جيهان اللمكية: قدمت تضحيات كثيرة لأحقق النجاح

مزاج الأحد ١٨/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٥٢ م
جيهان اللمكية:
قدمت تضحيات كثيرة لأحقق النجاح

مسقط – ش
هي سوسنة التلفزيون العماني التي لم تغيرها الشهرة فبقيت تطل على الجمهور من خلال تقديم نشرات الأخبار لما يقارب ١٥ سنة بنفس الحماس والرقي وبخبرة تزداد يوماً بعد يوم.
إنها جيهان اللمكي التي بدأت مشوارها الإعلامي منذ أن كانت بعمر 22 عاماً رغم تخصصها الجامعي في الاقتصاد فتألقت ونجحت وتم تكريمها مؤخرا في الكويت على هامش مهرجان الملتقى الإعلامي العربي الثالث عشر ممثلة عن المرأة العمانية في مجال الإعلام. لجيهان كذلك تجربة غنية من خلال عملها في جمعية الصحفيين ولجنة حقوق الإنسان.
معها نفتح صندوق الذكريات ونتحدث عن بداياتها ومشوارها الإعلامي الحافل وخبرتها الطويلة وطموحاتها المتجددة في هذا الحوار :

• معظم المذيعات العمانيات اللواتي عملن في محطات خليجية بدأن محلياً ثم انتقلن للعمل في تلفزيونات خليجية. لكن أنت فعلت العكس تماما حيث بدأت من تلفزيون دولة الكويت ثم انتقلت لتلفزيون عمان. حدثينا عن البدايات؟
والدتي "رحمة حسين" حفظها الله كانت أول مذيعة بالتلفزيون العماني كما هو معروف، ووالدي أيضا رحمه الله كان مخرجاً وكان مديراً للتلفزيون العماني في فترة من الفترات، وكان من الطبيعي لمن يعيش في هذه العائلة أن يحب العمل الإعلامي. بالنسبة لي أنا لم أحبه وحسب، بل عشقته وحلمت به ولكن والدي كان يعارض هذا الأمر بشكل قاطع بسبب ما يدركه من المصاعب التي أراد تجنيبها لي، وكنت أخاف من مجرد التحدث إليه بهذا الأمر فدرست الاقتصاد في الأردن وتخرجت، لكن حلمي بالعمل كمذيعة لم يخفت أبدا، وبما أن شقيقتي كانت تقيم في الكويت للدراسة فكرت في البدء من هناك وشاءت الصدف أنني تقدمت للعمل واختبرني مدير قطاع الأخبار بالتلفزيون الكويتي الأستاذ ماجد الشطي لتقديم النشرة الاقتصادية وأعجب بموهبتي وطلب مني تقديم نشرة الأخبار، وبعد تدريب استمر لثلاثة أشهر بدأت بتقديم النشرة الإخبارية وكانت الانطلاقة من تلفزيون الكويت وعملت فيه إلى أن انتقلت إلى تلفزيون سلطنة عمان بناءاً على طلبهم لي في تلك الفترة.

• قلت أن والدك كان معارضا لعملك في مجال الإعلام. كيف غير رأيه؟
كما قلت في البداية كان والدي يعارض عملي لأنه يعرف حجم التضحيات التي يتطلبها العمل في المجال الإعلامي وحتى أنه في أحد الأيام أصر علي أن أتقدم لمسابقة عمل في أحد البنوك فذهبت إرضاء له ولكنني تعمدت يومها أن لا أجيب بشكل صحيح على كل الأسئلة. طبعا اكتشف والدي الحقيقة وأنّبني كثيرا ولكنه أدرك في الوقت نفسه أن شغفي للعمل الإعلامي حقيقي ولا بديل عنه فرضخ للأمر وسمح لي بأن أخطو في الطريق الذي أحبه.

• ما التحديات التي واجهتك خلال عملك في التلفزيون العماني؟
بعد النجاح الذي حققته في تلفزيون الكويت كان التحدي الكبير والجديد بالنسبة لي هو أن أنجح وأن يتقبلني الناس في بلدي الحبيب عُمان، حيث كنت أظهر بشكل يومي مكثف من خلال برامج الأخبار وأعتقد أنني المذيعة الوحيدة التي بقيت مستمرة بالعمل في تقديم نشرات الأخبار في التلفزيون العماني لكل هذا الوقت، وكان التحدي الثاني لي هو المحافظة على هذا الظهور والتجدد الدائم، فبدأت أقدم البرامج التي تعنى بالمرأة لأنني أحسست أن المجتمع العماني متعطش لمعرفة إنجازات المرأة العمانية فقدمت عدة برامج منها شقائق، وبرامج جماهيرية مثل رمسة الذي حقق نجاحا كبيرا.

