نتياهو ... مستقبله السياسي في خطر

الحدث الخميس ١٥/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٤:٤٤ ص
نتياهو ...  مستقبله السياسي في خطر

القدس / علاء المشهراوي – وكالات

تدهورت مكانة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بسرعة كبيرة في صفوف اليمين والمجتمع الإسرائيلي عموماً. ومؤخراً تراكمت ضده قرائن قد تقود الشرطة الإسرائيلية إلى فتح تحقيقات رسمية بحقه لأسباب جنائية تتعلق بمخالفات للقانون. ولكن ما هو أسوأ من ذلك، تزايد صراعاته داخل حزبه، الليكود، بعدما كانت هذه الصراعات تجري غالباً داخل معسكر اليمين. وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن الجمهور الإسرائيلي لم يعد يرغب كثيراً في استمرار حكم نتنياهو، وأنه صار يميل إلى خصومه.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن الفحص الشرطي ضد نتنياهو سيُجبر المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، على إبداء رأيه في الاتهامات بشأن الفساد في القمة.
وقالت الصحيفة إن مندلبليت يتعرض مؤخراً لانتقادات واسعة بسبب إصراره على مواصلة التحكم في مسيرة التحقيقات ضد نتنياهو، حيث هو من يسمح للشرطة باستدعاء أو عدم استدعاء هذا الشاهد أو ذاك. وتقول أوساط في القضاء والشرطة الإسرائيلية إن مندلبليت لا يمنحهم تجاه نتنياهو إلا حبلاً قصيراً من الحرية.
وأشارت الصحيفة رغم ذلك إلى أن التحقيقات بشأن نتنياهو تدخل مرحلتها النهائية بعدما استجوبت الشرطة أكثر من 20 شاهداً وحيث التحقيقات تجري في أكثر من دولة. وإذا نضجت الشبهات بحق نتنياهو وغدت قرائن يمكن تقديمها للمحكمة، فإن التحقيقات ستغدو جنائية وستقدم ضده لائحة اتهام. ومتوقع أن تقدم الشرطة لائحة اتهام بحق رئيس ديوان نتنياهو سابقاً، أري هارو، بعدما أخفقت الشرطة في تجنيده كشاهد ملك ضد نتنياهو.
وكانت وصلت للشرطة قبل بضعة شهور معلومات استخبارية عن قضايا فساد متورط فيها نتنياهو. وبين الاتهامات أن رجال نتنياهو زوروا الانتخابات الداخلية لزعامة الليكود. وبحسب معلومات أخرى، فإن نتنياهو أنشأ قبيل الانتخابات طاقم ظلال تم تمويله بطرق مستترة وخلافاً للقانون على أيدي رأسماليين مقربين منه. ووصلت معلومات أخرى تتعلق بأموال سرّية كانت تصله من مليونيرات في أرجاء العالم.
ولا تتمثل مشكلة نتنياهو في كونه يتعرض لتحقيقات من جانب الشرطة، وإنما أيضاً في تراجع شعبيته بشكل كبير. وللمرة الأولى في تاريخ حكمه، يجد أن حزباً مثل "هناك مستقبل" بزعامة يائير لبيد يتغلب في استطلاعات الرأي على الليكود بزعامة نتنياهو. كما أن استطلاعات أخرى بينت أن حزباً جديداً بزعامة وزير الجيش السابق موشي يعلون وعضوية وزير التعليم السابق جدعون ساعر يمكن أن يقلب المعايير في الانتخابات الإسرائيلية. وكان الخلاف بين نتنياهو ووزير المواصلات من الليكود، إسرائيل كاتس، والذي تضمن تهديدات متبادلة وتحديا على الزعامة، قد دفع الجمهور الإسرائيلي إلى الوقوف إلى جانب كاتس وليس نتنياهو. وعندما هدد نتنياهو بإقالة كاتس، قالت أغلبية الإسرائيليين إنها تقف إلى جانب كاتس.
وبحسب المعلقين في إسرائيل، فإن استطلاعات الرأي ضد نتنياهو وصلت هذه المرة على موجتين، الأولى حول من يعتبرونه مسؤولاً عن الأزمة الكبيرة التي أصابت قطاع المواصلات الإسرائيلي جراء تعهد نتنياهو للحريديم بوقف العمل في خط القطارات الجديد أيام السبت. وأظهرت الأزمة حجم الخلاف داخل إسرائيل بين العلمانيين والمتدينين، كما أظهرت مقدار خضوع نتنياهو لابتزاز الأحزاب الحريدية مثل "شاس" و "يهدوت هتوراه". ولإظهار أن نتنياهو ليس من النوع الذي يخضع للحريديم، جرى اتهام الرجل القوي في الليكود، إسرائيل كاتس، بأنه متآمر على نتنياهو.
وبالطبع فإن ما جرى كان نوعاً من الفضيحة السياسية لأن الأغلبية اعتبرت أن الصراع الذي عانى منه الجمهور كان في الأصل صراعا على الزعامة. ونتنياهو أراد تحجيم وزير المواصلات، كاتس، ضمن توجهاته الدائمة بتقزيم كل من يظهر له وكأنه يتطلع لخلافته في زعامة الليكود. ويعتقد خبراء أن كاتس كسب التأييد لأنه صمت رغم تمسكه برأيه وعدم خضوعه لإملاءات نتنياهو. وهذا بالتأكيد قاد إلى تراجع نتنياهو أمامه ولكن بعد أن خسر المزيد من شعبيته.
وكانت الموجة الثانية ما ظهر في الاستطلاع الذي نشرته القناة الثانية والذي أشار إلى أنه إذا جرت الانتخابات الآن فإن "هناك مستقبل" سيغدو الحزب الأكبر وسينال 24 مقعداً في حين سيخسر الليكود ثمانية مقاعد ويحصل فقط على 22 مقعداً. ولاحظ كثيرون أن هذا الاستطلاع أظهر الوضع الكارثي الذي صار الليكود يعيشه، خصوصاً أنه يخسر في اتجاهَي الوسط واليمين لمصلحة "هناك مستقبل" من ناحية ولمصلحة "البيت اليهودي" من ناحية أخرى.
وأيا يكن الحال، من الواضح أن نتنياهو يدخل حالياً مرحلة الخطر في مسيرته السياسية. ويرى كثيرون أنه مؤخراً بات يكثر من الحديث عن "إدارة الأزمات" بوصفها العنوان الأبرز لشخصيته.

