بقلم: حسام بركات
استوقفتني تصريجات ريتشارد سكودامور الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم والتي قال فيها ان مباريات البريمييرليج في الموسم الحالي وصلت إلى 190 دولة حول العالم.
هذا الانتشار المذهل يدفع الرئيس للحديث ايضا عن الدول المعترف بها من قبل الامم المتحدة وهي 193 دولة، على حد قوله، مما يعني أن 3 دول في العالم الأممي فقط لا تشاهد مباريات البريميير ليغ.
ومن خلال القنوات التي حصلت على حقوق البث التلفزيزني وفقا للاتفاقية الجديدة مع رابطة البريميير ليغ سيتمكن قرابة 4 مليارات إنسان من مشاهدة المباريات المثيرة والقوية حسب تصريحات ريتشارد سكودامور.
نعم أيها سادة .. إلى هذا الحجم المخيف وصلت شعبية وجماهيرية بطولة واحدة مثل الدوري الانجليزي، ولنا أن نتخيل كيف سيصبح الوضع عندما تستفيد الاندية هناك من عوائد البث التلفزيوني الذي ستصل حسب الاتفاقية الجديدة اعتبارا من الموسم الحالي إلى 6 مليارات دولار.
العالم يتغير بسرعة رهيبة نحو المزيد من الهيمنة لكرة القدم الأوروبية على أذواق وأهواء عشاق الساحرة المستديرة، خصوصا في عالمنا العربي، وربما تعزز بطولات الدوريات الكبرى من الشغف الكبير الذي تزايد إلى اضعاف مضاعفة في السنوات الأخيرة.
الغريب أيضا اننا لو عدنا في السنوات إلى الوراء لوجدنا أن اللاعبين فقط كانوا مصدر شغف وإعجاب الجماهير، ولكن مع تطور شعبية اللعبة واهتمام العشاق بادق التفاصيل اصبح حتى المدربين أو وكلاء اللاعبين محل اهتمام ومتابعة من الملايين.
مدربون مثل البرتغالي جوزيه مورينيو والإسباني بيب غوارديولا والألماني يورغن كلوب خطفوا الانظار حتى من افضل لاعبيهم، فيما تجد وكيل تعاقدات مثل البرتغالي خورخي مينديز تحظى صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به بملايين المتابعات.
هذا الواقع الجديد ربما ساهم أكثر في الصورة الاحترافية التي أصبحت للأسف خالية من المشاعر وجردت كرة القدم من طابعها القديم الذي يحتوي على بعض الجوانب الانسانية العميقة.
اليوم بات التحزب للفريق واللاعب يميل أكثر للتعصب عن تشجيع اللعب الجميل كأساس، كما كان في الماضي، هذا فضلا عن انحسار منطقة الحوار بين الانصار، فلم يعد أحد يقبل وجهة النظر الأخرى حتى من قبل أن يسمعها.
ولا نخفي سرا إذا قلنا أننا ومنذ فترة وجيزة بدأنا نلاحظ انعدام التفاهم على أي نقطة مشتركة بين المتحاورين عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الجمهور، أو حتى النقاد والمعلقين على الاخبار التي ارتفعت وتيرتها بصورة غير مسبوقة في الفترة الاخيرة.
قد لا نستطيع الوقوف في وجه تحول كرة القدم إلى صناعة وتجارة فهذا أمر واقع لا مجال للنقاش فيه، ولكننا على الأقل نستطيع المحافظة على قلوبنا الكبيرة وعقولنا الواعية لنفهم في نهاية كل مباراة أنها مجرد وسيلة ترفيهية لا تختلف عن حضور فيلم سينمائي أو مسرحية جميلة.
ليس ضروريا أن يتزوج البطل من البطلة في نهاية كل فيلم أو مسرحية، كما ليس ضروريا أن يفوز نفس الفريق التي تشجعه في كل مباراة، طالما أن الجميع سيعود إلى بيته وأهله وأحبابه وحياته مع ختام الأمسية.
hbarakat1512@gmail.com