قمة العشرين بين السياسة والاقتصاد

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٦/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٠٣ م
قمة العشرين بين السياسة والاقتصاد

محمد محمود عثمان

تنعقد قمة العشرين 2016 والعالم يشهد ظروف اقتصادية معقدة نتيجة للتباطؤ الشديد في النمو الذي يقود إلى الركود في ظل الصراعات والإرهاب والهجرة غير الشرعية وتراجع أسعار النفط ، والخلافات السياسية الدولية الثائية، لذلك فإن القمة ستشهد مزيجا بين السياسة والاقتصاد، لإيجاد رؤية لتحقيق نمو شامل ومتوازن ومستدام، فضلاً عن لحلحة بعض القضايا السياسية، التي قد تتسبب في احتكاكات ونزاعات إقليمية وتوترات في بحر الصين الجنوبي، أو بسبب نشر الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية نظام دفاع صاروخي في كوريا الجنوبية لمواجهة الصواريخ والتهديدات النووية من كوريا الشمالية، وذلك من خلال القاءات الثنائية غير الرسمية، حيث ستكون الغلبة للمشاكل والقضايا الاقتصادية المؤثرة في الاقتصاد العالمي.
وقد بدأت كل من الصين وتركيا بتوقيع عدد من الاتفاقيات على هامش القمة وتحكمها المصالح المالية والاقتصادية، حيث تغلبت هذه المصالح على الخلافات السياسية بينهما حول الأزمة السورية، وهذا يكشف أن التزامات الدول بمصالحها القومية لا تتأثر بتباين الأيدولوجيات أوالمواقف السياسية في الملفات الأخرى المتشابكة، بل تحكمها أولويات كل طرف ومصالحة، وهنا لا نستبعد أن بعض الاتفاقيات قد تبنى على مصالح غير أخلاقية على حساب دول أخرى،ولسان حالهم يقول نحن ومن بعدنا الطوفان، مما يؤكد مقولة أن البقاء دائما للأقوياء.
لذلك تسعى الدول من خلال القمة لقضم أكبر مساحة من كعكة الاستثمارات الدولية والتجارة البينية الدولية، لأنه حين تكون المصلحة يتجه إليها الجميع دون النظر للاعتبارات والاختلافات السياسية الجوهرية أو العرضية، من خلال النجاح في تكوين علاقات اقتصادية مع كافة دول العالم ومع التكتلات الاقتصادية في الشرق والغرب في كافة المجالات، لذلك ليس مستغربا أن تسعى الصين لاستغلال قمة مجموعة الـ 20 – التي تستضيفها في مدينة هانجتشو - لتعزيز مصالحها وتحقيق أجندتها الدبلوماسية، وإنهاء الخلافات القائمة مع بعض الدول مثلما فعلت مع تركيا ، وكذلك لتعزيز مكانتها كقوة عالمية، فعلى الرغم من مجموعة الملفات الدبلوماسية الشائكة التي يمكن أن تعرقل الكثير من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وأهمها إيجاد وسائل لتنشيط ودفع النمو الاقتصاد العالمي المتباطئ، من خلال الإنفاق والسياسات الضريبية، بجانب الموضوعات التي تشمل التصدي للعوائق أمام الاستثمار الأجنبي، وخطر تخفيض قيمة العملة لحماية أسواق الصادرات وبخلاف القضايا الاقتصادية، توجد احتكاكات وحساسيات بشأن نزاعات إقليمية في بحر الصين الجنوبي، وقرار الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بنشر نظام دفاع صاروخي في كوريا الجنوبية لمواجهة تهديدات الصواريخ والتهديدات النووية من كوريا الشمالية ،لذلك نتمنى من قمة العشرين أن تنجح في تبديد مخاوف الاقتصاديين من استمرار تباطؤ النمو وأن تأخذ قمة بكين مبادرة في تنفيذ خطة للتعافي وتحفز الاقتصاد العالمي ووضع حلول غير تقليدية يمكن أن تساعد الاقتصاد العالمي فى الصعود والنهوض من مرحلة الركود، من خلال أدوات مالية جديدة أو تطويرها لتشجيع حركة رءوس المال، ودعم تحرير حركة التجارة العالمية حتى تستطيع الدول الصغيرة من التعامل مع الاقتصاديات الكبرى، ومراعاة التشريعات الجمركية بين الدول، وحرية انتقال رؤوس الأموال إلى المناطق الجاذبة للاستثمار لعودة النمو للاقتصاديات العالمية ومساعدة الدول النامية ، خاصة أن انكماش حركة التجارة الداخلية للدولة المضيفة الصين، ووصول الدين الداخلي لمستويات قياسية بلغت 120%، فضلا عن التراجع في قيمة عملتها المحلية والتباطؤ في نسب النمو نتيجة تراجع قيمة الصادرات وارتفاع قيمة الواردات، الأمر الذي أثرسلبيا على العديد من الاقتصادات العالمية ، ومما يثير القلق أيضا أن يستمر ضعف النمو لسنوات قادمة ،أو بقاء نسبة نمو الاقتصاد العالمي على معدلاتها الحالية التي لا تتجاوز نسبته 2.5 %، مما يلقى بظلال كثيفة من التشاؤم على الاقتصاديات الناشئة، ولا سيما إذا لم ينجح قادة الدول الكبرى التي تضم أكبر 20 اقتصادا في العالم في تقديم البدائل الاقتصادية لأبرزالتحديات الاقتصادية التي تواجه العالم ، وأن تصل بمعدلات النمو إلى 4% أو أكثر خلال السنوات الثلاث القادمة، لأنه عندما تتحرك المؤشرات الاقتصادية في هذه الاقتصاديات فإن الدنيا كلها سوف تتحرك، ومن ثم يتعافى الاقتصاد العالمي.
mohmeedosman@yahoo.com