القدس المحتلة – نظير طه
يمر الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال بأوضاع صحية مزرية، عادة ما تفتك بهم، تاركةً أجسادهم عرضةً للأمراض المستعصية، أو الوفاة، والتي غالبا ما تحدث بسبب التقصير والإهمال الطبي من قبل سلطات الاحتلال.
آخر الراحلين من سجون الاحتلال الأسير الفلسطيني ياسر ذياب حمدوني (40 عامًا) الذي استشهد صباح أمس الأحد، الأسير بعد تعرضه لسكتة دماغية حادة نُقل على إثرها لمشفى "سوروكا".
وأفادت مصادر بأن الاحتلال أغلق كافة أقسام سجن "ريمون" الذي كان يقبع فيه الأسير حمدوني، والمحكوم بالمؤبد. ويقع سجن "رامون"-الذي شُيّد في بداية عام 2006- بالقرب من سجن نفحة بصحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، ويضم نحو 250 أسيرًا فلسطينيًا في قسمين.
يذكر أن الأسير حمدوني ينحدر من بلدة يعبد في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، ومحكوم عليه بالمؤبد؛ وأمضى منها بالسجن 14 عامًا حتى وفاته.
ويشار إلى أن حمدوني يعاني من ضيق في التنفس ومشاكل في القلب وآلام في أذنه اليسرى، لتعرضه للضرب على يد قوات قمع السجون عام 2003، وبسبب الإهمال الطبي والمماطلة في تقديم العلاج تفاقم وضعه الصحي، ونقل عدة مرات إلى "عيادة السجن لكن دون تقديم العلاج.
وذكرت معطيات حقوقية أن هناك 207 أسير فلسطينيي قضوا شهداء داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 55 ارتقوا بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد وثمانية استشهدوا عقب الإفراج عنهم.
وأفادت مؤسسات حقوقية وإنسانية تُعنى بشؤون الأسرى والمحررين، أن سياسة الإهمال الطبي سلاح يستخدمه الاحتلال داخل السجون، من أجل قتل الأسرى جسديًا ونفسيًا، وزرع الأمراض في أجسادهم لتعذيبهم وقتلهم حتى بعد تحررهم من سجونه.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أكدت وجود 1800 حالة مرضية في صفوف الأسرى منها 120 حالة خطيرة، مشيرةً إلى أن "إدارة سجون الاحتلال تتبع سياسة إهمال طبي مُمنهجة بحق الأسرى المرضى داخل معتقلاتها".
يذكر أن العديد من الأسرى المرضى استشهدوا داخل سجون الاحتلال، بعد أن رفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنهم رغم تدهور وضعهم الصحي الخطير، فيما استشهد آخرون بعد الإفراج عنهم بعد إصابتهم بأمراض خطيرة داخل سجون الاحتلال.
ونعى نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، والحركة الوطنية الأسيرة والأسرى المحررون الأسير حمدوني ببالغ الحزن والأسى على فقدانه.
من جهته طالب مدير مركز الأسرى للدراسات الأسير المحرر رأفت حمدونة، صباح أمس الأحد، المؤسسات الحقوقية والدولية بالضغط على الاحتلال لانقاذ حياة الأسرى الفلسطينيين المرضى في السجون الاسرائيلية في أعقاب استشهاد الأسير حمدوني.
وقال حمدونة في بيان صحفي وصل"الشبيبة" نسخة منه، أن دولة الاحتلال اتبعت سياسة الاستهتار الطبي بحق الأسرى وخاصة مع ذوي الأمراض المزمنة ، ولمن يحتاجون لعمليات جراحية ، الأمر المخالف للمبادىء الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1979 و 1990م على التوالي والتي أكدت على حماية صحة السجناء والرعاية الطبية للأشخاص المحتجزين، والتي اعتبرت أن أي مخالفة في هذا الجانب يرقى إلى درجة المعاملة الغير انسانية .
وأكد المحرر حمدونة أن السكوت على جريمة استشهاد حمدوني سيضاعف قائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة، وحذر من سياسة الاستهتار الطبي فى السجون ، وطالب بأهمية زيارة الأسرى والاطلاع على مجريات حياتهم وحصر مرضاهم والسماح للطواقم الطبية لإجراء عمليات جراحية عاجلة لمن هم بحاجة لذلك، وطالب بتدخل للتعرف على أسباب وفاة المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال وبعد خروجهم من الأسر والتي أصبحت تشكل كابوساً مفزعاً لأهالي الأسرى ويجب التخلص منه تحت كل اعتبار.
وطالب المؤسسات الدولية العاملة في مجال الصحة بانقاذ حياة الفلسطينيين المرضى في السجون الإسرائيلية والذين وصل عددهم إلى قرابة ( 1800 ) أسير ممن يعانون من أمراض مختلفة ومنهم العشرات ممن يعانى من أمراض مزمنة كالغضروف والقلب والسرطان و الفشل الكلوي والربو وأمراض أخرى.
وأضاف حمدونة، أن هنالك خطورة على الأسرى المرضى " بمستشفى سجن مراج بالرملة" كونهم بحالة صحية متردية، وهنالك خطر حقيقي على حياتهم نتيجة الاستهتار الطبي، وعدم توفير الرعاية والعناية الصحية والادوية اللازمة والفحوصات الطبية الدورية للأسرى، الأمر الذي يخلف المزيد من الضحايا في حال استمرار الاحتلال في سياسته دون ضغوطات دولية جدية من أجل انقاذ حياة المرضى منهم قبل فوات الأوان.
جدير بالذكر أن الأسير حمدونة تم الاعتداء عليه من قبل قوات "النشحون" عام 2003، الأمر الذي تسبب له بمشاكل في القلب نتيجة ذلك، وتبع ذلك إهمال طبي ومماطلة في تقديم العلاج ورغم نقله عدة مرات إلى "عيادة سجن الرملة" إلا أن إدارة سجون الاحتلال لم تكترث بوضعه ولم توفر له العلاج اللازم؛ إلى أن استشهد اليوم الموافق 25 أيلول الجاري.