كلمة تترجم سياستنا الحكيمة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٣/أكتوبر/٢٠١٦ ٢٣:١٧ م
كلمة تترجم سياستنا الحكيمة

ناصر اليحمدي

الكلمة التي ألقاها معالي يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية أمام الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا جاءت بليغة وحكيمة ووصفت بدقة السياسة الحكيمة التي تسير عليها السلطنة وعبرت عن ثقافة التسامح والسلام التي تدعو لها بلادنا دائما فلا سبيل أمام العالم لتحقيق الاستقرار والأمان سوى التمسك بتلابيب القيم الراقية القائمة على المحبة والتعايش السلمي واتخاذ الحوار والتفاهم الإيجابي طريقة في التعامل بين الفرقاءوالمحافظة على مصالح جميع الأطراف على أساس قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" كما وصفها معالي ابن علوي .. فهذه السياسة الحكيمة التي رسمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه منذ إشراقة شمس النهضة المباركة أكسبت السلطنة ثقة العالم وجعلها مثالا مجسما للدولة الهادئة المسالمة الراقية.
لقد أكد ابن علوي أن سياستنا الحكيمة ودبلوماسيتنا الهادئة الهادفة مكنت بلادنا بفضل الله وتوفيقه من زيادة أواصر العلاقات بيننا وبين سائر دول العالم وتطورت علاقات التعاون هذه حتى شملت كافة المجالات بما يحقق النفع والخير والازدهار على الشعب العماني الوفي والدول الأخرى وهذه السياسة الرشيدة تعتبر مثلا يجب أن يحتذى إذا كان يريد المجتمع الدولي أن ينعم بالسلام والاستقرار خاصة أنها اعتمدت منهج عدم التدخل في شئون الآخرين .. فمكة أدرى بشعابها أي أن كل دولة أدرى بكيفية إدارة شئونها ولعل ما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها خير دليل على ذلك فما أن تدخل الأجنبي حتى حل الخراب وتوالت الانتكاسات وهذه الاضطرابات والأزمات يتعدى تأثيرها السلبي بلادها ليشمل المنطقة بأسرها.
إن السلطنة حثت مرارا وتكرارا الفرقاء في الدول التي تشهد صراعات على السير في طريق المصالحة وتسوية الخلافات بالطرق السلمية بل وبذلت في سبيل لم شمل هؤلاء الفرقاء الجهود المضنية سواء بالتنسيق مع الأمم المتحدة من خلال اللقاءات العديدة التي تصب في هذا المجال أو باستضافتها للمحادثات الليبية أومشاركتها مع الكبار في حل الأزمة السورية وكذلك الحال بالنسبة للأزمة اليمنية التي سعت فيها لتقريب وجهات النظر سواء في اليمن أو مسقط أو الكويت التي استضافت مشكورة المفاوضات اليمنية وبرهنت على أن أواصر الأخوة تنتصر دائما حيث حرص صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت جاهدا على تقريب وجهات النظر في حيادية ملموسة بصورة كما وصفها معالي يوسف بن علوي تنهي الصراع على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" فالأهم في الأزمة اليمنية هو إعطاء الإحساس لكلا الطرفين بأنه منتصر لأنه انتصر لمصلحة البلاد والشعب ككل بكافة طوائفه وانتماءاته أما سياسة تغليب مصلحة طرف على الآخر لن تجدي نفعا فالشعب اليمني نفسه منقسم وهذا ما يجب أن يراعيه أي طرف يريد التدخل لحل هذه المعضلة لذلك يجب مراعاة مصالح الطرفين معا وحل الخلاف بينهما بطريقة عادلة وشاملة يخرج فيها الشعب ككل منتصرا .
وبالطبع لم يفوت معالي ابن علوي الفرصة للتأكيد على موقف السلطنة من القضية الفلسطينية التي تدعمها في كل محفل عالمي .. فقد أكد أن الحل العادل والشامل لهذه القضية كفيل بتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط ويعزز التعايش المشترك .. ودعا المجتمع الدولي لتكثيف الجهود والتوصل لتسوية شاملة وعادلة تنهي هذا الصراع الذي طال أمده
* * *
ونجاح باهر للسلطنة في الإفراج عن العالمة الكندية
مع بدايات العهد الزاهر حرصت بلادنا على أن تكون وسيط الخير الذي يلجأ له القاصي والداني لحل مشاكله المستعصية والاستفادة من الرؤية السديدة التي تستشرف المستقبل وسط التحديات بما يحقق الأمان والسلام والاستقرار ومدت يد المساعدة لكل من يحتاجها ووقفت بجوار الشقيق والصديق تعينه وتدعمه معنويا وماديا حتى يتجاوز محنته .. ودعت دائما إلى احترام سيادة الدول الأخرى وآثرت عدم التدخل في شئون الغير وفي المقابل رفضت هي الأخرى أن يتدخل أحد في شئونها الداخلية .. لذلك احتلت مكانة مرموقة ومنزلة رفيعة.
ومؤخرا استطاعت السلطنة بحكمتها ودبلوماسيتها الناعمة الداعمة للخير أن تتوسط لدى السلطات الإيرانية للإفراج عن عالمة الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) الكندية الإيرانية التي تدرس في جامعة كونكورديا في مونتريـال والمتحفظ عليها في إيران وذلك تلبية لالتماس الحكومة الكندية التي ناشدت السلطنة بمساعدة الدكتورة هوما هودفار للحصول على حريتها .. وبالفعل تكللت الجهود العمانية المشكورة بالنجاح الباهر وتم نقل الدكتورة هودفار إلى مسقط التي آثرت أن تمكث فيها بضعة أيام للاستمتاع بسحرها وألقها قبل عودتها إلى بلادها كندا.
لاشك أن التوصل لتسوية مرضية أتاحت للعالمة الكندية استنشاق نسائم الحرية جاء بفضل الفكر الحكيم والرؤية السديدة والعقلية المستنيرة والدبلوماسية الناجحة لحضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه .. فالسلطنة عُرف عنها القدرة على الإقناع والاستماع لصوت العقل بما يحقق التغلب على التشدد والعصبية.