• هل تندمين على شيء خلال هذه السنوات؟
الشيء الوحيد الذي ندمت عليه - بالطبع ليس ندما بالمعنى الحرفي وإنما شيء تمنيته ولم يتحقق - هو أن يكون لي برنامج يناقش قضايا الناس وهمومهم وأفكارهم ويكون صلة الوصل بينهم وبين المسؤولين، هذا ما كنت أطمح له ولم يتحقق للآن.

• إذا أنت راضية بشكل عام عن مشوارك ؟
نعم الحمدلله أنا راضية لأن الاستمرار في الظهور أمرٌ ليس بالسهل، وهذا إنجاز بحد ذاته فالبعض قد يستمر في هذا العمل لعام أو اثنين أو أربعة وتحديداً من المذيعات.

• وهل دفعت ثمن هذا الصمود ؟
طبعاً دفعت الثمن من وقتي وشبابي وعلاقاتي الاجتماعية مع الأهل، فأوقاتي كلها كانت مسّخرة لأكون حاضرة ومعطاءة للعمل الذي يحبه قلبي، وبالمقابل، أنا قنوعة جداً، عندي مبدأ أن أمشي بالاتجاه الصحيح وأينما أجد نفسي أذهب. قد يظن الناس أنني احصل على كل شيء بسبب عمل عائلتي، ولكن بالطبع لا فأنا تعبت واجتهدت وعانيت وصبرت حتى تمكنت من الحفاظ على الشكل والمظهر والأداء الذي يرونني به اليوم، و لذلك أنا أترك أمري لله وأبرمج حياتي وفق نمط معين من الهدوء بعيداً عن الصخب.

• هل تعتقدين أنك أخذت حقك في التلفزيون العماني؟
بالتأكيد أخذت مساحتي الطبيعية في التلفزيون لأنه لم يكن هناك مذيعات متخصصات في تقديم الاخبار، وهناك من تظهر وتختفي. لكن الآن يوجد وجوه جديدة ودوري هو أن آخذ بيدهم. وللعلم فإنني لم أنظر في حياتي للآخرين كأنهم منافسين لي ولمكاني، لأن هذا التلفزيون ليس لي أنا، ربما أكون قد اختلفت وتميزت لأنني كنت العمانية الوحيدة المعينة بقطاع الأخبار في تلك الفترة، لكن الآن يوجد وجوه جديدة وعلي أن أقدم لهم خبرتي لأنني أعرف أن هذا المجال يحتاج إلى نفس طويل جداً.

• هل لمست أي فرق في المعاملة بين الرجل والمرأة في التلفزيون؟
دائما المرأة تبذل ضعف الجهد لتثبت وجودها وهناك فرص تعطى للرجال اكثر، رغم أننا لا نقلل من إمكانياتهم، ولا أعتقد أن هناك امرأة بدأت العمل في الإعلام وفشلت به وأنا أراهن على هذا الكلام.

• هل عرضت عليك فرص عمل خليجية؟
بالتأكيد قدمت لي عدة فرص عمل في قنوات خليجية مختلفة ولكنني رفضتها في ذلك الوقت لانشغالي وارتباطاتي العائلية بابني وأهلي ولأسباب اجتماعية أخرى.

• كيف تفاعلت مع الأخبار في الاستوديو خصوصا من 2011 حتى 2016 زمن الثورات العربية والفوضى والدمار؟
في البداية كنت أتفاعل كثيرا مع القضايا والحروب. مشاهدة الاحداث الفلسطينية واستشهاد الطفل محمد الدرة وأحداث صعبة كانت فوق قدرتي الشخصية على التحمل، كنت أتوتر ويتسارع نبضي وأحزن، ولكن في السنوات الأخيرة وبعد الذي حصل لسوريا والعراق، أصبحت القضية الفلسطينية من القضايا الثانوية نوعاً ما، ووصلت لمرحلة أصبحت معها لا أحب رؤية الاخبار مع أنني من يقدمها. واكتشفت أن السياسة لعبة كبيرة متعبة ليس لها وجهة محددة ولا يمكن توقع ما يحصل.

