ساو باولو – ش – وكالات
استخدمت الشرطة البرازيلية الغاز المسيل للدموع يوم امس الاول الأحد لتفريق آلاف المتظاهرين في ختام مسيرة سلمية للاحتجاج على عزل البرلمان الرئيسة ديلما روسيف الأسبوع الماضي.
وكانت تلك أكبر موجة من المظاهرات ضد الرئيس الجديد ميشيل تامر منذ أن أدى المحامي المحافظ اليمين يوم الأربعاء ليحل محل روسيف بقية فترة رئاستها حتى عام 2018.
ودعا المتظاهرون الذين حشدتهم جماعات ونقابات يسارية متحالفة مع حزب العمال الذي تنتمي إليه روسيف إلى إجراء انتخابات جديدة وهتفوا"يسقط تامر" وارتدى أحد المتظاهرين قميصا أحمر كُتب عليه بالإنجليزية"أولا يجب أن يسقط تامر."
وقال المنظمون إن 50 ألف شخص شاركوا في المسيرة إلى ميدان في غرب ساو باولو .
ومع انتهاء التجمع وتوجه المتظاهرون إلى مداخل المترو قامت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع مما سبب حالة من الذعر وأدى إلى وقوع اشتباكات. وقالت الشرطة إنها اضطرت للتدخل لمنع عمليات تخريب للممتلكات في ختام مسيرة سلمية.
ياتي هذا في القوت الذي اكد فيه الرئيس البرازيلي الجديد ميشال تامر بعد يومين على اقالة ديلما روسيف المثيرة للجدل، ان البرازيل "طوت الصفحة" بعد فترة طويلة من "الاضطرابات السياسية" والازمة الاقتصادية.
وقال تامر في تصريح صحافي "لقد عانينا من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، عانينا من الانكماش، لكن هذه الصفحة قد طويت".
وشدد على القول ان "البرازيل تترك وراءها كل الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي عانت منه في السنوات الاخيرة".
ويعتزم فيه الرئيس البرازيلي الجديد ميشال تامر العمل على تضميد جروح البرازيل التي تواجه ازمة اقتصادية خانقة ومشكلة فساد متفشية، خلال سنتين واربعة اشهر، فترة الحكم المتبقية له من اجل اتمام ولاية الرئيسة المقالة ديلما روسيف.
ويتحتم عليه من اجل ذلك انعاش اقتصاد يعاني من الانكماش، مع وجوب مراعاة القاعدة المتباينة من الاحزاب التي حملته الى السلطة، فيما لا تزال فضيحة الفساد الهائلة التي تطاول مجموعة بتروبراس النقطية العامة تلقي بظلها على ولايته.
وتعهد تامر النائب السابق للرئيسة اليسارية بـ"اعادة وضع البلاد على السكة".
غير ان هذه المهمة لن تكون سهلة في بلد يبلغ عدد سكانه 206 ملايين نسمة ويواجه اسوأ انكماش اقتصادي منذ ثمانين عاما مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل فيه الى 12 مليونا.
ويتفق المحللون على ان اكبر تحد مطروح على تامر هو الانتقال من اقتصاد يقوم على تدخل كثيف من الدولة الى نموذج اكثر ليبرالية يتضمن عمليات خصخصة وتصحيح مالي صارم.
واعلن تامر عزمه على كبح الانفاق وادخال ليونة على سوق العمل والحد من كلفة نظام التقاعد.
وحذرت وكالة موديز الاميركية للتصنيف الائتماني بان "اقالة روسيف تزيل عنصر غموض سياسي القى بثقله على الاقتصاد، لكن ميشال تامر يواجه تحديات كبرى في تنفيذ الاصلاحات الضرورية، مثل اصلاح الضمان الاجتماعي، التي ستتطلب اجماعا سياسيا غير مضمون اطلاقا".
ويعتبر تامر (75 عاما) المنتمي الى حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية، شخصية ثابتة في السلطة في هذا البلد، غير ان شعبيته في ادنى مستوياتها (14%) ووصل الى السلطة بدون ان يستمد شرعيته من صناديق الاقتراع.
وهو شكل حكومته حول نواة فريق اقتصادي مرموق وركزها على الوسط الذي يحظى بالغالبية في البرلمان، وهو مجموعة محافظة على الصعيد السياسي وليبرالية على الصعيد الاقتصادي.
وقال سيلفيو كوستا من موقع "كونغريسو ايم فوكو" المتخصص في النشاط البرلماني "من الواضح ان ما دفع الى اقالة روسيف هو الى حد بعيد عدم قدرتها على اقامة علاقات مع البرلمان. وسيتحتم على تامر تشكيل غالبيات قوية وتقديم تنازلات من اجل ذلك".
وكان وضع الاحزاب المشرذم اضعف موقع روسيف التي كان يتحتم عليها اقناع 14 حزبا من اجل المصادقة على مشروع بغالبية بسيطة في البرلمان.
وقال الخبير ان "تامر يتولى مهامه بعد محاكمة تركت اثارا، وسيترتب عليه التفاهم مع البرلمان ومع القطاعات الاقتصادية. لكن عليه ايضا ان يتفهم مجتمعا اثبت عن عدم ارتياح كبير تجاه السياسيين".
وكشف تصويت اعضاء مجلس الشيوخ الذين اثاروا مفاجأة بعدم تجريدهم ديلما روسيف من حقوقها المدنية، ما يسمح لها بتولي منصب رسمي وبالترشح لانتخابات، عن الخلافات في وجهات النظر داخل ائتلاف تامر.
وقال السناتور الاشتراكي الديموقراطي ايسيو نيفيس (حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية، يمين) ان هذا القرار "اثار انزعاجا كبيرا" في الائتلاف.
وطاولت فضيحة الفساد الضخمة المتعلقة بمجموعة "بتروبراس" الرسمية اعضاء حكومة تامر الانتقالية التي خسرت منذ شهرها الاول ثلاثة وزراء ضالعين في القضية.
كما ورد اسم ميشال تامر نفسه في افادات عدة متهمين ادلوا بشهادات مقابل تخفيض عقوباتهم.
وينفي تامر اي ضلوع له في الفضيحة ولم يخضع لاي تحقيق. غير ان التظاهرات الضخمة المطالبة بعزل روسيف استهدفت بشكل رئيسي شبكة الفساد التي اختلست مليارات الدولارات من المجموعة النفطية العامة، كما ابدت رفضها للسياسة التقليدية ولا سيما سياسة حزب الحركة الديموقراطية البرازيلية.
من جهة اخرى، يواجه تامر تحقيقا في المحكمة الانتخابية العليا للاشتباه بتمويل غير شرعي لحملته المشتركة مع ديلما روسف في الانتخابات الرئاسية عام 2014.
ومع انتقال حزب العمال الى المعارضة من جديد، تامل روسيف ومرشدها السياسي الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا في الحصول مجددا على تاييد النقابات والحركات الاجتماعية التي استفادت من البرامج الاجتماعية التي طبقها حزبهما اليساري على مدى 13 عاما.