مسقط- يوسف بن محمد البلوشي
أكد نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط وزير التجارة والصناعة معالي د.علي بن مسعود السنيدي أن السلطنة بدأت مع مطلع العام الجاري في تنفيذ الخطة الخمسية التاسعة في ظل تحديات ماثلة وأوضاع اقتصادية خاصة تواجهها البلاد وغيرها من دول العالم.
وتأتي الخطة مع انحسار مساهمة النفط والغاز في الناتج المحلي الاجمالي والذي كان ولايزال مصدراً اساسيا للدخل وفي ظل انخفاض اسعار الخدمات المقدمة وتدني العائدات من الضرائب والرسوم في مقابل الزيادة في الطلب على الخدمات ومشاريع البنية الأساسية بسبب النمو السكاني.
وأضاف السنيدي خلال انطلاق البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي "تنفيذ": "إلا إن هذه الأوضاع أوجدت بيئة جديدة لمواجهة هذه التحديات تمثلت في تخفيض المصروفات الحكومية واستكمال مشاريع البنية الأساسية والاقتراض الخارجي للحد من التاثير على السيولة المحلية، إضافة الى السعي لإيجاد الحلول الاقتصادية ودفع المؤسسات الحكومية لتقديــم خدمـات افضــل واســرع وايجاد شراكات طويلة المدى مع القطاع الخاص مع التركيز على القطاعات الواعدة الخمسة التي حددتها الخطة الخمسية التاسعة.
وأكد السنيدي توجه الحكومة "إلى تقليل اعتماد الشركات الحكومية في مشاريعها على التمويل الحكومي، والتوجه للأسواق المحلية والعالمية لتمويل تلك المشاريع الاستثمارية واستخدام اصولها الدفترية للحصول على حلول تمويلية مبتكرة على المدى المتوسط والبعيد ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر تدابير التمويل لكل من شركة اوربك وشركة تنمية نفط عمان والطيران العماني ومعهد الادارة العامة". موضحاً أن " قطاع المالية والتمويل المبتكر يعد اهم القطاعات الممكنة خلال الخطة شأنه شان قطاع التشغيل والقوى العاملة الوطنية على اعتبار أن استمرار انخفاض أسعار النفط يدعونا إلى ادخال المزيد من التحسينات على بيئة الاستثمار ومراقبة مؤشرات الاداء والتنفيذ والبحث عن مصادر جديدة لتمويل المشاريع مع إخضاع الخطة للمراجعة في كل مرحلة".
الصرف الفعلي
وأشار السنيدي إلى "أن الصرف الفعلي من الخطة حتى نهاية شهر يوليو بلغ نحو 955 مليون ريال عماني ويجري حاليا عقد اجتماعات متواصلة بين الامانة العامة للمجلس الاعلى للتخطيط وكل وزارة ووحدة حكومية لوضع مؤشرات الأداء القياسية للبرامج والأهداف المحددة من خلال برنامج زمني يتم الاتفاق عليه لفترة السنوات الخمس للخطة الخمسية التاسعة".
وأضاف: "نظرا لتداخل المشاريع وتوزعها الجغرافي فان المؤمل بان يساعد البرنامج الوطني (تنفيذ) في تقديم وسائل جديدة لمتابعة المشاريع وضمان حسن تنفيذها وبحيث تعتمد الحكومة بناءا على نتائج هذه التجربة معايير جديدة لقياس الاداء لدى المؤسسات الحكومية والخاصة عند تنفيذ المشاريع التنموية في المراحل القادمة".
مباركة سامية
وقال السنيدي "إن المباركة السامية من لدن مولانا جلالة السلطان المعظم - اعزه الله- للبرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" هي دافع أساسي للجميع للمضي قدمًا وللانتقال إلى مرحلة التنفيذ ضمن إطار زمني محدد، حيث يعد (تنفيذ) برنامجًا وطنيًا، لا يعتمد نجاحه على جهة واحدة؛ بل من خلال تكاتف جميع مؤسسات الدولة وافرادها وبالتالي فأنه يتوجب علينا جميعا العمل معًا لإنجاح هذا البرنامج"، موضحاً أن برنامج "تنفيذ" سيتناول في مرحلته الأولى ثلاثة من القطاعات الخمسة الواعدة المستهدفة في الخطة الخمسية التاسعة، وهي قطاع الصناعات التحويلية، وقطاع اللوجستيات، وقطاع السياحة بالإضافة للممكنات الداعمة وهي المالية والتمويل المبتكر، وسوق العمل والتشغيل، وفي مرحلة لاحقة سيتم تناول قطاعي التعدين، والثروة السمكية، وذلك من أجل الوصول إلى الهدف الوطني من برنامج "تنفيذ"، والذي يتلخص في: زيادة إجـمــالي الناتـج المـحلي مـن القــطاعات الخمسة المستهدفة بنـهايــة الخطة الخمسية التاسعة (2016-2020) ، وزيادة الاستثمارات الخاصة و توفير فرص عمل جديدة وجاذبة للعمانيين.
حقائق وأرقام
واضاف السنيدي "أن المتتبع لمسيرة البناء منذ فجر النهضة المباركة في عام 1970 والخطط الخمسية المتعاقبة منذ اعلان الخطة الاولى في عام 1975 يلاحظ ارتفاع معدلات النمو في كافة القطاعات حيث استخدمت الحكومة ايرادات النفط والغاز بشكل خاص لزيادة انتشار الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والتوسع في مشاريع البنية الاساسية وتقديم كل مامن شانه استمرار نموالانشطة الاقتصادية والاجتماعية"، مؤكدأً أن خطة التنمية الخمسية الثامنة 2010 - 2015 "من اكبر هذه الخطط من حيث المشاريع المعتمدة والتـي ركزت على استكمال قطاعات الهياكل الاساسية ومنها الطرق، والمطارات، والموانئ، والخدمات الاساسية المختلفة.