* * *
جنت على نفسها براقش
منذ أن بزغ فجر النهضة المباركة استطاعت مؤسسات الدولة خاصة القضاء أن تكتسب ثقة المواطنين واحترامهم لأنها أرست مبادئ الحق والعدل والمساواة وصون الحقوق في المجتمع وهذا هو سر تمتع بلادنا بالاستقرار والأمن والاطمئنان على الحاضر والمستقبل.
والحكم الذي أصدرته محكمة مسقط الابتدائية مؤخرا بإغلاق إحدى الصحف اليومية بشكل نهائي وسجن 3 من صحفييها وتغريمهم ماليا يعد انتصارا لصون سمعة وهيبة البلاد والحفاظ على مكتسبات النهضة المباركة وعلى الثقة المتبادلة بين أفراد الشعب والمؤسسة القضائية الشامخة.
لاشك أن هذا الحكم بعيد كل البعد عن تقييد الحريات كما يدعي البعض لأن الحرية يجب ألا تتعارض مع مصلحة الدولة واستقرار المجتمع .. فدعوات التشكيك في المسئولين وتصديق كل ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي دون التثبت من الحقائق ينشر الفوضى ويضعف أواصر التلاحم بين أفراد الشعب الواحد ويدفع الوطن بأكمله الثمن باهظا .. فالوطنية فعل وليست قولا مزعوما.
إن أول مبادئ مهنة الصحافة الصادقة أن يتم التحقق والتثبت من الأخبار قبل نشرها وأن يحصل الصحفي على الأدلة الدامغة التي تثبت صحة ما يقوله لأن نشر الأخبار المغلوطة يفقد المواطنين إيمانهم بالنهضة ومكتسباتها ويبعد عن المجتمع هدوءه ويعكر صفوه.
إن حرية الرأي والتعبير مكفولة طالما لا تمس أمن واستقرار المجتمع الذي يعد خطا أحمر لا يتخطاه أي من كان .. والادعاءات التي نشرتها الصحيفة تطاول يقوض هذا الاستقرار وتشهير ينشر البلبلة في المجتمع ويشوه صورة البلاد داخليا وخارجيا وينال من هيبتها ويقوض جهد وتعب سنين.
رغم أننا نأسف لهذا الحكم القاسي إلا أنه كما يقول المثل "جنت على نفسها براقش" فالتجرؤ على مؤسسات الدولة لا يعد إصلاحا لأن القانون في السلطنة مثال يحتذى وأي مواطن حريص على سمعة بلاده لا يفتح الباب أمام من يتربص بها الدوائر لكي ينال من هيبتها وأمنها والإعلام الصادق هو الذي يرسخ لمبادئ المحبة والسلام والوئام والتقارب بين أفراد المجتمع.
حفظ الله البلاد وجعلها آمنة مطمئنة.

* * *
آخر كلام
إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب.