في الوقت الذي بدأ فيه العام الدراسي الجديد في مدارسنا، وتوجه أبناؤنا إلى مقاعد الدراسة في كل ولايات السلطنة، لينهلوا من منابع العلم والمعرفة، كان يجب علينا أن نتوجه إلى الوزارة المعنية - التربية و التعليم - بالتوفيق على اضطلاعها بهذه المهمة العظيمة التي تتطلع بها في أداء رسالة التعليم في البلاد، لا سيما أن التربية هي أساس التنمية الاقتصادية في المستقبل، وطلابنا هم الذين سيقودون دفة التنمية بعد تخرجهم ودخولهم سوق العمل ويسيرون بدفة الاقتصاد الوطني.
فبالأمس انتظم ما يفوق 700 ألف طالب وطالبة، في أكثر من 1100 مدرسة، وبدأ اكثر من 50 الف معلم ومعلمة بأداء رسالتهم في كل المدراس، وهذا حدث يجب ان نستعد لإنجاحه اولا بالنوايا الطيبة لما تقومه به المدرسه من دور، والقائمون على العملية التربوية.
فالعملية التعليمية الجميع على وعي بها وعلم بها بالاعباء التي يتحملها الجميع، الا انه للاسف بدأ البعض بكيل الاتهامات للوزارة و العاملين فيها مع بداية العام، بدون هوداة مستخدمين اشبع الألفاظ وأسوأها على الإطلاق للأسف، لمجرد مقطع لعراك بين الأطفال لم يدققوا فيه، ربما دفعتهم الشيطانية الصبيانية العفوية إلى التدافع بشكل عفوي في هذا السن الذي جميعا مررنا به وما يحمله من مراهقة تفرز بعض التصرفات السلبية التي يعاقب عليها اذا وقعت تحت طائلة المراقبة والعقوبة طبعا، إلا أن إعطاء هذه الامور أكبر من حجمها الطبيعي وتحويلها إلى ظاهرة، أمر مستغرب.
فإن نشر المقطع الذي تم تداوله على نطاق واسع، وكأنه ظاهرة نعطيها كل هذا النقاش ونسمح بالتطاول على الوزارة والمدارس والمعلمين والمعلمات، فهذل غير مقبول. وعلينا أن نعي في بداية الامر أن نعي بأن مثل هذه الحالات تحصل وستحصل وحصلت سابقا في المدراس بشكل فردي، فلسنا نعيش في المدينة الفاضلة لنكون بعيدين من مثل هذه الممارسات الفردية، و انما من الطبيعي ان تحصل في هذه التجمعات وغيرها، و لكن هذا لا يعني أن المدارس أوكار للتصرفات المرفوضة وأماكن لا تلتزم بالآداب العامة يصورها البعض للأسف من خلال التعليقات التي حملت سيلا من الاتهامات و النقد اللاذع.
ثانيا يجب أن تكون لدينا قناعات بأن الخير والشر موجودان، منذ بدء الخليقة والنفس إمارة بالسوء، و كل مجتمع أو تجمع لابد و ان يكون هناك فيه الحسن والسيء، فلماذ التهرب من الواقع، وعلينا تلافي هذه الأمور من خلال التربية في البيت وتهذيب الأبناء و بناء شخصياتهم المتوزانة التي يفرقوا بين الخير والشر، ورفقاء السوء والأصدقاء ذوي الأخلاق الحميدة، وهنا مربط الفرس في اعداد الاجيال في البيت و ليس المدارس فقط .
ثالثا : البعض يلوم المعلمين والمعلمات و يرمي النعوت للأسف، فكيف يمكن لمعلم أن يدير صفا به أكثر من 40 طالبا في سن المراهقة، ومتباينين في المستويات ومختلفين في الأخلاق و الآداب، في حين الأب ذاته لا يستطيع أن يربي أولاده وعددهم لا يزيد عن 5 أو أقل من ذلك، هنا مفارقة غريبة وعجيبة ، بان الأب نفسه الذي يعجز عن تربية ابنائه، يلقي باللوم المعلم و المدرسة التي تضم أكثر من 1000 طالب او طالبة.
رابعا : يجب أن ندرك بأن التربية و التعليم أو المدارس لا تسطيع أن تخصص لكل طالب و طالبة حارس أمن " بودي جارد " كما يقال، لكي يتابعه و يحرسه من أن يتحرش فيه زميله، أو يتعاركوا في فناء المدرسة أو خارجها، فليس هناك في العالم مثل هذه الخدمة، فعلى من يخاف على أبناءه أن يخصص لهم مثل هذه الحراسات قبل أن يطالب الوزارة التي لديها أكثر من 700 الف طالب بتوفير الامن و غيره للطلاب.
فبعض الطلبات للأسف تتجاوز المنطق والواقع وتعكس عدم الواقعية التي يجب أن يتحلى بها الجميع بدون تجريح للغير، بعدم القيام بواجباتهم، ثم نتسآل إذا لم تكن مثل هذه الممارسات في فناء المدرسة أو خارجها، لن تكون في الاحياء و الحارات أو الأزقة أو الملاعب والاماكن العامة.
وهنا يتضخ لنا بأننا فقط دعاة اللوم والتنكيل بالآخرين ونتفنن في نقد الآخرين، من دون تحميل أنفسنا أدنى دور للأسف، وإلى متى سنظل بهذه السلبية القاتلة التي لا تبني مجتمعا صحيا يقوم بدوره، و ينهض بمسؤولياته.
بل علينا ان نخف على التربية والقائمين عليها و نلتمس العذر لهم امام هذه المسؤوليات الجسيمة، ونكون عونا لهم لا فرعوناً عليهم، و نضع انفسنا مفي مكانهم، ونحكم بانفسنا اذا في استطاعتنا ان نضبط ايقاع هذه الاعداد او نراقبها فردا فردا، عندها لن تأخذنا العاطفه بالتعليق الشاذ والنقد غير الإيجابي لمجرد مقطع، الذي لن يهز ريح التربية والتعليم ولن ينال من اخلاق العمانيين .
و الله على ما اقوله شهيد.