فبينما انخفضت قيمة صادرات السلطنة من النفط الخام من 10660 مليون ريال عماني في عام 2011 الى 6682 مليون ريال عماني في عام 2015 وانخفضت صادرات السلطنة من 1470 مليون ريال عماني الى 973 مليون ريال عماني؛ إلا أن استمرار الصرف على المشاريع ساعد على تحقيق ارتفاع طفيف للناتج المحلي الإجمالي من 26.121 مليار ريال عماني بالاسعار الجارية في عام 2011 ليصل 26.850 مليار ريال عماني في عام 2015 معتمدا على التعويض من القطاعات غير الهيدروكربونية. وبذلك فقد ارتفعت مساهمة الانشطة غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي عام 2015 إلى 71.4% منها 1.6% للزراعة والاسماك وبنسبة 19.8% للانشطة الصناعية (والتي يدخل فيها التعدين بمقدار 0.5%) وبنسبة 49.9% للانشطة الخدمية (والتي يدخل فيها نشاط الفنادق والمطاعم بحوالى 0.9% اضافة الى نشاط النقل والتخزين والاتصالات بمقدار 5.8%). ويتوقع بأن يكون عامي 2016 و 2017 من أصعب أعوام الخطة حيث يتأثر الناتج المحلي الاجمالي بسبب الضغط الذي يشكله إستمرار إنخفاض أسعار النفط.
وفي المقابل فقد استمر الصرف في مجال الخدمات لمقابلة الزيادة في السكان والتوسع في الانشطة الاقتصادية والاجتماعية فعلى سبيل المثال زاد انتاج الكهرباء من 21350 الف جيجاوات-ساعة في عام 2011 الى 32100 جيجاوات- ساعة في عام 2015 بينما زاد انتاج المياه من 242 مليون متر مكعب في عام 2011 الى 300 مليون متر مكعب في عام 2015.
وازداد عدد الركاب القادمين عبر مطاري مسقط وصلالة من 3.528 مليون والمغادرون من 3.386 مليون في عام 2011 الى 5.708 مليون و5.598 مليون راكب في عام 2015 على التوالي، كما ازداد عدد منتفعي خدمة الانترنت من 89000 في عام 2011 الى 236000 في عام 2015.
قدرات ومقومات
من جانبه قال المسؤول في وحدة التنفيذ والاداء في الحكومة الماليزية معالي إدريس جالا أن السلطنة قادرة بما تمتلكه من مقومات على النهوض باقتصادها الوطني مؤكدا أن ما تحتاجه هو اتخاذ القرارات الاقتصادية اللازمة بدون تردد ومشيرا أن اتخاذ القرار يحتاج إلى صلاحية امتلاك القرار وهذا ما يجب أن يكون عليه المسؤول.
وأضاف جالا أنه لا يمكن للمال أن يكون عائقا في توسيع قاعدة الاقتصاد العماني خصوصا في ظل توفر البنية الأساسية والمكونات الأخرى للاقتصاد مستدركا أن الإرادة هي من تجلب المال وهذا ما يمكن استخلاصه من برنامج تنفيذ.
واشار جالا إن التحديات دائما موجودة وهي موجودة في السلطنة كما كانت وما تزال موجودة في ماليزيا ودول العالم الأخرى ولكن مواجهة تلك التحديات بمشاركة أطراف العلاقة هي التي تقود إلى إيجاد الحلول ولن تنجح هذه الحلول إلا إذا استوفت التفاصيل المحتلفة والتزم القائمون عليها بالتنفيذ.
وأضاف جالا إن المختبرات هي بداية الحلول وهي تبحث التحديات المختلفة إلا أن تصل بها إلى مرحلة تدوين الحلول وتعهد الجهات المختلفة بتنفيذها وبعد ذلك هناك تقارير دورية لتوضيح نسب الإنجاز وفي ماليزيا أصبحت هذه التقارير أسبوعية.
وحول برنامج تنفيذ قال الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للتخطيط المنسق العام لبرنامج تنفيذ سعادة طلال بن سليمان الرحبي إن برنامج "تنفيذ" يتلخص في ثمان خطوات أهمها مرحلة المختبرات هذه وهي عبارة عن حلقات عمل تنفيذية مكثفة تمتد لستة أسابيع، تضم ممثلين للجهات الحكومية المعنية بمجالات التنويع الاقتصادي، وممثلين لشركات ومؤسسات القطاع الخاص، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومؤسسات المجتمع المدني، وأكاديميين وخبراء وباحثين من داخل السلطنة وخارجها، وسيتم في هذه الحلقات طرح التحديات التي تواجه تنفيذ الخطة وإيجاد الحلول، وتحديد الجهة المسؤولة عن التنفيذ في كل حالة وبموجب برنامج زمني للتنفيذ ووفق مؤشرات لقياس الأداء، ومتابعة التنفيذ.
وأفاد السنيدي أنه سيتم تنفيذ هذا البرنامج الوطني بدرجة عالية من المشاركة المجتمعية كما يتيح البرنامج التفاعل من خلال قنوات التواصل المختلفة، في حين ان هناك مرحلة اخرى للمشاركة المجتمعية سوف تعقب المختبرات، بالإضافة إلى إصدار تقرير وفق المؤشرات يكون متاحا للجميع للإطلاع عليه.