقضايا التي أفرزها تراجع أسعار النفط على موازنات الدول الخليجية وتأثير الأحداث السياسية على الاقتصادات المحلية والإقليمية تعتبر موضوعات مهمة تثري البحوث التي يعدها الطلبة، ومن خلال حضور المؤتمرات والندوات الاقتصادية والالتقاء بالخبراء الذين قضوا سنوات عديدة في مجالات عملهم وعاصروا العديد من الأحداث الاقتصادية والتغيرات السياسية يستطيع الطلبة إثراء معرفتهم وتعميق فهمهم للقضايا الاقتصادية وتأثيراتها على الحياة والمجتمع وهو ما يساهم في إيجاد جيل من الشباب لديه الإمكانيات والمعرفة التي تؤهله لتأسيس شركات ناجحة وإدارة مختلف القطاعات الاقتصادية بحكمة ومعرفة واسعة وتقديم الحلول للتحديات الاقتصادية التي تزداد تعقيدا بمرور السنين.