التنفيذ.. تلك هي القضية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٨/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٤٥ م
التنفيذ.. تلك هي القضية

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

أسعدتني رسالة من مسؤول أثق أنه يعمل بجهد وإخلاص، ولديه رؤية مجددة لمسار العمل التنموي في البلاد، أعجبته الأفكار التي كتبتها أمس، ويقول إنها مطروحة على بساط البحث، إنما المشكلة في سرعة التنفيذ.
وبحكم صراحتي كتبت له "لذلك سبقنا الآخرون"..
لم يعد غياب "سرعة التنفيذ" مشكلة بسيطة بل أزمة أعدّها "وطنية" لتأثيراتها على مواقع شتى في صنع التنمية وتوسع مداركها ومداراتها على مستوى السلطنة، فالمعالجة أراها تبدأ من التحول من السير البطيء وفق شعار مستهلك "عدم حرق المراحل" إلى اجتياز آخر تحتاجه مسيرة البناء بعد 46 عاما من عمر النهضة المعاصرة، وما كان ممكناً في المرحلة الأولى تجاوزه العالم في راهنه وهو يبحث عن مصالحه الاقتصادية لأنها أساس الاستقرار السياسي أيضا، وبينهما الاستقرار الاجتماعي.. وهو المعوّل عليه في أية تنمية.
لماذا تأخذ المشاريع عدة سنوات بينما نسمع ونقرأ عن تجارب بلدان كلفة مشاريعها أقل منّا بكثير، ووقت تنفيذها لا يقارن بما هو الحال في أجندتنا، والمشكلة الأعمق هي الخطوات التي تسبق إقامة المشروع، حيث التأني حدّ الضجر، والمراسلات المتتالية، وتأتي مرحلة إعداد الدراسات الاستشارية، ثم الخرائط، والمناقصات والإسناد، وعشرات الخطوات التي لا تكفي عن إجراء "أوامر تغييرية" ترفع الكلفة، كون المشروع "حكومياً"، وكما يقول البعض "الحكومة خيرها فاضل" بخاصة على من يجيد السير في مسالك هذا الخير والكسب منه!
كيف نفعّل ما قلناه كثيرا من مفردات كـ "التخطيط السليم" و"الجودة" بما يضمن خروج المشاريع من أدراجها سليمة ومعافاة، وبزمن نحتاجه في زمن تقلبات أسعار النفط وتصاعد حجم التحديات، ولدينا من المقومات البشرية والطبيعية والهمم العالية ما نستطيع به أن نحرق المراحل ونجتاز بواباتها بسرعة، إنما يلزم ذلك صياغة معاصرة لدورة العمل، قباطنتها من الشباب المتعلم والواعي، نتاج النهضة المعاصرة، والمطلعين على تجارب دول عدة، والممتلكين لحماسة تستحقها عمان لانطلاقة تواكب حركة النمو العالمي، ولا تخضع لميزان الذهب الأسود، صعودا ونزولا.
هي معركة تجسير الهوّة بين المؤسسات اللازم اعتمادها لأي مشروع، لا ندخل في مقاسات النكتة الهزلية التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي لطلب فتح مقهى شاي "كرك" حيث يلزم المرور على عدد كبير من المؤسسات الحكومية، بينما يمكن في بلدان أخرى فتح شركة خلال ساعات!
يقول المسؤول الحكومي إن الرهان حاليا على عامل الوقت لتفعيل دورة المشاريع بخاصة تلك التي يمكنها أن تصب في صالح المواطن والاقتصاد الوطني بشكل عام.. وصناعة السياحة والترفيه أولها لأنها وقود المستقبل، والنظر إلى الطاقة الشمسية كحلول بديلة تحتاج إلى تسريع أكثر لأن الدولة تخسر كثيرا في دعم قطاع الكهرباء، ومع التوسع العمراني والسكاني ستبدو الفاتورة أكبر، بما يمكن أن يحوّل عبئها إلى كتف المواطن ليحمله، وقد ناء بحمل كثير.