مسالخ.. وعيد!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٧/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٠:٠٧ ص
مسالخ.. وعيد!

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

منذ الطفولة نجتمع في مكان الأضحية، وهي تتشابه في العيدين معنا، نختلف في التسميات، لكن الهدف واحد، المضيّ في تظاهرة أكل اللحوم، عدة أيام، وبجوارها الحلوى العمانية، وسائر الحلويات، ثم نعود نشتكي من ارتفاع الكوليسترول والسكري وضغط الدم ومشاكل النقرس، وغيرها، مما تتعدد مسمياته أيضا، وهدفه واحد أيضا: النحت في أجسادنا!!
ذبح الأضحية أشبه بأجواء احتفالية، اعتدناها، مهما كانت التصورات عن جوانب دموية وصحية وعنف حيث يحضر الأطفال المشهد، باعتبار أن ما يحدث "حلال"، وأن الأماكن القريبة من الأفلاج المكان المناسب، لقربه من المياه.
عشرات السنوات مضينا في حكايتنا تلك، ولا ندري متى نقلع عنها، فربما هناك عشرات أخرى قادمة ستجد من يتمسك بهذا الفعل.
البلديات تدعو للمسالخ وقلة من يستجيبون.. كأنما تريد حرمان الناس من الأجواء الاحتفالية حيث عدة أشخاص يتشاركون في مساعدة حامل السكين في تقييد حركة "الثور"، وصاحب المهمة الأصعب الممسك برأسه، عدا المترقبين للمشهد، انفجار الدم من عنق الذبيحة، وسط حالة ترقب وإثارة.
أؤيد، وبشدة، الذبح في المسالخ، هذا خارج ما اعتدنا عليه، لكن المشاهد المتبقية من عملية الذبح في الطرقات وعلى مجاري المياه شيء لم يعد مستحبا، حيث تكاثر البشر، ومعهم توسعت أعداد "ذبائحهم"، لكن، ما هو المتاح في هذه المراكز التي أقيمت في كل ولاية، وهي عاجزة عن استيعاب أضاحي قرية واحدة؟
كيف يمكن استيعاب أن تقوم قرى، بعشرات البيوت، بل مئاتها، بنقل كل تلك الأبقار والمواشي خلال بضع ساعات إلى المسلخ الوحيد في الولاية، بينما العدد القليل الذي يذهب يعد كبيرا، إذ فترة الانتظار تمتد من الصباح حتى الظهر، والأسرة بانتظار أولى بشائر "لحم العيد" ليفرح الصغار بمشهد اللحم "الكثير" وتبدأ العائلة مهمة تقسيمها إلى حسابات "الطبخ".. وغالبا ليس بينها.. حسابات الفقراء.
الدعوة إلى الذبح في المسالخ غير جادة لعدم توافر الإمكانيات المطلوبة في زحمة كهذه، بينما يعود مواطنون تعاملوا مع مسالخ في دول أخرى يروون عن "عجب" إن قورن بما لدينا من ضعف في البنية الأساسية للمسلخ، وقلة عدد العمال المهرة، ولا يفترض أن نشير إلى مستوى النظافة، حيث يصبح الذبح بجوار الفلج أقل "سوءاً"، وأسرع، لينحاز إليه المواطن، لأن كلفة نقل الذبيحة مع معاناة النقل والمسافة حتى المسالخ الحكومية تصبح خياراً صعباً جداً، تضاف إليه صعوبة تواضع إمكانيات المكان.
ما هي الحلول التي تدعم توجه السكان إلى نبذ الطريقة التقليدية، والخروج بأقل الأضرار صحياً (مخاطر إصابات المواشي والإصابات المعتادة في عملية التعامل مع الثيران وتقطيع اللحوم)، وبيئياً (لرمي المخلفات وسط القرى وسط تكاثف الذباب عليها)؟!
الإجابة قد تكون بالمنع، لكن، ما هي الخيارات المتاحة لتنظيم ما يحدث؟ أخشى أنها ليس بها متسع.. وللكلمة أكثر من معنى.