استطلاع اي
أظهر استطلاع جديد للرأي العام الإسرائيلي، استمرار تراجع قوة وشعبية حزب "الليكود" بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مقابل صعود وازدياد قوة حزب "ييش عتيد"، بقيادة يئير لبيد.
وبين الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه القناة الإسرائيلية الأولى أنّ حزب "ييش عتيد"، حصل على 27 مقعداً بينما تراجع "الليكود" من 30 مقعداً يملكها حالياً، إلى 23 مقعداً.
كما أظهر الاستطلاع أيضاً، استمرار تعزيز قوة حزب "البيت اليهودي"، بقيادة نفتالي بينت الذي حصل على 11 مقعداً مقابل 8 مقاعد يملكها حالياً. في المقابل، ينهار حزب "المعسكر الصهيوني"، بقيادة زعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، إذ فقد أكثر من نصف عدد مقاعده، حاصداً 11 مقعداً مقابل 24 مقعداً يملكها حالياً. كما ارتفع عدد المقاعد التي حصل عليها حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة أفيغدور ليبرمان، وحصل على 9 مقاعد بدلاً من 6 مقاعد يملكها الآن.
وكان استطلاع سابق نشرت نتائجه نهاية الأسبوع الماضي، القناة الإسرائيلية الثانية، أظهر تراجع قوة "الليكود" من 30 مقعداً إلى 22 مقعداً، مقابل ارتفاع قوة حزب "ييش عتيد" بقيادة يئير لبيد إلى 24 مقعداً، فيما ارتفع حزب "البيت اليهودي" إلى المرتبة الثالثة بحصوله، بحسب استطلاع القناة الثانية، على 14 عضواً في الكنيست.

غضب عام
وعلى الرغم من أن هذه الاستطلاعات جاءت متأثرة بالغضب الإسرائيلي العام، الأسبوع الماضي بسبب قضية وقف أعمال شركة القطارات عشية السبت الماضي، وتحميل نتنياهو مسؤولية الخضوع لابتزاز وتهديد الأحزاب الحريدية، ومحاولة نتنياهو إلقاء المسؤولية على وزير المواصلات يسرائيل كاتس، واتهامه بأنه المسؤول عن تفجير أزمة لا لزوم لها. وأظهر استطلاع، الأسبوع الماضي، أن غالبية الإسرائيليين لم يصدقوا رواية نتنياهو.
واعتبر عدد من المراقبين الإسرائيليين، أن تراجع نتنياهو في الاستطلاعات الأسبوع الماضي، والضرر الذي لحق بصورته، كان أحد الأسباب الرئيسة وراء قيام الأخير بنشر مقطع مصور على "تويتر"، زعم فيه أن المطالبة بتفكيك المستوطنات هي بمثابة "تطهير عرقي"، متهماً دولاً "متنورة" بتأييد هذا الموقف، الأمر الذي أثار غضباً في الولايات المتحدة الأميركية ودفع بالخارجية الأميركية إلى إصدار بيان رفضت فيه ادعاءات نتنياهو، قائلةً إن الإدارة الحالية كما الإدارات السابقة تعتبر المستوطنات عقبة أمام السلام، وأن مسالة المستوطنات يجب أن تحل في المفاوضات بين الطرفين.
وبحسب خبراء في الإعلام، فإنّ نتنياهو حاول من خلال هذا المقطع المصور إزاحة الأنظار عن "أزمة السبت"، وعن تقارير بشأن التحقيقات ضده بشبهة تلقي رشاوى وتبرعات غير قانونية في انتخابات سابقة، وتوجيه الأنظار إلى جمهور اليمين الاستيطاني، الذي أظهرت الاستطلاعات أنه انتقل، لتأييد أحزاب أخرى خاصة حزب "البيت اليهودي"، ممثل التيار الديني الصهيوني وحركة الاستيطان، وحزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة وزير الأمن الحالي أفيغدور ليبرمان.
فضلاً عن ذلك، فقد ظهرت حركة انتقال كبيرة لمؤيدي حزب "المعسكر الصهيوني" بقيادة يتسحاق هرتسوغ باتجاه حزب الوسط، ييش عتيد، الذي يتبنى في الواقع مواقف يمينية في كل ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، وموقفاً أكثر وضوحاً في مسألة عدم الرضوخ لابتزاز أحزاب "الحريديم".

مع ذلك، وبالرغم من هذه الاستطلاعات، إلا أنه لا يزال بمقدور نتنياهو وحده حالياً تشكيل ائتلاف حكومي، خاصة وأن لبيد رغم ارتفاع قوة حزبه إلى 27 مقعداً، لا يزال غير قادر، بفعل رفضه العنصري التعامل والتحالف مع القائمة المشتركة (للأحزاب العربية) تشكيل قوة مانعة تفوق 61 عضواً تسد الطريق أمام ائتلاف حكومي يشكله نتنياهو.