فريد أحمد حسن
الزائر لصفحات العمانيين من كل الأعمار والمستويات ، ذكورا وإناثا ، في التويتر بشكل خاص يلاحظ أنها لا تخلو من صورة لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ،ولا من استشهاد بأقوال جلالته في مختلف المجالات والمناسبات ، ولا من إشادة بأفعاله وإنجازاته، الأمر الذي يثير الفضول لمعرفة سر العلاقة الحميمة بين المواطن العماني وجلالة السلطان ، ذلك أن هذا النوع والمستوى من العلاقة بين المحكوم والحاكم يعتبر نادرا ولم يتوفر منه أمثلة صريحة على مدى التاريخ .
ربما يفسر ضيقو الأفق وغير العارفين بعمان وشعبها وقائدها الأمر تفسيرا سالبا ولعلهم يقولون إنه ربما كان ناتجا عن خوف من عقاب متوقع أو خشية من لوم وعتاب أو أنه يدخل في باب المجاملات وطبيعة الإنسان العماني المسالم دائما والقانع بكل شيء، لكن هذا أمر بعيد تماما عن الواقع والحقيقة لأن ما يقوم المواطنون بنشره في صفحاتهم تلك ليس فرضا وإنما هو بمبادرة شخصية منهم للتعبير عن حبهم لقائدهم الذي يفتخرون به ، ولوطنهم الذي يشاركون في بنائه وأعزهم وفرض احترام العالم كله لهم .
الشعب العماني بطبيعته محب للآخرين ، فكيف لا يكون محبا لوطنه ولقائد وطنه الذي وفر مثالا ونموذجا وعمل على تميز الإنسان العماني وتميز السلطنة وتقدمها؟ كيف لا يكون محبا لوطنه وقائد وطنه وهو يرفل في أثواب الخير على اختلافه وينعم بالأمن والاستقرار ويعيش بعض مستقبله حاضرا ؟ كيف لا يكون محبا لوطنه وقد تربى ونشأ وترعرع في جو مليء بالحب وتوفرت له كل الظروف التي تعينه على العيش بكرامة ؟ وكيف لا يكون محبا لقائده وقد هيأ له كل الظروف التي سهلت له الحياة ومكنته من التعامل مع أدواتها وأتاحت له فرصة العطاء والإسهام في الحضارة الإنسانية ؟
كل من تمكن من العمانيين من أداة تعبير معينة وظفها لترجمة مشاعره تجاه راعي السلطنة وبانيها ؛ الشاعر بقصائده ، والناثر بعباراته الرشيقة ، وكل حسب اختصاصه وقدراته . وكل من لم يتمكن من تلك الأدوات تمنى لو أنه كان متمكنا منها أو من غيرها وتمنى ألا يكتفي بنشر صورة لصاحب الجلالة أو عمل "رتويت" لعبارة وجد أنها تعبر عنه.
علاقة المحبة بين الإنسان العماني وباني عمان الحديثة وقائدها علاقة حقيقية وحميمة وصادقة ، ونشر صور صاحب الجلالة واختيار عبارات من أقواله في مختلف المناسبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهاهو للتعبير عن هذه العلاقة الجميلة وغير العادية التي تربط المحكوم بالحاكم وللتفاخر بجلالته وبما قدم للسلطنة وشعبها خلال أربعة عقود فقط .
جانب آخر مهم ينبغي الإشارة إليه في هذا الخصوص ، فأقوال صاحب الجلالة السلطان المعظم كلها حكم وقواعد حياة ورسائل مكثفة ،نشرها يفيد كل إنسان ، وإعادة نشرها يغرس في نفوس الأجيال الجديدة كل القيم التي سعى جلالته إلى غرسها ، وسعت عمان إلى رعايتها وجعلها منهج حياة لأبنائها . قول جلالته "إن المجتمعات التي تتبنى فكرا يتصف بالتشدد والتطرف والغلو إنما تحمل في داخلها معاول هدمها ولو بعد حين"قول يطرح قضية مهمة وخطيرة إن لم يلتفت إليها ضاع المجتمع وخسر الوطن ، حيث تبني المجتمع للفكر المتشدد والتطرف والغلو من شأنه أن ينتج مجتمعا خاسرا ، إن لم يكن اليوم ففي المستقبل القريب. أهمية هذا القول تكمن أيضا في أن جلالته طبقه على أرض الواقع وشكل من خلاله سلوكا موجبا التزم به المواطن العماني فصار محميا من كل تشدد وتطرف وغلو ، واستمر كما هو على مدى التاريخ متسامحا ومحبا لوطنه وللآخرين .
صفحات العمانيين في التويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي لا تخلو أيضا من مناظر تبين سحر وجمالا لطبيعة في عمان، هذا ينشر صورة للبحيرات الوردية بمحافظة الوسطى ، وذاك ينشر صورا في غاية الروعة والإثارة تبرز جمال الطبيعة وسحرها في صلالة وغيرها من المناطق في السلطنة ، هذا يبرز الجانب الثقافي بما ينشر من صور ولقطات للأوبرا السلطانية وللندوات ، وذاك يبرز الجانب الرياضي ، وكلهم يبرزون ما يتميز به الشعب العماني من أخلاق وعادات وتقاليد ، مساهمين بذلك ، بقصد أو من غير قصد ، في الترويج لعمان ومتفاخرين وحامدين الله وشاكرين على ما أنعم عليهم وعلى بلادهم من نعم كثيرة .
لكن هذا لايعني أن صفحات العمانيين في وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة التويتر تخلو من الانتقادات للحكومة وإبداء الملاحظات ، فهذا الأمر متوفر وبسخاء لافت ، ولكن مع فارق مهم هو أن العمانيين يتناولون كل الموضوعات ب"ذرابة" تعبر عن أخلاقهم العالية فلا يتجاوزون ولا يسيئون إلى الآخر، حيث الغاية من تلك الكتابات هو إيصال الملاحظة ولفت انتباه المسئولين إلى مكامن الخلل والخطأ وليس التشهير بهم أو بالمؤسسات التي يديرونها ، وهذا أمر أتاح لهم الكتابة عن كل شيء وبلا تردد ، فعندما يتناول الفرد بنقده الموضوع وليس الشخص وليس الجهة فإن ما يكتب يجد قبولا وترحيبا ويجد الخلل طريقه إلى الإصلاح .
واقع جميل مليء بالمحبة يعيشه الشعب العماني ،ومشاعر جميلة يترجمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعبر من خلالها عن اعتزازه بوطنه وعن فخره بقائد الوطن ورمزه ، لذا فإن كل صفحات العمانيين في كل وسيلة تواصل لا تخلو من مظاهر التعبير عن هذا الحب غير العادي للسلطنة وباني السلطنة وراعيها .
• كاتب بحريني