لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com
عندما قصدت الكويت لدراسة الإعلام في عام الفيل، كنت أحمل طموحات تفوقني وزناً.. وكانت جامعة الكويت في تلك الحقية تستقطب خيرة الأساتذة العرب بالإضافة لرؤساء تحرير. ولأني كنت أملك آنذاك ثقة بالنفس لا أملك نصفها اليوم، قدمت لواحدة من أعرق صحف الكويت وهي "القبس" ونجحت بالعمل فيها كتفاً بكتف مع كبار الصحفيين والكتاب.
نسيت بعد كل هذه السنوات كل ما تعلمته في الجامعة ! أتحدى نفسي أحيانا وأجتهد لاستحضار المواد التي درستها وبعض تفاصيلها فلا أستطيع إذ غدوت كمن يتذكر فيلماً رآه، ومتيقن من وجوه أبطاله لكنه لا يتذكر فحواه وحبكته وتسلسل أحداثه !
الغريب أن كل ما رسخ في ذهني لليوم هو بضعة أمثلة ضربها أساتذتي لتجاربهم العملية في الميدان الصحفي واستفدت من أخطائهم أكثر مما فعلت من نجاحاتهم، وأخال أن زملائي اختبروا المثل. وإن كنت قد دخلت ميدان العمل - بعد التخرج - بقوة فذلك بسبب التجارب التي عايشتها شخصيا، وقولبت شخصيتي، إبان سنوات عملي الجزئي في صحيفة القبس التي أدين لها بالكثير. بالطبع عملت بلا أجر لفترة طويلة حتى قدروا اجتهادي بأجر زهيد، لكني لم أمانع، فقد كانت عيناي على الخبرة وكنت على يقين بأن الجزاء المادي سيأتي عاجلاً أم آجلا..
أقول هذا بمناسبة بدء حوالي 30 ألف طالب دراستهم الجامعية موزعين على جامعات السلطنة – الخاصة والحكومية – عدا العدد الذي تسنى له الدراسة بالخارج. هذا العدد الضخم سيصب في نهاية المطاف في سوق العمل وسيبحث عن فرص لائقة للعيش الكريم وإثبات الذات. وأهديهم هنا نصيحة ذهبية أقدمها مجانا:
الدراسة الأكاديمية، ورغم أهميتها، ليست كافية لإعداد جيل للعمل الميداني. وما يؤخذ على المخرجات الأكاديمية أنها متمسكة بتلابيب النظريات التي لا تجد لها أحيانا موقعا في إعراب سوق العمل الطاحن. لذا نتمنى دوما على الدارسين والمشرفين عليهم، لا سيما في دولنا التي تأسس اقتصادها على تقدير الخبرة أكثر من الشهادات نفسها، أن يبحثوا عن أعمال جزئية أو حتى بالساعة في مجالاتهم، وألا يستنكفوا عن العمل تطوعيا عند بيوت الخبرة، علماً بأن الطلبة في الغرب يتقاتلون لنيل فرصة للعمل في مؤسسات محترمة ولو كمتدربين بلا أجر على أمل أن يكون لهم – بعد التخرج – موطئ قدم أو أفضلية في العمل في تلك المؤسسات، فيما يظن "ربعنا" أن العمل بلا أجر مضيعة للوقت والجهد ويأخذونه بخفة لمجرد أنه جهد غير مدفوع.
للطلبة ومرشديهم نقول:
فكروا منذ بداية المشوار في مآله ونهايته. سوق العمل اليوم شديد التنافسية ولا ينافس العماني فيه العماني للأسف بل ينافس أجانب راكموا سنوات من الخبرة في بلدانهم. ومن المفيد التعبئة لذلك منذ الآن، وعلى الجامعات أن تحث طلبتها على ذلك وتقدم لهم بعض التسهيلات ليعملوا – كمتدربين - في أقسامها أيضا..
مع تمنياتنا بالتوفيق للجميع..