• هل تذكرين أصعب لحظة لك في الأستديو ؟
هنالك لحظات كثيرة صعبة تمر في حياة المذيع أو مقدم البرامج، آخرها كان قبل عدة أسابيع، حيث حصل خلل بالإضاءة، ولم نتمكن من إصلاحه في الوقت المحدد، فطلب مني المخرج أن أقف بزاوية معينة بغرفة الأخبار وأقرأ النشرة، والحمد لله قرأت النشرة بكل هدوء ولم يشعر المشاهدين بأي شيء. وهذه هي المرة الأولى التي أتعرض فيها لمثل هذه المواقف، ففي السابق كان يحصل بعض التأخير لكنها المرة الأولى التي أقدم فيها نشرة أخبار بمكان مفتوح بدلا من الاستديو.

• هل تؤمنين بالموهبة أم بالتدريب للنجاح في العمل كمذيعة، وما رأيك بالوجوه الجديدة في التلفزيون؟
التلفزيون دقيق باختياره والمذيعين الجدد جيدين وطموحين لكن أتمنى أن يطوروا أنفسهم أكثر فإذا لم تكن الموهبة بداخلك فلن تفيدك الدورات التدريبية ونصيحتي لكل مذيع أن يعمل على تطوير نفسه باستمرار.
وعلى المذيعين الجدد أن يعرفوا أنهم بحاجة للوقت حتى يحققوا المكانة التي يطمحون لها فأنا مثلاً لم أبدأ بتقديم نشرة مباشرة بل بقيت مدة سنة أقدم موجز أنباء لدقيقتين، فالأمر يحتاج لوقت.

• كيف ساعدتك وسائل التواصل الاجتماعي في عملك؟
ما جعلني أقيس نبض الشارع بشكل أقرب إلى الواقع هو وجودي في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا تويتر، فهو بالنسبة لي منصة أقيس بها توجهات الناس. في الماضي لم نكن نستطيع أن نعرف كيف يفكر الناس وكيف يشعرون ويطمحون وما الذي يحبونه. لكن اليوم مع وسائل التواصل الاجتماعي أصبح بالإمكان أن نستشف نقاطا مهمة نستفيد منها عند التفكير بإعداد وتقديم أي برنامج، فالناس أصبحوا يعرفون ما يجري أولاً بأول، ويعبرون عن آرائهم في المواضيع المختلفة مباشرة لذلك ليس من السهل أن ينجح أي برنامج ولذلك عليه أن يكون حقيقيا وقريبا من الناس.

• ماذا عن تجربتك بالعضوية مع جمعية الصحافيين العمانية. وعضوية اللجنة العمانية لحقوق الإنسان.؟
كان دخولي لجمعية الصحافيين العمانية في مجلس الإدارة في المرحلة الأولى في العام 2006 بالتزكية لأنه كان هناك مقعد فارغ، لكن في السنوات اللاحقة كنت أفوز بالانتخابات في المراحل الثانية والثالثة والرابعة كعضوة في الجمعية وكانت تجربة غنية حيث أسست اللجنة الثقافية، وأسست أيضا لجنة شؤون الصحافيات، وأقمنا حوار صحافة المرأة الأول والثاني وتم تكريم أكثر من 25 شخصية نسائية في مجال الإعلام.
ثم في العام 2010 حظيت بفرصة عضوية اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بمرسوم من جلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- من العام 2010 الى 2013. وكانت تلك مرحلة مهمة جدا بالنسبة لي وتعملت من خلالها الكثير وما زلت أعتقد أن عملي في مجال الإعلام يمثل لي بوابة كبيرة لأفق جديدة دائما.

• قلت أنك تطمحين لتقديم برنامج يلامس قضايا الناس. هل هذا الحلم صعب التحقيق؟
ليس صعبا ولا أعرف هل هو تقصير مني أم من التلفزيون. أعتقد أنني أجد نفسي من خلال تقديم برنامج مباشر يتواصل مع الناس ويلامس نبضهم، فاليوم كما قلنا أصبح الناس يعبرون عن آرائهم بسهولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولا يمكن إقناعهم بأي شيء يقدم لهم. وهذا رفع من مستوى الجهود التي تبذل عند التفكير بالتحضير لأي برنامج تلفزيوني كما أعتقد، وعملية البحث لم تعد سهلة، لازال علي الاجتهاد والعمل كثيراً لتقديم شيء مختلف يحظى بقبول ومتابعة الجمهور وما زلت امتلك الطموح والشغف لفعل ذلك.