أحب الإجازات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٥/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٢:٣٨ م
أحب الإجازات

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

شخصيا، أفرح بأخبار أي إجازة، لسببين، أولهما أنني أرتاح من كتابة العمود اليومي، وهو على درجة من القلق وملاحقة الأفكار، وهاجس الوقت لكتابتها..
والأمر الثاني، وهو الأهم، تفرغي للقراءة أكثر، حيث يميل الهاتف للصمت مع عدم وجود مشاغل وظيفية بما يتبعها من مصالح تتطلب يقظة هاتفية، صوتا وحروفا.
لكن في علاقتي السابقة مع الصحافة "إداريا" عرفت ما معنى أن تكون "الإجازة" لا لون لها ولا طعم، إلا رائحة القلق، حيث الصحيفة لا تغلق أبوابها، ويستدعي ذلك مناوبات يطلب أصحابها تعويضا لاحقا، وقد تكدست أرقام الأيام بينما ظروف العمل الصحفي ضاغطة لا تسمح بالكثير، كما أننا نواجه أمرين صعبين: تضاؤل المواد الصحفية لانعدام الأخبار الرسمية وغيرها، وأيضا عدم وجود الإعلانات حيث يميل المعلنين في السلطنة إلى الإختباء كونهم يرون بأنه لا أحد يقرأ في الإجازة، بينما في أوقات الدوام الرسمي تصل الصحف مجانا (في الغالب) إلى كل المكاتب، بينما هناك ما يشغل أغلب الناس عنها إن غاب "المجّاني"، وغالبا تميل الصحف إلى تقليل عدد الصفحات مع عدم نشر المواد الجيدة بما يضعف المستوى العام للصحيفة!.
وفارق كبير بين تلقّي خبر إعلان الإجازة لدى العاملين في المؤسسات الصحفية (الصحفيين والفنيين).. والمؤسسات الإدارية الأخرى، يدركه، على الأرجح، صحفي عاش سنوات من حياته في أروقة العمل الصحفي ثم ينتقل إلى وزارة (أو ما شابه ذلك)، ويرى كيف أن خبر إعلان الإجازة له دلالة واحدة: أن يغلق مكتبه، ويمتنع هاتفه عن تلقي إتصالات "الشغل" حتى موعد إستئناف "الدوام".
أما الصحفي فإنه يلاحق الوقت ليستطيع ما أمكنه البقاء بين أسرته خلال الإجازة، خاصة أيام الأعياد، فمطلوب منه أن يعيش دورين معا، الموظف حيث ظروف عمله تتطلب وجوده ومتابعته، ورب الأسرة المطالب بما لا يحصى من إلتزامات، ثم يلزمه مطالبات عدة للإستفادة من تلك الإجازة (الرسمية) التي فاتته، ويجدها في غير موعدها، حيث البهجة مع الجميع تختلف، والعيد فرحته في حينها، إلتفاف الأسرة وزيارات الأهل والأصدقاء.
شخصيا شعرت أنني ولدت من جديد يوم غادرت البيت الصحفي، حيث المعنى مختلف والإحساس هادر بالراحة، إنتهاء فترة الدوام لها خاصية مميزة، بينما المشتغل بالصحافة أوقاته مرتبكة ومتداخلة، لا يعرف متى يدخل حيّز العمل.. ولا وقت خروجه منه.
في الإجازات لا يختلف جدولي الإعتيادي عن باقي الأيام، عدا الذهاب إلى المكتب، فالعلاقة مع القراءة والكتابة هي ذاتها، الصحو المبكر للإستفادة من يوم جميل منحنا الله إياها لا ينقضي في النوم والخمول، الشعور أن يوما في الحياة يشرق من جديد، وأرى من يستيقظ متأخرا فإنه يفرّط في أجمل الساعات قدرة على ضخّ الحيوية في جسده، وأحسبني شبعت سهرا في بلاط صاحبة الجلالة، وآن لي أن أستعيد مهارة النوم المبكر والصحو المبكر.. والشعور أن يوم الإجازة إضافة حقيقية للجلوس إلى "خير جليس"، بعيدا عن ضجيج الهاتف، وإن بدا صامتا إذا قورن بهواتف الصحفيين!