علي بن راشد المطاعني
الحرص على العمل في الجهات الحكومية ينبغي أن يكون إلى آخر دقيقة في اليوم الأخير من الأسبوع لأهمية انسيابية العمل وقضاء حوائج الناس وطلباتهم المتعددة إذا أردنا أن نتطور كما يطالب البعض من الجهات الحكومية، إلا أن بعض الموظفين يعتبرون يوم الخميس شبه إجازة للأسف أو ما يسمى في اللهجة الدارجة 'الشردة" ويطلق عليها هذا المصطلح الغريب للدلالة على أنه يوم الخروج المبكر من العمل غير مبالين بتبعات ذلك على خدمات المواطنين والمراجعين بشكل عام، ومدى تعطل أعمال المستثمرين والممارسين للأنشطة التجارية بأنواعها.
فهل هناك عدم إدراك لهذه الأمور لدى الموظفين العاملين في الجهات الحكومية وأن تخلّفهم عن الخدمة والعمل وتأخّرهم في إنجاز المعاملات يسهم في تعطيل الأعمال ودوران عجلة الاقتصاد في القطاعات الاقتصادية، وإرهاق المستثمرين، بل إحباطهم من التعاملات في الوحدات الحكومية، وما ينتج عنه من تراجع في الاستثمارات وقلتها، لا بد أن نراجع هذه الثقافة المترسبة لدى شرائح واسعة من الموظفين ونقدم لهم دورات في ثقافة العمل وأهمية خدمة المراجعين ودورها في الحياة الاقتصادية، وتقييم الأداء وقياس معدلات الإنتاج، إذ لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع في الجهات ذات العلاقة بالمستثمرين خاصة.
أحد رجال الأعمال أشار لي إلى ضرورة معالجة هذه الظاهرة في الجهات الحكومية، وقال بالحرف الواحد إن يوم الخميس على سبيل المثال يتعمد فيه الموظفون تعطيل الأنظمة الخاصة بإنجاز المعاملات، خاصة الأجهزة الحكومية المباشرة بالخدمة، ويتحججون بأن النظام "عطلان" أي 'السيستم لا يعمل كناية عن أن العمل توقّف لتطفيش المراجعين خاصة في يوم الخميس الذي يعتبرونه مكملا للإجازة الأسبوعية، وبالتالي أصبح العمل في الأجهزة الحكومية من الأحد إلى الأربعاء للأسف، أي أربعة أيام بالكثير، وهذا واقع يعاني منه رجال الأعمال في إنجاز معاملاتهم يجب الالتفات له ومعالجته، فلا يمكن أن يستمر الوضع الروتيني على هذا الشكل إلى ما لا نهاية، ويصل الأمر إلى تعطيل الأنظمة للانصراف من العمل، وإلا لماذا "السيستم" يتعطل يوم الخميس فقط مثلا، مع الأسف هذه ممارسات خاطئة أصبحت ظاهرة في بعض الإدارات التي لا تعير أهمية لخدمة المراجعين ودورها في التنمية الاقتصادية بشكل عام.
إن رجال الأعمال والمراجعين بشكل عام عندما يشتكون من هذه الخدمات ويخصون نهاية الأسبوع التي يتعطل فيها العمل في الأجهزة الحكومية، وبعدها إجازة نهاية الأسبوع أي ما يقارب 3 أيام متواصلة، فإنهم يشكون من وجع مؤلم بالطبع في تعطيل أعمالهم وتعاملاتهم، وهذه الشكاوى ينبغي أن نتعاطى معها بمسؤولية لما تفرزه من نتائج سلبية على المستوى العام للخدمات التي ينبغي أن ننهض بها، ونؤديها كما يجب لخدمة المستثمرين في هذه الظروف الدقيقة، وأن يترفع الموظف عن بعض الممارسات التي تعكس صورة سلبية عن جهة عمله في عدم تخليص المعاملات أو عدم إعطاء اهتمام للمراجعين الذين يأتون لإنهاء معاملاتهم وإجراءاتهم تاركين أعمالهم ومسخرين أوقاتهم، لذا ينبغي تقدير كل هذه الأمور والجهود التي تبذل من جانب رجالات الأعمال ورغبتهم في خدمة وطنهم من خلال استثماراتهم وأنشطتهم الاقتصادية.
على الجهات الحكومية عمل الكثير لتطوير الخدمات منها تقييم أداء الموظفين شهريا بعدد المعاملات التي ينجزها كل موظف، وعمل ما يسمى في الإدارة "شيك ماستر"، وهو زائر يتقمص دور المراجع لقياس كيفية تفاعل الموظفين مع المستثمرين، وإعادة النظر في الموظفين المجيدين من عدمه.
ومن المؤسف حقا، أنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى جذب الاستثمار والترويج له بكل الطرق، وتبذل الجهات المختصة عملا جبارا، في إقناع المستثمرين، يصطدم المستثمرون بواقع مؤلم جدا في التعامل مع الجهات الحكومية المباشرة وذات العلاقة بالاستثمار، وممارسة الأنشطة الاقتصادية، أولها عدم إدراك الموظفين قيمة هذه الاستثمارات للبلاد والعباد، وأن أي تأخير في الإجراءات لبعض الدواعي أو بدونها يعطل التنمية الاقتصادية، وينعكس سلبا في تعزيز الحركة التجارية، ويضغف التنافسية للسلطنة في المؤشرات الدولية، وتنخفض مراكز السلطنة في المؤسسات الدولية المختصة مما يرسم صورة غير إيجابية عن السلطنة، هذه الجوانب وغيرها من الأهمية توعية الموظفين بها، بل ينبغي تدريبهم عليها وعلى كيفية تأثيراتها، بدلا من الهروب المبكر من أماكن العمل يوم الخميس او غيره.
بالطبع التعميم ليس واردا في هذا المجال، إلا أن الصورة الغالبة عن الإجراءات الحكومية الخاصة بالاستثمار وممارسة الأنشطة تحتاج إلى إعادة نظر في كل الجهات الحكومية وتطويرها، وأولى مراحل التطوير، تطوير الكفاءات العاملة في الصفوف الأمامية، وضبط الخدمة وتقييم أداء العاملين في هذه الجهات، باعتبارها الواجهة الرئيسية للعمل الاستثماري في البلاد، ومنها أيضا الانضباط في العمل في كل أيام الأسبوع.
نأمل من الجهات الحكومية أن تعيد ترتيب الخدمات وإجراءاتها، وضبط العمل بما يخدم المستثمرين على مدار الساعة ما دامت هناك عوائد من هذه الخدمات سواء مباشرة أو غير مباشرة، وضبط العمل إلى آخر لحظة في الأيام بما فيها نهاية الأسبوع.